تساءلت كثيرا عن سبب غياب الديمقراطية، لماذا سيطر حكم الفرد على التاريخ العربي والاسلامي منذ قرون؟، سافر رفاعة الطهطاوي، وتعلمت أجيال في الخارج، ولكن الديمقراطية ظلت سيئة السمعة، ولماذا شيد الغرب الكافر الديمقراطيات العظيمة، رغم أن الاسلام دين العدل والمساواة والحرية؟.
لماذا فشلت تجارب الديمقراطية في العالم العربي؟، رغم أن ديننا به بعض أشكال الشورى التي يمكن لو ترجمناها ترجمة أمينة إلى اللغة السياسية المعاصرة لأصبحت "انتخابات" و"مجالس برلمانية منتخبة"، و"تداول السلطة"؟.
لماذا نختلف عن خلق الله في الدول الأخرى التي حسمت نظرية الحكم، ففيما تتداول العديد من الدول السلطة بيسر وسهولة والابتسامات المتبادلة، نتبادل نحن السلطة بالدم والنار؟.
حتى عندما اشتعلت ثورات الربيع العربية والتي كان هدفها الأول الحرية والديمقراطية ، قرر الأبالسة التحايل على الأمر، وتقديم ديمقراطية شكلية تخفي وراءها المنتج القديم الدكتاتورية ، .. قناع قط يخفي وراءه مخالب الثعلب.
وبرز على الساحة سدنة القهر وتثبيط الهمم مدعين أن الشعب لا يستحق الديمقراطية ، وفي صيغة أخرى لا يصلح للديمقراطية، ومنهم الرئيس المخلوع مبارك الذي قال أن "هذا الشعب يحتاج إلى دكتاتور عادل"، والمسؤول الذي قال أن "الحاكم الصالح يأتي لشعب صالح"، ونسوا أن هذا الشعب هو نفسه الذي حكم العالم منذ 7 آلاف سنة ، وأسس فجر الحضارة الإنسانية .
تجربة الإخوان أفرزت لنا وطاويط وأشباح، فأصبنا بالذعر من الديمقراطية، .. فأصبحت كل الطرق تؤدي إلى الديكتاتورية ، .. الدكتاتورية تؤدي إلى الدكتاتورية، والديمقراطية أيضا تؤدي إلى الدكتاتورية ، ماذا نفعل في هذا الوضع السياسي المعوج الذي ثبت آلاف المرات أنه لا يقود إلا للخراب؟.
إذا تتبعنا تاريخ الدكتاتوريات، سنكتشف أن الدكتاتورية لم تقدم شيئا إلا الضعف والانهيار الاقتصادي، لا توجد دكتاتورية في العالم أفرزت مجتمعا سويا، على العكس أفرزت لنا أجنة مشوهة، ففي العالم لدينا هتلر وموسيليني والإتحاد السوفييتي السابق، وهذا شيء طبيعي، لأن الدكتاتورية هي الراعي الرسمي للفساد.
كل الطرق مسدودة، فماذا نفعل إذن ؟، هل يمكن أن نقدم بديلا للديمقراطية ، كالطبيب الذي يضطر إلى إيصال القدم المبتورة بشريان الفخذ مؤقتا لفترة ليحافظ على الحياة داخلها ، ثم يعيد الوضع إلى طبيعته بعد فترة .
هل يمكن تقديم بديل يوافق عليها الدكتاتوريون والاسلاميون والليبراليون والحالمون بالحرية، بهدف إنقاذ الوطن ؟، هل يذعن عشاق الدكتاتورية للمنطق ويدركون أن طوفان الفشل سيطال الجميع، وهل يتنازل الثورجيون ويدركون حجم أزمة الديمقراطية في العالم العربي، ويوافقون على حل وسط ينقذ السفينة التائهة في المحيط ؟
بديل الديمقراطية المقترح لا أعرف طبيعته أو تفاصيله، ولكنه سيكون جراحة مؤقتة لإنقاذ جسد الوطن المتخم بالمشارط والجراح.
تاريخ الإضافة: 2017-08-04تعليق: 0عدد المشاهدات :1340