الحكم أطلق الصافرة ، فتأهب الجمهور، وخيم الصمت على مدرجات الملعب الكبير الذي كان للتو يضج بصيحات المشجعين، وانصبت العيون كلها على اللاعب الذي سيقوم بضربة الجزاء ، وحارس المرمى المراوغ يتحرك يمنة ويسرة محاولا توقع وجهة الكرة .. ، التوتر على وجوه الجميع ، فهذه ضربة الجزاء الأخيرة ، لو أصابت لفاز الفريق، ولو خابت لخسر .. ولكن بعد ثوان كأنها الدهر يتحرك اللاعب ويضرب الكره ، فتطيش، وينهار الجميع.
هذا الموقف يحدث كثيرا في حياتنا ، عندما يهدر الإنسان الفرصة تلو الأخرى ، وعندها يضيق الطريق وتقل الخيارات ، ويكون أمامك في النهاية فرصة أخيرة ، وبدلا من أن تنتهزها ، وتقتنصها بقوة ، تتعامل معها بلامبالاه واستهتار ، فتضيع بيدك فرصتك الأخيرة .
أي نعم، كل شيء قدر ، والحظ يسيطر على جانب كبير في حياتنا ، وضياع الضربة الأخيرة قد يكون على سبيل الحظ ، أو قوة الخصم ، ولكن هذا لا يعفيك من مسؤولية الخسارة، لأنك من تركت الأمور إلى هذا الحد ، فقلت الخيارات، لتقف أخيرا أمام خيار وحيد، إما أن تفوز أو تخسر، تهاونت وضيعت الفرص طوال المبارة ، لينتهي بك الحال أمام ضربة جزاء أخيرة، وهذا خطأ إستراتيجي .
ألم ترى في أفلام الأكشن ، كيف يحتدم العراك بين الجندي والعدو ، حتى تتبقى أمام الجندى طلقة واحدة، ولكن الحبكة الدرامية تقضى أن تطيش الطلقة الخيرة ، لتضيع فرصة إنقاذ العالم.
ألم ترى الطالب الذي يهمل المذاكرة ، ويقضى العام في اللعب واللهو والخروج مع الأصدقاء ، ولا يفيق إلا عند اقتراب الامتحان ، عندها يضيق الوقت ، وتتأزم المشكلة ، ولكنه بدلا من أن يتدارك الأمر ، ويعلن الطواريء ويقتنص الفرصة الأخيرة، ويعكف على التحصيل ، ليدخل الامتحان وينجح ، يستمر في تهاونه ، فيدخل الاختبار ، ويكون الرسوب الكبير.
يجب أن تعمل من البداية ، منذ اللحظة الأولى ، لا تقل أمامنا الوقت، وأن الأمور تأتى بالتدرج ، وأن في العجلة الندامة ، إذا دخلت المباراة إلعب من اللحظة الأولى، عندها ستكون أمامك العديد من الفرص ، ويكون إحتمال إحراز الأهداف أكبر ، ألم ترى في بعض المنافسات كيف أحرز فريقا الهدف في الدقيقة الأولى من المباراة ؟، هكذا يجب أن نتعامل مع الحياة.
دعك من التخطيط والتمهيد والاستعداد والتسخين وغيرها من المصطلحات التي تضيع الوقت ، لأنك تتعامل مع قوى أكبر منك مثل القدر والحظ وركام من العادات والتقاليد التي تحارب النجاح، وسلم وظيفي غبي يقهر المبدعين.
على العكس إذا تمكنت من اللعب قبل المبارة فلتفعل ، وأقصد بذلك العمل قبل الوقت اللازم لذلك مثل العمل أثناء الدراسة قبل التخرج، والزواج المبكر، والحصول على عامين دراسيين في سنة واحدة، وتجهيز الماجستير أو الدكتوراه في وقت قياسي .
الحياة مباراة كبيرة لن يفوز بها إلا الهدَّاف، وهذا لن يتأتى إلا باللعب من اللحظة الأولى ، عندها ستكون أمامك الفرص الكبيرة ، وتحرز مبكرا الأهداف، وتعفي نفسك من الحسرة والندامة وخيبة الأمل، والوقوف في "خانة اليَّك" أمام حارس مرمى لتطلق ضربة الجزاء الأخيرة .
تاريخ الإضافة: 2018-04-05تعليق: 0عدد المشاهدات :1562