أدهشني جدا مقطع الفيديو الذي تم تداوله مؤخرا والذي يظهر مجموعة من مشجعي نادي ليفربول الإنجليزي وهم ينشدون أغنية يشيدون فيها بنجم ناديهم اللاعب المصري محمد صلاح إبن مدينة بسيون في دلتا مصر الذي حقق العالمية، وأبهر العالم بقدرته الفائقة على المناورة والتهديف.
المدهش في الأمر كلمات الأغنية التي تعني إنه في حال سجل اللاعب المصري المزيد من الأهداف فإن المشجعين سيعتنقون الدين الإسلامي، ويرتادون المساجد.
وتقول كلمات الأغنية :
Mo sa- lah lah lah lah . if hes good enough for yo . hes good enough for me
if he scores another few the i' ll be Muslim too
if hes good enough for you . hes good enough for me
Sitting in a mosque that's where i wanma be
Mo sa- lah lah lah lah
والترجمة :
"محمد صلاح لا لا لا لا. إذا كان ذلك جيدا بما فيه الكفاية لك. فإنه جيد بما فيه الكفاية لي
إذا سجل المزيد من الأهداف، سأصبح مسلما مثله، وسيصبح المسجد مكاني".
والمعنى الذي تظهره هذه الواقعة جديد، فقد تمكن محمد صلاح بما قدمه من أداء رياضي مبهر ، من إثارة إعجاب الإنجليز ، ليس ذلك فقط ، ولكن تجاوز إعجابهم له إلى البيئة المصرية التي خرج منها ، بل والديانة التي يعتنقها وهي الإسلام.
هذه الواقعة تفرحنا لاشك ، وتروي غرورنا كمسلمين ، ولكن الأهم أنها تثبت أن الدعوة للإسلام لا تقتصر على الشيوخ الذين يرتدون العمة والكاكولا ، وأنها تتم في أماكن محددة وهي المساجد، وأنها لا تتم إلا بخطب الوعظ والإرشاد، وأن بوسع أي شخص أن يمثل الاسلام، ويقدم فكرة وافية عنه ، بل ويقنع الآخرين باعتناقه.
هذه الواقعة تكشف لنا خطأ استراتيجيا في فهمنا للإسلام ، وهو أن الوعظ والإرشاد الذي سيطر على مساجدنا منذ 1000 عام هي فقط اللغة القادرة على إقناع الآخرين، وتناسينا المعاملة، والقدوة، والعمل، والأداء، والسمات الشخصية.
اهتم المسلمون بالدعوة الصوتية ، التي تتجسد في الخطب والمواعظ والإفتاء والكتب والمحاضرات التي تدعو غير المسلمين إلى الاسلام ، وأهملوا "المعاملة" التي هي جوهر الدين، فكانت النتيجة انفصال في كثير من الأحيان بين الصورة والواقع ، المظهر والجوهر، لذلك ضعفت الحجة، وغابت الثقة ، وسكنت الريبة، وتوالت الهزائم.
يقول المثل المصري "أشوف كلامك أصدقك .. أشوف أفعالك أستعجب"، وهو مثل يؤكد ضرورة اتفاق الكلام من الفعل ، الشعارات والمواقف ، النظريات والسلوكيات.
في الاعلام يوجد نوعان من الدعاية : الدعاية المباشرة والتي تتجسد في الاعلان ، والاعلان المقنع الذي يقدم لك المعلومة الدعائية داخل وسيلة أخرى مثل المقال أو العمل الفني، والخبراء يؤكدون أن الدعاية المقنعة أكثر تأثيرا من الإعلان المباشر ، على نفس المنوال فإن المعاملة هي "الدعاية المقنعة" وهي أوقع أثرا من الدعاية المباشرة الوعظ والإرشاد.
أتمنى أن تحرك أغنية محمد صلاح النقاش من جديد حول القدوة ومعناها والطريق الأمثل لإيصالها، والدعوة وعناصرها والطرق الفعالة لتنفيذها، وأن نعيد لـ "المعاملة" موقعها وأهميتها في الدين الاسلامي ، بذلك فقط سوف يصدقنا الآخرون ، ليس ذلك فقط بل ويتعرفون على ديننا الاسلامي العظيم، ويسارعون فردى وجماعات لاعتناقه .