الله يسامح، والبشر لا، الغفور يغفر ويمنح الفرصة تلو الأخرى، ولكن العبد لا يغفر، عند أول خطأ يرفع في وجه خصمه الساطور، الاسلام نفسه دين العفو، ولكن المسلمين لا يتسامحون أبدا ، كل منهم يحمل وراء ظهره السوط، يترقب خطأ زميله ليستمتع بدور الجلاد.
لا مجال للحوار أو النقاش أو المصارحة أو المكاشفة أو حرية الرأى، فالأحكام دائما جاهزة، إذا فعل الإنسان كذا عقوبته كذا، دون أن ننظر إلى الواقعة والظروف المحيطة، التفكر والتدبر والاجتهاد تعاليم سماوية، ولكن إذا اجتهد شخص حكم التكفير جاهز، والمشنقة معلقة لكل رأى، حتى ولو كان ذلة لسان.
فمن أين أتى المسلمون بكل هذه القسوة، والاسلام دين الرحمة؟، من أين جاءوا بهذه الغلطة، والاسلام دين اللين والتسامح وإحسان الظن ؟، ومن أين جاءت هذه الدكتاتورية والاسلام دين العدل والحرية ؟، من أين خرجت ثقافة السحل وقطع الرؤوس التي شوهت تاريخ الإسلام؟، وكيف جمعنا بين الجهاد والإرهاب؟، كيف قتل الإبن أبيه، والأب ابنه، والاسلام أمر بالحفاظ على الانسان، والحيوان والنبات؟.
المشكلة ليست في النص، لأن الدين نصوصه واضحة لا لبس فيها، وليست كذلك في الفهم، لأن قواعد التفكير الانساني واحدة ، ولا في اللغة لأن لغتنا العربية واضحة لا تؤول، لا يمكن لأحد أن يطلق على الشجرة سحابة، والجمل عصفورا.
المشكلة لم تكن يوما في المذاهب، ولا الطوائف ، فكل الأديان والمعتقدات في العالم خرجت من ينبوع واحد وهي مصلحة الإنسان، والتعاليم الاسلامية ـ بغض النظر عن أي شيء ـ تهدف إلى خير الانسان ، لا يوجد مبدأ إسلامي واحد يتنافى مع ذلك، فأين المشكلة إذن ؟.
على مر العصور استغل البعض الأديان لتحقيق الأهداف الخاصة ، حدث ذلك في المسيحية، واليهودية، والإسلام، في كل دين يبرز سماسرة يوظفون الدين لتحقيق أهداف مالية أو سياسية أو سلطوية، حتى لو استدعى ذلك تأويل المعاني، وتحريف النصوص .
في كل معتقد كهنة يدعون أنهم وكلاء الله، يمنحون الناس صكوك الغفران مقابل الأموال والقرابين والنذور، يوزعون على البسطاء بركات الوهم، فوجدنا لأول مرة "الاسلام السياسي" ، و"الأحزاب الدينية".
البعض يرى أن المشكلة في الخطاب الديني ويطالبون بتجديده، يتحدث في ذلك كتاب ومفكرين ورؤساء ، وكأن هذا التجديد سيحل مشكلات العصر كالإرهاب والفقر والجوع والظلم الاجتماعي .
ونسى هؤلاء أننا قبل تجديد الخطاب الديني نحتاج إلى تجديد الخطاب السياسي والاجتماعي والعلمي والاعلامي، كل عصر يجب أن تكون له خطابه، يجب أن يواكب الفهم الديني التطور الذي يحدث كل يوم .
ولكن كيف يجدي تجديد الخطاب الديني، والدين نفسه مختطف، كيف تناقش الوسيلة المثلى لتقديم السلعة ، بينما السلعة نفسها مزورة، ومغشوشة، مخلوطة بالشوائب والأغراض؟.
نحتاج أولا إلى استعادة الدين الحقيقي من القراصنة وقطاع الطرق الذين يظهرون في كل بلد، وكل مدينة، وكل شارع، يجب استعادة الدين من الكهنة، والأئمة، والمشايخ، والدعاة، ورجال الدين، والحوزات، والطوائف، وتجار الدين.
وحتى يحين ذلك يجب أن نحتكم جميعا للقرآن والسنة، وإذا أردت السؤال والاستعلام عليك باستفتاء "القلب".
تاريخ الإضافة: 2017-08-21تعليق: 0عدد المشاهدات :1328