الكثير من الناس يتعرضون للظلم والبطش والجور في الحياة، ويموتون بلاثمن، العديد من البسطاء والفقراء تدهسهم عجلات السلطة والنفوذ والقتلة والمجرمين، ويسقطون في رحلة البحث عن لقمة العيش، ويرحلون دون أن يقولوا كلمة، .. فتنطوي المظلمة بوفاة الضحية، وتقيد الدعوى ضد مجهول.
البعض قد يحالفه الحظ ، ويحصل على حقه بالقضاء، أو بقعدة عرب، ولكن كثيرون يغيبون عن الدنيا، وتظل قضاياهم منظورة، وأمامنا الكثير من الأمثلة على القضايا التي تتوارثها الأجيال.
أي نعم الحقوق التي تضيع في الدنيا لا تضيع في الآخرة ، حيث الخالق العظيم الذي حرَّم الظلم على نفسه ، وحيث الرقيب العتيد الذي يسجل كل ما يلفظه العبد، ولكن لماذا لايحصل المظلوم على حقه في الدنيا، وحقه في الآخرة؟.
ذراع الظلم طويلة ونافذة، والظلم في العالم العربي عادات وتقاليد وثقافة شعبية، .. لذلك كله تضيع الحقوق، ويرحل المظلوم دون أن يعلم الناس حجم الجريمة؟، وبسرعة يندس القتلة بين الناس، فلا يتعرف عليهم أحد.
لذلك فكرت في أداة أو وسيلة يدلي بها المظلوم بشهادته، لتبقى بعد وفاته، تفضح الجبناء والطغاة والمجرمين، شهادة يتركها المظلوم في الدنيا قبل أن يرحل إلى إله العدل والمساواة والرحمة.
بعض الكتاب والشخصيات العامة تمكنوا من ترك مذكراتهم وسيرهم الذاتية في كتب مطبوعة، فأضاءت لنا هذه الكتب مساحات مخفية ليس فقط في حياتهم، ولكن في العصور الاجتماعية والسياسية المحيطة، والبعض الآخر توفرت له منابر إعلامية محايدة قدم من خلالها شهادته على المجتمع والأحداث التي مر بها، ولكن الغالبية ترحل دون أن تقدم شهادتها، أحيانا لعدم وجود الوسيلة، أو للتكلفة الاقتصادية لذلك، وفي أكثر الحالات لعدم وجود ثقافة التدوين والاعتراف، وشيوع ثقافة الجرسة والخوف من الفضيحة .
ومهما اختلف الناس مع هذه الشهادات، وبغض النظر عن حجم الصدق فيها لا ننكر أنها كشفت الكثير من المعلومات والأحداث التي كان الموت يستعد لطيها في غياهب النسيان.
أيام الأجداد كانت هناك عادة تدوين اليوميات، ورغم بساطة العادة واقتصارها على التواريخ والأحداث المهمة ، كانت أحيانا تتعمق ، وترصد المشاعر والأفكار والأحداث والآراء ، وفي بعض الأحيان كانت ترتقي لتكون شهادة على العصر .
لذلك كله فكرت في أداة لتدوين المظالم واعترافات الناس، ورسائلهم الأخيرة قبل الموت، وإذا كانت هذه الأداة من الصعب وجودها في الماضي لأسباب اجتماعية وثقافية ورقابية، فإن ظهور الإنترنت يجعل هذه الأداة ممكنة.
أتمنى أن أرى على شبكة الإنترنت يوما موقعا ضخما لتدوين الاعترافات والمظالم والشهادات بأسماء أصحابها، بالوثائق والصور، ليكون هذا الموقع أكبر سجل إنساني معاصر يوثق حيوات الناس ، ومظالمهم ، وشهاداتهم على الحياة والمجتمع .
تاريخ الإضافة: 2018-06-23تعليق: 0عدد المشاهدات :1726