على مدى السنوات الماضية نشرت خلال عملي الصحفي العديد من الإحصائيات العالمية، وكانت البحرين كثيرا ما تتصدر في مجالات مختلفة، وكنت كل مرة أتوقف متعجبا من هذا التقدم العالمي الذي تحرزه هذه الدولة الخليجية العربية الصغيرة، وكانت آخر الإحصائيات منذ أسابيع أطلعني عليها زميلي المترجم المخضرم محمد أبوالقاسم ، وكانت البحرين فيها الدولة الأولى التي يفضل المغتربون العيش بها.
كانت البحرين دائما في الذاكرة مرادفة لصيد اللؤلؤ والكيانات الاقتصادية العصامية التي بنيت نفسها بالجد والكفاح، والعائلات التجارية التي توارثت المهارة في التجارة والاستثمار، كانت المنامة في الذاكرة هي الحركة الثقافية الموارة بالأفكار، والتي أفرزت العديد من الأسماء، بدءا من الشاعر إبراهيم العريض، ومرورا بالشاعر عبدالرحمن الرفيع، وليس انتهاء بالشاعر قاسم حداد مؤسس "جهة الشعر" الموقع الأدبي الرائد الذي توقف بعد 20 عاما من الإبداع والتاثير، والبحرين بالنسبة للنساء هي الذهب البحريني الذي أصبح له شهرة عالمية.
منذ 15 عاما قابلت في جدة الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في مملكة البحرين، وهو نموذج للجيل الجديد الذي يقود بلدانه بوعي ومسؤولية ، ومنذ 10 سنوات زرت المنامة زيارة ترانزيت سريعة، وبتنا فيها ليلة واحدة للراحة في فندق "الدبلومات"، ورغم قصر الوقت تركت الفندق ونزلت أتجول في المنطقة المحيطة التي كانت عبارة عن فضاء كبير.
لذلك سعدت بتلقي دعوة لحضور قمة أمازون ويب سيرفسيز التي أقيمت في المنامة في 30 من سبتمبر الفائت ، لأنها فرصة لرؤية البحرين الجديدة.
حضرت قمة أمازون ويب سيرفسز التي شارك بها هذا العام أكثر من 3 آلاف مدعو من أنحاء العالم ، والتي تؤكد تميز البحرين في سياحة المؤتمرات، كما تكشف الخطى الحثيثة للمنامة لإنشاء أول مركز بيانات للحوسبة السحابية، لتكون مركزا لوجستيا لتصدير التقنية في المنطقة .
تجولت في الشوارع التي تضم العديد من الجنسيات، وتفحصت الوجوه والتجارب وأرقام الشوارع، والبقالات الصغيرة، وباصات المدارس، وجلست طويلا في بوابة البحرين التي تمزج بين الأصالة والمعاصرة .
في المنامة رأيت المساجد والحسينيات والكنائس، وفي المساء استمعنا إلى فرقة موسيقية أجنبية تغني باللغة الإيطالية والبورتوريكية، وأعجبت بهذه التعددية الثقافية التي جعلت البحرين نموذجا رائعا يحتذى للتعايش بين الأديان والمذاهب والثقافات.
في قمة أمازون ويب سيرفسز، استمعت إلى التجربة البحرينية المتوثبة الطموحة، والتي أدركت مبكرا أهمية التقنية، وبدأت في العمل على توطين مشاريعها العملاقة، استمعت إلى قيادات ورواد أعمال ، ولمست في حديثهم أن البحرين حسمت أمرها وأدركت وجهتها الصحيحة لكي تتبوأ مكانها المتقدم في العالم.
وعرفت وقتها سر تصدر البحرين هذه الدولة الخليجية الصغيرة الإحصائيات العالمية، وأدركت عندها أن الذهب البحريني الحقيقي هو الإنسان القادر على تحقيق المستحيل ، وتصدر الإحصائيات العالمية.