لماذا أنا ..؟! أنا لم أشأ أن أغضبهم ، ولم أفعل ما يضايقهم .. فى الشارع وحدى . لم أتكلم مع أحد، ولم أقابل أحدا، ولم أستمع إلى أحد .. وإذا أبصرت أحدا أغمض عينى وأجرى .. باقصى ما لدى أجرى , وحين تنقطع أنفاسى , لا أنظر ورائى، ولا أمامى ولا شمالى ولا يمينى . أمسح عرقى , وأسحب كميات من الهواء واعبئها فى رئتى , تكفينى لموصلة الجرى مرة اخرى .. لماذا أنا ؟! أنا لم أشأ أن أغضبهم ، ولم أفعل ... فى البيت وحدى .حتى إذا اقتربت امرأتى منى مبتسمة – وقلما تفعل – أسدل عتماتى، وكلما رفعت إحداها ، وتجاهد لرفع الأخرى والأخرى ، حتى توشك الدخول فىّ يوقعها الوهن، فترمى شحمها جوارى هامدة ، وأراها تتقلب .. أظن اننى رأيتها تتقلب جوارى دون أن تلمسنى . وفى الصباح تستغرب من وجودى وكذلك أنا أستغرب، ينظر كلانا إلى نفسه دون أن ينبس ، وكثيرا ما نفعل . .. لماذا أنا ؟ّ! أنا لم أشأ أن أغضبهم ،... تبنا لى . رأيتهم . نعم رأيتهم .. كانوا عرايا .. فى عز النهار عرايا ، غصبا عنى رأيتهم - الخراء فى مؤخراتهم - المصاصات فى أفواههم - الحمير –على مقربة منهم – يعلو نهيقها .. ثم ما تلبث أن تتشممهم - بعض أشلاء لبقايا آدمية متناثرة – فوق عشب – حتى أرجلهم - راحة صراخ وعويل وأصوات نتنة - عشب أو صحراء، مساحات شاسعة تعبرها عواطف شتى، وشمس معتمة، حولها بقع حمراء داكنة باصفرار كأن السماء انطبقت والأرض انشقت او بقبقت وانفرجت عنهم . أو كأننى لست هنا .. قلت لهم .. أنا لم أر.. غصبا عنى .. رأيت ورشحت دما مما رايت . كلكم متشابهون . لم أميز فيكم أحد بعينه . أنا ما رايت احد .. انا ما رايت وما سمعت .. تبا لى . لماذا - اذن - أنا ؟! انا لم اشأ أن .....ودائما وحدى. وكثيرا أراهم يحاصروننى . أينما كنت يحاصروننى الغريب أنا بينهم تتشابه ملامحنا حينا , وتتباين حينا .. غير انى لست مثلهم
ولا أدرى ما يدفعهم نحو محاصرتى بهذا الشكل، ولم أحاول التخلص منهم والابتعاد عنهم رأيتنى بينهم هناك. رأيتنى بينهم هنا .. هم دائما حولى وأنا دائما بينهم أجرى وأجرى . هكذا دون أن أدرى .. انا وحدى . فى الصباح وحدى فى المسا وحدى .. لم أتضايق ولم أغضب , ولم أسال أحدا فيهم عن السبب وفى كل مرة قبل ان اجرى اقول لنفسى بعد أنا ألم طولى وعرضى : -لابد أن أعرف - لماذا أنا وحدى ؟! - ولماذا انا أجرى ؟! - ولماذا أنا بينهم وهم يحاصروننى ؟ّ!
ـــــــــــــــــــــ
إيهاب الورداني كاتب وناقد أمين صندوق نقابه اتحاد كتاب مصر
تاريخ الإضافة: 2019-03-10تعليق: 0عدد المشاهدات :1017