على غرار فيلم "المواطن مصري" فازت مصر بثلاثة ميداليات برونزية حتى الآن في دورة الألعاب الأولمبية، فما حدث في الفيلم مشابه في كثير من الأحيان لما حدث في البطولة العالمية .
ففي الفيلم رأينا كيف أمكن للعمدة أن يعفي إبنه من قضاء فترة التجنبد، بناء على رغبة السيدة والدته، ويجبر أحد أبناء الفقراء للتجنيد بدلا منه، بتزوير الوثائق، فيؤدى إبن الفقير الخدمة العسكرية باسم إبن العمدة، فيحدث أن يموت المجند المؤجر، فيحصل العمدة على المجد، ويلقب بأبو الشهيد، ويضيع صاحب الإنجاز الحقيقي.
ففي البطولة فاز حتى الآن 3 مواطنين مصريين بميداليات برونزية، فبرزت اكثر من جهة لتنسب لنفسها الفضل عن نجاحهم الشخصي الممزوج بالتعب والألم والظلم والإهمال.
والمتتبع لقصص الفائزين الثلاثة سيكتشف أن كل منهم وراءه حكاية، خلاصتها أن الوزارة المختصة وهي الشباب لم تقدم لهم الدعم اللازم للفوز، رغم ميزانيتها الضخمة، على العكس فقد ضيقت على بعضهم، وحرمتهم من المكافآت، وهو ما يجعل فوزهم إجتهادات شخصية، الفضل فيه ليس لجهة رسمية، بقدر توفر الإرادة الشخصية التي عرف بها المصريون، والتي تحدت ظروفها، وأصرت على النجاح .
الفائز بالميدالية البرونزية الرباع محمد إيهاب روى قبل البطولة بمرارة كيف حرمه الاتحاد المصري للعبة من المكافآت المستحقة له عن عدد من الجوائز العالمية التي حصل عليها، ولجأ إلى حيلة جهنمية لذلك ، عندما أفتى بأن اللاعب الذي حصل على أكثر من ميدالية وجائزة، يحصل على مكافأة واحدة .
أما سارة سمير الفائزة بالميدالية البرونزية في رفع الأثقال، فقد اضطرت لترك امتحانات الثانوية العامة التي كان من المقرر أن تخوضها بسبب الاشتراك في البطولة، وعندما أثيرت القضية لدى الرأى العام، صرحت وزارة التربية والتعليم بإمكانية خضوعها للاختبار في البرازيل من خلال لجنة خاصة، ثم عادت لتتعنت مرة أخرى، ورفض المسؤولون فيها فكرة خوضها الامتحانات في البرازيل.
أما لاعبة التايكوندو المصرية هداية ملاك التي حصلت على الميدالية البرونزية في لعبة التايكوندو، فهي تحمل الجنسية الأمريكية، وتقيم هي وعائلتها هناك، ورغم فرحي الخاص بإنجازها، إلا أنها ـ شئنا أم أبينا ـ صناعة أمريكية.
وأرجعت المصارعة إيناس خورشيد التي أخفقت في تحقيق ميدالية "برونزية" خلال منافسات ريو، إخفاقها في الفوز بميدالية إلى اتحاد المصارعة الذي قصّر في إعداد اللاعبين بالشكل الجيد، واعتذرت للجماهير.
الفوز الثلاثي لمصر في البطولة الدولية ـ والتي سارعت الأجهزة المختصة للتباهي به ـ لا طعم له ولا رائحة ، أولا لأن العدد قليل جدا ، لا يقارن لا بعدد سكان مصر الذي يفوق الـ 90 مليونا، ولا بثقل مصر الرياضى وتاريخها في الألعاب الأولمبية.
الفوز الثلاثي المصري إجتهادات شخصية لا دور للدولة فيها، حيث أهملت الوزارة المختصة دعم اللاعبين لكي يحققوا البطولات العالمية، وإذا أضفنا الخطأ الإدارى الذي أفشل أحمد عبدالجواد لاعب منتخب الجودو لحرمانه من المدرب، نتيجة عدم وجود بادج العلم المصري على بدلته الخاصة به أثناء نزاله أمام المنافس الكازاخستاني، ولفت النظر الذي أخذه اللاعب إسلام الشهابي بعد هزيمته من اللاعب الإسرائيلي أوري ساسون 0 / 100، بسبب رفضه مصافحة خصمه بعد المباراة، وفضيحة وضع العلم المصري على أحذية اللاعبين المصريين المشاركين، سنكتشف أن المحصلة ـ 3.
متى يتحول النجاح في مصر من حالة فردية صعبة تحدث بطلوع الروح، وتواجه التعب والقهر والعوائق إلى حالة عامة تقابل بالرعاية والاهتمام؟، متى تقوم الأجهزة الرسمية بدورها في التدريب والتأهيل والدعم ، وصناعة الأبطال؟، .. بمعنى أشمل .. متى تستعيد مصر عنفوانها، وتاريخها في البطولات العالمية؟ .