تجاوز عدد المتابعين لصفحة "الصحافة" التي أطلقتها على فيسبوك الربع مليون شخص، ورغم فرحي الخاص بهذا العدد من المتابعين، فإن ذلك إضاف لي وجعا من نوع خاص.
فالصفحة تردها مئات الرسائل شهريا، والعديد منها تتضمن مطالبات ومناشدات ومشاكل تدمي القلب، والرسائل لاترد من بلد واحد ، ولكن من بلدان عديدة ، فأقف أمام مشاكل المرسلين وأوجاعهم حائرا، كمن لا يجيد السباحة وأمامه غريق.
معظم الرسائل تفيض بالألم والوجع الإنساني الناتج عن الفقر والعوز، تئن تحت وطأة الفساد والظلم، وبعضها مرفق بمستندات ومقاطع فيديو توثق الموضوع، وتبرهن عليه، ولكن ما باليد حيلة، وكما تقول الأغنية "إزاي حزين يسمع لحزين"، فلست رئيسا أو مسؤولا بيدي إصدار القرارات التي تنصر المظلوم وتردع الظالم، ولست ثريا لكي أساهم في رفع الغمة عن الأسر الحزينة، وأعطي الفقراء والمحتاجين أكياس الأرز والحلوى، أنا إنسان بسيط يكافح كالملايين، لا أملك إلا المباديء التي لا تُؤْكل عيشا في هذا الزمن.
لذلك فكرت أن أغلق الصفحة، وأعتذر لجميع المتابعين، حتى لا أكون بصيص أمل لدى البعض ، وبعد أيام من الإنتظار يشعر المرسل أن الأمل كاذب، وأن القشة التي تعلق بها ماهي إلا سراب ، فيتزايد ألمه ووجعه.
الآن فقط تمنيت أن أكون ثريا ، مليونيرا أو مليارديرا لأكون لجنة لفحص هذه الرسائل ، والتيقن من مصداقيتها ، ومساعدة أصحابها فورا بالمال أو المأوى أو الإجراء الإداري . هنا فقط تبرز قيمة المال الحقيقية، وهي مساعدة الفقراء والمحتاجين، وتخفيف وطأة الحياة عن أسر كثيرة متعففة ليس في يدها شيء سوى إرسال رسالة إلى صفحة على فيسبوك
الآن فقط أحسد الأثرياء الذين يملكون الأموال، لأن بيدهم الفرصة في مساعدة الآخرين بالمال والغذاء والكساء والوظائف، وأي مهمة أروع وأجمل من هذه المهمة على الأرض .
أعرف جيدا أثرياء يكتنزون المليارات ولكنهم لم يفكروا يوما في مساعدة الناس، رغم مئات الطلبات والمناشدات التي تصلهم يوميا من فقراء ومحتاجين ، ورغم أن لهؤلاء حق ، قال تعالي "في أموالهم حقٌ معلوم للسائل والمحروم"، وأعرف في المقابل أثرياء يخرجون كل عام الملايين للفقراء والمعوزين.
ولكن لا أعرف كيف يشعر الثري الذي يكتنز الثروات وتصله مطالبات ومناشدات المحتاجين، كيف يصم أذنه عن أوجاع الناس ؟، كيف يعيش؟ ، وكيف ينام على وسادته في آخر اليوم قرير العين ؟
أنا الإنسان البسيط الذي لا يملك إلا قوت يومه، تؤرقني الرسائل الموجعة التي ترد إلى الصفحة يوميا، وتتراءى في مخيلتي حكايات أصحابها الحزينة، ويؤلمني عجزي عن المساعدة ولو بالقليل ، فمابالك بالثري الذي يكتنز الأموال.
أتمنى أن يجد مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرج حلا لتلك المشكلة، بتدشين نظام عالمي للتبرع ، يتم من خلاله مساعدة الفقراء والمعوزين وضحايا الكوارث في العالم بغض النظر عن الدين أو العرف أو البلد ، وذلك بآليات محددة تضمن التوثق من الحالة ، وتقديم المساعة الفورية لها .
بذلك فقط يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تمارس دورها الحقيقي ، فالتواصل لا يعني فقط الاتصال، ولكنه يعني التآذر والمساعدة . وبذلك أتمكن من النوم لأول مرة دون قلق .
تاريخ الإضافة: 2018-07-07تعليق: 0عدد المشاهدات :1687