أول مرة إرتديت فيها الكمامة "قناع الوجه" شعرت بالاختناق، حتى أوشكت على الفطس، فهل لذلك صلة برهاب الاحتجاز أو رهاب الأماكن المغلقة؟، إذا تأكد ذلك ستكون أول حالة مسجلة لمرض جديد هو "رهاب الكمامة" .
بدأت بارتداء الكمامة لدقائق، ثم أنزلها للأسفل لأملأ رئتي بالهواء ، ثم أعود لارتدائها بسرعة، كالتلميذ الذي يغش في الامتحان، وبعد محاولات مستميتة، تمكنت من تحمل الكمامة لعدة ساعات.
تذكرت مقطع فيديو لأحد الأطباء يوضح فيه كيف تعرف الكمامة الأصلية، قال يومها أن الأصلية إذا حاولت النفخ فيها لن يمر الهواء للجهة الأخرى، وتساءلت .. كيف لهذه الكمامة التي تمنع مرور الفيروس أن تمرر الهواء كي أتنفس؟ .
في البداية كنت أرتدي الكمامة بطريقة خاطئة، والسبب الصيدلانية التي أشتري منها الكمامات سامحها الله، فقد أخبرتني أن الوضع الصحيح أن تكون الجهة الملونة في الداخل، ولكن بعد استشارة زميلها الصيدلي في الفترة المسائية أخبرني العكس.
وبعد سؤال عدد من الصيادلة ومراجعة صور العاملين الصحيين الذين يرتدون الكمامات والتي تتناقلها وكالات الأنباء، وتفقد الطريقة الصحيحة على "يوتيوب" أدركت أن الجانب الملون يكون في الخارج. الغريب أنني بعدما أصبحت أراقب كمامات الناس لمعرفة هل يرتدونها بطريقة صحيحة أم لا ؟ أدركت ان الكثير منهم يرتدونها خطأ.
في الشوارع تتعدد الأقنعة من حيث الأنواع والأشكال ، لترسم لنا شيئا أشبه بالخريطة الاجتماعية، فالبعض يرتدي القناع العادي، والبعض يرتدي البلاستيكي المدور الذي يجعل الإنسان مثل البطة، والبعض يرتدي قناعا يدويا مصنوعا من القماش، هناك من يرتدي قناعين الأول العادي ويزيد عليه حاجزا بلاستيكيا شفافا لحماية الوجه،، فيما يرتدي الميسورون قناع N95 الذي يعتبر كاديلاك أقنعة الوجه، أما الغلابة فيلتحفون بأي قطعة قماش تقضي الغرض.
تذكرت ذلك كله عندما رأيت العاملين الصحيين الذين يرتدون هذه الكمامات لساعات تربو على الـ 12 ساعة في اليوم، ويواجهون الموت في كل لحظة في الخطوط الأمامية في المستشفيات في معركة يومية ضد الفيروس.
تذكرت ذلك ، عندما رأيت الأخاديد العميقة التي حفرتها الأقنعة على وجوه الممرضين والممرضات، والتي وصلت في بعض الأحيان إلى جروح دامية، وتصورت هذه الممرضة الجميلة التي كانت حريصة دائما على العناية ببشرتها ووضع الكريمات المرطبة عليها، وكريم الأساس والمكياج، كيف تشعر عندما تعود للمنزل وتخلع القناع ، وتنظر في المرأة؟، تصورت كيف تضمد جراحها لتهدأ قليلا، ثم تعود كما كانت مع ارتداء قناع الملح مرة أخرى في يوم جديد؟.
تحية إلى العاملين الصحيين الذين يقضون الساعات الطويلة في خطوط المواجهة، يتحملون البعد عن الأهل، والتعب والقلق والجروح العميقة، يموت البعض بين أياديهم بعيدا عن أحبتهم وهو موقف نفسي ليس بالهين، كل ذلك من أجل أداء مهمة عظيمة وهي إنقاذ الإنسانية.
تاريخ الإضافة: 2020-05-11تعليق: 0عدد المشاهدات :1328