تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الرصاصة في رأسي | الأمير كمال فرج


في لحظة القنص مات القاتل، والضحية دبت فيها الحياة، .. خرجت من الجسد لتدخل كوة  الخلود .. من تعليمات القتل الجبان .. واجه الكلمة برصاصة، والفاصلة بمطواه، والمظاهرة بمسدس خرطوش.

خرج الحسيني أبوضيف من منزله في 5 ديسمبر 2012 ليغطي مظاهرات قرر عدد من الشباب القيام بها أمام قصر الإتحادية الرئاسي، اعتراضا على الإعلان الدستوري الذي أعلنه الرئيس، ومنح به لنفسه سلطات مطلقة.

انطلق وهو يمنِّي نفسه ككل الصحفيين الشباب بسبق صحفي يحظى بإعجاب رئيس التحرير، وخطيبته التي تقرأ ما يكتبه كلمة كلمة، فقد كانا على "وش جواز"، ولكنه لم يعلم أنه التكليف الصحفي الأخير.

سقط أبو ضيف برصاصة في الرأس، صورت كاميرته ذات الطراز القديم وجوه القتلة والمخبرين . القاتل المأجور نفذ تماما نصيحة زعيم العصابة "مش عاوز ورقة واحدة"، فصوب مسدسه تجاه مجموعة من معارضي الرئيس، واستهدف الرأس، وبعد أن سقط الهدف مد يده لينزع الكاميرا الملوثة بالدم والتراب، وركض سريعا وهو يظن أن المهمة نجحت، ولكنه لم يدر أن صورته طبعت على الأسفلت، والأرصفة، والسور الطويل.

أصيب أبوضيف بتهك في عظام الجمجمة، ونزيف بالمخ، وحاول رفقاؤه إسعافه، فرفض أكثر من مستشفى استقباله، وبعد ساعة من الانتظار فاضت روحه إلى بارئها في مستشفى الزهراء التابع لجامعة الأزهر.

أكد تقرير لمصلحة الطب الشرعي أن معظم القتلى الذين سقطوا في عهد الإخوان ماتوا بطلقات في النصف الأعلى من الجسد، مما يؤكد أن القتل لم يكن على سبيل الخطأ، ولكنه كان مدبرا .

قتل الحسيني أمام "الإتحادية" على بعد خطوات من مكتب الرئيس، فهل سمع الرئيس أزيز الرصاصة؟، هل سمع مساعدوه وحاشيته، الكلاب المسعورة وهي تنهش أجساد مواطنيه؟، هل سمع أهله وعشيرته وهم يحتجزون الثوار، ويعتدون عليهم، في حفلة تعذيب في الهواء الطلق تناقلتها وكالات الأنباء العالمية؟. 

في الحروب هناك أدبيات للمنافسة الشريفة، مع الأعداء، كمواجهة الخصم وجها لوجه، وعدم تدمير البيئة، أو التمثيل بالجثث، لذلك كانت مهاجمة الأعزل برصاص حي أسلوب الجبناء.

جريمة "الإتحادية" يجب أن لا تنسى، وأن تظل في الذاكرة كدليل على نظام "الإخوان" الغاشم الذي سرق الثورة، واحتكر السلطة، واستحل دماء المصريين، ووضع البلاد في طريق المجهول.

لقد أدانت المنظمات الحقوقية الجريمة،  من بينها منظمة هيومن رايتس ووتش التي أصدرت تقريرا أدان "الجماعة"، في واقعة الاحتجاز غير القانوني، وتعذيب 49 متظاهرا على الأقل  من المعارضين للرئيس في 5 و6 ديسمبر 2012، وطالب بالتحقيق بها، ومعاقبة الجناة، وأكد مسؤولية الجماعة في التحريض على هذه الاعتداءات.

وبعد مرور ستة أشهر على هذه الجريمة مازال الجناة طلقاء، ولم نرى تحقيقا أمينا لتحديد القتلة والمجرمين، وتحويلهم للقضاء.

غصة أخيرة .. كنت أتوقع من نقابة الصحفيين "بيت الحرية" مواقف عدة للرد على جريمة قتل الصحفي أبوضيف، وغيره من الصحفيين الذين سقطوا على بلاط صاحبة الجلالة على مدى عامين، لأن اغتيال صحفي يؤدي عمله بهذه الطريقة البشعة أمر جلل لا يجب أن يمر دون عقاب.

كنت أتوقع أن ترفع النقابة الأعلام السوداء على مقرها الرئيسي بشارع عبدالخالق ثروت كدلالة على عصر القمع الذي نعيشه الآن، كنت أنتظر أن تنظم مؤتمرا صحفيا عالميا لإدانة النظام الذي اعتدى على الحريات، وحاصر المحكمة الدستورية، والصحف، والقنوات الفضائية، وجعل جريمة "إهانة الرئيس" فزاعة لإرهاب أصحاب الفكر، والرأي، ورجال الصحافة والإعلام. كنت أتوقع موقفا جريئا بفصل الصحفيين المتأخونين الطابور الخامس الذي يهدد الوطن.
رغم أن "الحياد" أهم مرتكزات العمل الصحفي، فإن هذه المرحلة لا ينفع معها الحياد، والتنظير، وبيانات الشجب والتنديد، لأن معركة النظام ليست فقط مع الشعب، ولكنها موجهة بالدرجة الأولى إلى أهم مكتسباته وهي "الحرية".  .. "الحرية" بيتنا، وخبزنا، وملحنا، وشرفنا، والحياد لا يصلح أمام مجرم مسلح دخل عقر دارك. 
الرصاصة في رأسي، ودماء الشهداء تظهر لنا كل يوم، على الأقلام، وحبر المطابع، .. على الفاكس، والكيبورد، وفي اجتماعات التحرير، وتكليفات المكاتب والمراسلين، ستظهر على سلالم النقابة، لتذكرنا دوما بجبننا، وضعفنا، وعجزنا عن حماية أجمل ما نملكه وهو "الحرية".

تاريخ الإضافة: 2014-04-04 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1128
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات