اليوم وأثناء مروري بجوار صندوق القمامة الموجود أمام المنزل ، فوجئت بـ "كارتونة " تحتوى على 17 كتابا من أمهات الكتب، فصدمت، لسببين : الأول إلقاء هذه الكمية من الكتب في "الزبالة" .. فمن طاوعه قلبه على إلقاء عصارة أفكار مؤلفين قضوا السنوات الطويلة في وضع هذه الكتب بهذه الطريقة المهينة، والثاني قيمة الكتب التي تنتمي إلى التراث الأدبي والديني لأمة العرب.
ورغم قلبي الموجوع فرحت ، فقد شعرت أن هذه الكتب هدية من الله ، فأزلت الغبار عنها بتأثر بالغ، وحملتها إلى سيارتي، وفي المنزل قمت بتنظيف أغلفتها الفخمة، ووضعتها في مكان أثير بجوار مكتبي، فهدأت كاللقطاء الذين وجدوا اليد التي تحنو عليهم.
وكانت الكتب هي :
1ـ "شرح العقيدة الطحاوية" ـ الإمام القاضي علي بن علي بن محمد بن أبي العز الدمشقي
2ـ "سبل الإسلام" ـ شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام" لابن حجر العسقلاني" ـ تأليف الإمام محمد بن اسماعيل الصنعاني.
3ـ "التفسير والمفسرون" ـ تأليف المرحوم الدكتور محمد حسين الذهبي .
4ـ "الفرائض" ـ الدكتور عبدالكريم بن محمد اللاحم
5ـ "شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية" ، تأليف الإمام الحافظ شيخ الإسلام محيي الدين أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي الشافعي.
6ـ "أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك" ـ تأليف الإمام أبي محمد عبدالله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبدالله بن هشام الأنصاري المصري ، ومعه كتاب "عدة السالك إلى توضيح أوضح المسالك" وهو الشرح الكبير من 3 شروط ـ تأليف محمد محيي الدين عبدالحميد
7ـ "منار السبيل في شرح الدليل" ـ تأليف الشيخ إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان ، تحقيق يوسف الشيخ محمد (3 نسخ)
8 ـ "الثقافة الصحية والمجتمع" ـ تأليف د . زراق بن عيسى علي الفيفي ، محمد بن محسن العولقي، د محمد عبدالله العبود .
9ـ "الطب النبوي" ـ حققه وضبط نصه وفهرسه عصام فارس الحرنتاني ، خرج أحاديثه وعلق عليها جسان عبدالمنان.
10ـ "شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك"، ومعه كتاب "منحة الجليل" بتحقيق شرح ابن عقيل ـ تأليف محمد محيي الدين عبدالحميد .
11ـ "مباحث في علوم القرآن" ـ تأليف مناع القطان .
12 ـ "الروض المربع لشرح زاد المستقنع" منصور بن يونس البهوتي .
13 ـ "تنقيح الوسيط في علم التجويد" ـ تأليف د محمد خالد منصور
14 ـ "أخلاقنا ـ تأليف الدكتور محمد ربيع محمد جوهري
15 ـ "الشهادة الدولية للحاسب والإنترنت" .
وكما ترى جميعها كتب تتضمن علوما ومعارف وثقافات مفيدة، بعضها مؤلفات، والبعض الآخر تحقيقات وتخريجات وتعليقات لكتب تراثية مهمة.
ولا أدرى ما الذي دفع صاحبها للتخلص منها ؟، هل هو طالب أنهى اختباراته ، فقرر أن يتحرر من الضغوط التي واجهها طوال العام ، فتخلص من الكتب المقررة عليه في أقرب قمامة ؟ كما يحدث من بعض الطلاب في اليوم الأخير للمدرسة؟، أم هي سيدة عصبية قررت إعادة ترتيب منزلها ، فأرادت التخلص من هذه الكتب التي تزحم المكان، فلم تجد إلى الزبالة ؟، أم ترى صاحبها مثقف قضى عمره في القراءة، ثم اكتشف فجأة أن الثقافة لا تؤكل عيشا، فخضع لقانون السوق، فكان مصير الكتب في الشارع، أم أنها "الصحوة" التي سيطرت على الناس لسنوات ، حتى جاءت لحظة الخلاص؟.
محن الثقافة عديدة ، أهمها إنصراف القاريء لمغريات جديدة من بينها الإنترنت، ورغم حدة المشكلة، لم أتصور أن ينتهي الأمر بالكتاب إلى "الزبالة".
يجب أن ننشر ـ للأسف ـ ثقافة جديدة وهي ثقافة التخلص من الكتاب، ووضع إرشادات لذلك، فإذا أراد أحدهم التخلص من الكتاب ، يمكن أن يهديه إلى آخر ، أو إلى مكتبة عامة، ليكون علما ينتفع به.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".