يرسل موقع فيسبوك للمستخدمين على مدار اليوم العديد من الإشعارات، حول تعليق صديق، أو طلب صداقة، أو رسالة شخصية ، وبالطبع كل إشعار يكون هناك سبب لإرساله ، ولكن هناك نوع من الإشعارات التطوعية، يرسلها الموقع بهدف توطيد العلاقات الاجتماعية بين المستخدمين .
من هذه الإشعارات تذكير بعيد ميلاد صديق ، ففي كثير من الأحيان يرسل الموقع لك إشعارا بعيد ميلاد صديق ويحثك بلغة لطيفة مشجعة على أن تقدم التهنئة له بهذه المناسبة، حيث يقول "اليوم عيد ميلاد (.....) وآخرون دعهم يعلمون أنك تفكر فيهم" وهناك أيضا ذكرى الصداقة بين شخصين ، والتي يقدم فيها الموقع فيديو مشترك رائع لتوثيق الصداقة مدعم بالصور والجرافيك والعبارات الإيجابية ، ليكون هذا الفيديو تحية مشتركة تستحث كل طرف على مشاركة المقطع والتعليق ، وهو ما يؤدي إلى توطيد الصداقة.
ومن الإشعارات التي توطد الصداقة، إشعار يحثك على ارسال شارة ترحيب بصديق جديد ، وآخر استخدم صديق جديد تطبيق ماسنجر ويحثك على استخدام هذه الوسيلة في التواصل معه" ، حتى الكسالى اخترع لهم الموقع وسيلة بسيطة لإلقاء التحية والتواصل ، وهي "النكز"، وكثير من العلاقات توطدت وقويت وترسخت بهذا النكز البسيط الذي لا يستلزم من المستخدم سوى ضغطة زر.
بعض الاشعارات تحثك على العمل والنجاح ، ومنها "الكثير من المستخدمين يتابعون صفحتك (.....)، عليك باستكمال هذا العمل الرائع"، وهو إشعار طريف يحثك على العمل واستكمال ما بدأته ، ويمتدح عملك بلفظة جميلة ، وهو ما لا يجده الكثيرون من مدارائهم في أروقة العمل الواقعية.
وإشعارات أخرى اكتشفتها ، وهي قيام الموقع بمشاركة صور محددة لأصدقاء آخرين ، رغما عنك، ولكن الموقع يقوم بذلك بصفة تلقائية ، فتفاجأ بوجود إحدى الصور تمت مشاركتها مع صديق دون أن تعلم ، وهذه كلها وسائل لتوطيد العلاقات بين الناس، وتوسع مفهوم المشاركة والتواصل الانساني .
هذه الإشعارات تؤكد أن الموقع التواصل الاجتماعي الذي يتكون من قطع حديدية وأسلاك ورقائق ألكترونية له قلب يشعر ويبادر ، ويعمل على توطيد العلاقات بين الناس ، ويؤكد أيضا أن الآلة ليس كلها شر ، خاصة إذا أمكن برمجتها لتقديم أفعال إيجابية .
الغريب أن البعض ينتقد هذه المواقع لكونها افتراضية. تبعد الناس عن التواصل الاجتماعي الحقيقي في الواقع ، متجاهلين الإنجازات الهائلة التي حققتها في سبيل التقريب بين الناس والبشر ، حيث أصبح التواصل الذي كان في الواقع في المناسبات قانونا اجتماعيا، وممارسة مستمرة أون لاين على مدار الساعة .
الخطير في الموضوع هو تقدم الآلة الذكية ، ليس فقط في أداء الأعمال ، ولكن على صعيد المشاعر والعواطف ، في الوقت الذي تتراجع مشاعر الإنسان الطبيعية .
الآلة تتقدم وتصبح أكثر إنسانية ورحمة ورقي وذوق، والإنسان يتراجع ويصبح أكثر برودة وجليطة وتوحشا وقلة ذوق .. تلك المعادلة المفزعة.
فماهي نتيجة ذلك ؟، لو استمر هذا الوضع لسنوات .. 100 سنة أو حتى 500 عاما ؟ ، ستتقدم الآلة أكثر ويتراجع الإنسان.
ستحكم الآلة العالم ، بأسلاك وقطع حديدية ورقائق ألكترونية دقيقة وخواريزمات مدهشة، بالفكرة والمشاعر الاصطناعية ، بعد أن أهدر البشر أهم القيم التي يمتلكها هي المشاعر الانسانية .
تاريخ الإضافة: 2018-08-04تعليق: 0عدد المشاهدات :1576