تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



تحت التبريد | الأمير كمال فرج


على غرار حظر التجول، هناك من يمارس حظر التفكير، وإذا كان الأول "قد" يكون مبررا، في حالات استثنائية في أوقات الانفلات الأمني، وذلك بحصار الخارجين على القانون، وتسهيل ضبطهم ..، والهدف العام حماية المجتمع، فإن حظر التفكير لا يمكن أن يبرر، لأن التفكير عملية لا تخرج عن "دماغ" المفكر، وقديما قالوا حريتك تنتهي عند حرية الآخرين. التفكير حق من حقوق الإنسان بل والحيوان.

يمارس حظر التفكير على نطاق واسع في العالم العربي. لأن الأنظمة تعلم قوة الفكرة، فالفكرة أقوى من الرصاص والبارود. الفكرة تشبه الرياح، والعواصف، والظواهر الطبيعية لا يمكن حصارها أو التنبؤ بقوتها.

 حظر التجول رغم تبريره أحيانا ، يعطل مصالح الناس، ويحولك إلى كائن مسلوب الحرية، ففي الساعات المعلنة لحظر التجول لا يمكنك أن تنزل إلى الشارع أو تذهب إلى بقالة أو مدرسة، أو تخرج للسهر مع الأصدقاء .. وفي بعض الأحيان لا تتمكن من الذهاب بطفلك إلى المستشفى.

 ولكن حظر التجول مهما كانت سلبياته لا يقارن بحظر التفكير الذي يضيق الخناق والحصار على عقلك وروحك. فيشل إرادتك الداخلية .. ويجعلك كالميت الحي.

العرب يخافون من الأفكار أكثر من خوفهم من السلاح، لأنهم يعلمون أن الثورة فكرة، والنضال فكرة، والحرية فكرة، وأن الفكرة البسيطة التي قد تترجم في سطر أو اثنين يمكن أن تتسبب في زلزال وتسونامي يفوق الذي ضرب فوكوشيما اليابانية.

 العرب يخافون من الأفكار، يمنعون دخولها من البر والبحر والجو، وينتشر الرقباء في كل مكان ليطبقوا القانون، ويمنعون أي فكرة تكون خطرا على أمن البلاد.

 ومارس الرقباء العرب القمع الفكري لسنوات طويلة، حتى إن المعلومة الخاصة بالبلد في يوم من الأيام كانت تأتي من خارج البلاد. ومن أمثلة ذلك أن إذاعة لندن كانت في أحد الأوقات المصدر الوحيد الموثوق لمعرفة الخبر الذي يحدث في قلب القاهرة.

 التفكير أمر إلهي، وأول تكليف ديني هو "القراءة" .. والقراءة ليس هدفها التسلية وتمضية الوقت، ولكن هدفها التفكير، لقد دعانا الله تعالى إلى التفكر والتدبر في أمور الكون، وأمرنا بالاجتهاد، والتفكير أيضا علامة على وجود الإنسان، يقول الفيلسوف ديكارت "أنا أفكر إذن أنا موجود"، بالتفكير حكم الإنسان الأرض، وتفوق على الكائنات الأخرى الأكثر قوة في الغابة، ولولا العقل الإنساني لحكمت الكائنات القوية البشر، وصار الإنسان عبدا للأسد والنمر والفيل.

 ولكن المسلمين الجدد نبذوا التفكير، وحرموا الاجتهاد، وأقروا تبعية الفكر للفكر، ومارسوا أقسى أنواع الوصاية على الطفل والمرأة والمجتمع. في العالم العربي فقط يمكن أن يضطهد الإنسان ويطرد من عمله، ويسجن، بل ويقتل بسبب رأيه.

بالغ الطغاة في استعداء الفكر، حتى عم الغباء، وظهرت ظاهرة غريبة وهي "التغابي"، وهي ادعاء البعض للغباء حتى يفلت من العقاب.

وكانت النتيجة ظهور أجيال كاملة لا تقرأ ولا تفكر، أجيال منقادة لا تعرف عن واقعها شيئا. أجيال غير قادرة على صناعة المستقبل. ودول كاملة مستعبدة مربوطة من أعناقها بالسلاسل، لا تملك من أمرها أو مستقبلها شيئا.

 ولكن مع ظهور التقنية انهدم حاجز القمع،  وشهد العالم الانفجار المعلوماتي الذي يشبه الانفجار العظيم، وتسبب ذلك في تحرك العقل،  وبدء آلة التفكير الصدئة في ممارسة دورها الطبيعي الذي منعت منه خمسين عاما، وكانت النتيجة الحتمية ثورات الربيع العربي.

العالم العربي المستبد لم يعرف التفكير على مر تاريخه، لقد كان التابو عناصر ثلاث، الجنس والسياسة والتفكير، أخطر شيء على عدوك أن تفكر، لأن التفكير سيدفعك إلى معرفة حقوقك، ومن ثم ستطالب بها.

 مارست الأنظمة العربية الوصاية على الشعوب، وحاولت أن تبقي الأدمغة تحت الرقابة وتحت التأثير، تحت مسميات مختلفة منها الأبوية والاحترام  والولاء والمرجعية العائلية أو المذهبية .. رغم أن الإسلام حرر الإنسان.. الجميع أمامه سواسية .. لا فرق لأحد على آخر إلا بالتقوى. خدعت الأنظمة شعوبها بالأبوية الزائفة، ولعبت معها دور المشعوذ الذي يضلل الزبون الساذج، ليبتزه وينهب منه الأموال.

 أهم مكسب حققته الثورات العربية أنها حررت العقل العربي. ليس فقط في الدول التي ثارت. ولكن أيضا في الدول الأخرى التي تنتظر. أفاق الشعب العربي ونفض الجليد عن جسده المسجى، وتمرد على طقوس الوهم والشعوذة والأحلام التي لا تجيء، وبدأ يتفحص لأول مرة حاضره . ويسأل عن مستقبله.

بدأ التفكير واستعادت الشعوب العربية عافيتها، وبدأت مرحلة جديدة من المستقبل .. ، ولكننا بحاجة إلى تعويض ما فاتنا والعقود الطويلة التي قضيناها تحت التبريد.

 نحتاج إلى التوعية بأهمية التفكير، وطرقه وجدواه، كيف أقرأ وأرى وأقارن وأصنع رأيا جديدا. نحتاج إلى دروس في المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية وبرامج محو الأمية تعلم الأجيال كيفية استخدام أهم عضو في جسم الإنسان وهو العقل،  .. بالتفكير ستحل مشكلات الإنسان، وتنهض الأمم،  ويستعيد الإنسان المكانة التي يستحقها بين الكائنات.
تاريخ الإضافة: 2014-04-04 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1152
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات