سنوات قليلة ويختفي النفط والصحافة والإذاعة والتلفزيون والورقة والقلم، ويبدأ عهد السيارات الكهربية، والذكاء الإصطناعي، والروبوتات البشرية، .. سنوات قليلة جدا، وتصبح أشياء كثيرة في حياتنا جزءا من الماضي.
تلك سنة الحياة، ولكننا كالعادة نكابر، نتمسك ببعض الحلل القديمة بدعوى الحفاظ على التراث، نقف أمام قطار التطور ، ونعتبر التغيير تغريبا، ولا مانع من حشر الدين لنزعم أن هذه المنتجات الحديثة بدعة لم يأتى بها الأوائل، رجسا من عمل الشيطان، فيدهسنا القطار كل مرة ، ولا نتعظ .
شركة فولفو سيارات عام 2019 ستقصر إنتاجها على السيارات الكهربائية ، ولكن كثيرون لا يصدقون ذلك، ويتمسكون بالدابة العرجاء، وشعارهم "من فات قديمه تاه".
يقول الباحثون أن الديناصورات انقرضت بسبب وزنها الضخم، وأن بطء حركتها أدى إلى أن تكون ضحية لكائنات أخرى أسرع، كل منتج لا يتحرك ويطور نفسه ينتهى وينقرض، كل عقل لا يتكيف مع الواقع سيتوقف ـ كما يفعل الزهايمر ـ عند مرحلة قديمة جدا.
انتهزت فرصة الأجازة ، وتفرغت هذا الأسبوع للمقارنة بين وسيلتين إعلاميتين وهما التلفزيون والموقع الألكتروني، والهدف تقييم هاتين الوسيلتين ، ومعرفة من الأبقى ، من ستأكله عجلات التطور ، ومن منهما سيتمكن من التكيف مع طوفان التغيير .
وبدأت بمتابعة "نشرة الأخبار" في قناتين عربيتين شهيرتين، فلاحظت أن نشرة الأخبار في كلا الفضائيتين عانتا من التقارير المكررة ، فعلى مدى يوم ونصف على أقل تقدير ظلت القناة تبث تقاريرا مصورة مكررة، واشتركت في هذه السمة القناتان .
أعلم أن التقارير الميدانية المصورة مكلفة ماديا ، وتحتاج إلى تجهيزات ووسائل دعم فنية ولوجستية وميدانية ، ولكن معركة البقاء تستلزم التجديد ، فالمتابع الذي يبحث عن الخبر الجديد المعلومة لن يبقى أمام قناة تكرر أخبارها بهذه الطريقة المملة .
توقعت منذ فترة انحسار التلفزيون، بعد تقدم الإنترنت ، وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي ، ولكن أمام التلفزيون فرصة للاستمرار والمنافسة، ولكن ذلك سيتطلب جهودا مضنية ، فنشرة الأخبار المكررة لابد أن تتطور ويتم تحديثها كل دقيقة بل كل ثانية ، وذلك أمر صعب تنفيذه.
لذلك سيظل الإنترنت في المقدمة ، وستبقى أذرعته الإعلامية الخطيرة مواقع التواصل تتحكم، ولكن لأن هذه المواقع تعاني من العشوائية، تزداد حظوظ "الموقع الإلكتروني" في البقاء ، لأنه يجمع بين مزايا الإنترنت المعروفة ، كالانتشار، وسهولة الاستخدام، وقلة التكلفة، ويتلافى في الوقت نفسه العشوائية.
وتوقع ذلك المؤسس والرئيس التنفيذي لموقع "فيسبوك" مارك زوكربيرج ، حيث قال أن "المستقبل للمواقع الألكترونية".
أمام عاصفة التطور يظل "الموقع الإلكتروني" صاحب الحظ الأوفر للبقاء، بل وتحقيق الصدارة في الانتشار والتأثير، ولكن شريطة توفر 4 عناصر هي : سرعة التحديث، وجودة المحتوى، والموثوقية، والإبداع.
تاريخ الإضافة: 2017-08-19تعليق: 0عدد المشاهدات :1569