إنتهيت اليوم من رفع مقالاتي التي تربو على الـ 1000 مقال، على موقعي الشخصي، الأمير كمال فرج . كوم www.alamirkamalfarag.com ، ورغم أنها عملية مرهقة ، فإن لها أيضا العديد من الإيجابيات.
التعب تركز في جمع هذا العدد الكبير للمقالات، والذي يحتاج إلى فريق من الباحثين، وعملية الرفع والتي تتضمن مراحل هي الصف، والنسخ، والتبنيط، والتنسيق، ورفع الصورة المصاحبة، ثم المراجعة لتجنب رفع مقال مرتين .
أما الإيجابيات فكانت كثيرة، أهمها أن ذلك وفر لي فرصة فريدة للتعرف من الخارج على تجربتي في كتابة المقال التي استمرت ربع قرن، ورصد المزايا والسلبيات، وهنا برزت أمامي الأسئلة المحرجة .. هل نجحت في التأثير في الناس؟،أم أن ما كتبته كان مجرد كلام تزروه الرياح؟.. الفكرة الخلاقة التي طالما صدعتنا بها هل طبقتها، أم كان من التنظير آفة المثقفين؟.
تملكني الفرح، والتيه، والخيلاء لأنني قدمت هذا الكم من المقالات، وأسهمت ولو بالقليل في تقديم فكرة، وإضاءة وعي، ولكن الشيطان وسوس لي ، وقال "أضعت عمرك في كتابة هذه المقالات، ولو خصصت هذا الوقت لعمل تجاري لغدوت من أصحاب الملايين"، وزاد الشيطان اللعين "ألم تكن أسرتك أولى بهذا العمر الذي أنفقته بلا طائل".
تابعت مواقفي السياسية على مدى 25 عاما ، فوجدت أنها تغيرت على مر السنوات، قد ينتقد البعض ذلك، ولكن هذا طبيعي ، لأن الانسان ـ في رحلته ـ يتعرض لتجارب مختلفة يمكن أن تؤثر على رأيه، وبالتالي قراره، تغيير الرأي ظاهرة صحية تعني أن الانسان يفكر، ويقرر، ويتعلم من الأخطاء.
على سبيل المثال كنت أرى منذ سنوات أن "الإخوان" فصيل سياسي يجب أن يحصل على فرصته، ولكن رأيى تغير 180 درجة بعد أن تقلدوا الحكم، وأساءوا التصرف، فتحول رأيي من التفهم إلى المواجهة.
هيأ لي الشيطان أن أتجمل بحجة التطوير، بتغيير بعض المواقف، أو على الأقل تخفيفها، حتى لا أظهر كالحمار، ولكني تراجعت، لأن كل مقال يعبر عن الزمن الذي كتب فيه، والمرحلة السياسية الخاصة به .
على الصعيد الفني وجدت عدة سلبيات منها كبر حجم المقال، فقد كنت أميل في البداية إلى الاستطراد بزعم استيفاء الفكرة، ولكن هذا الرأي تغير فيما بعد، فأصبحت أكثر ميلا إلى الإيجاز، فالقاريء الذي كان يعكف على قراءة مقال صفحة كاملة في "الأهرام" أصبح يقرأ تغريدة تويتر ذات الـ 140 حرفا.
من الأخطاء الفنية أيضا استعمال عبارات لغوية لا جدوى منها، وهي ظاهرة منتشرة في اللغة العربية، مثل "لقد"، وهنا تدخلت لألغي عدة مئات من "لقد" اللعينة التي من المؤكد أنها أزعجت القراء .
بعض المقالات وددت أن أمزقها وألقيها في سلة القمامة، والبعض الآخر أعدت قراءته بحنين، كالعاشق لأول مرة..، العديد من المقالات تميزت بالفكرة الجديدة، بينما عانى بعضها من التكرار، وبدا لي البعض وكأنني كتبته ومسدس موجه إلى رأسي .
تذكرت بعض كتاب المقال في الصحف الذين يكتبون كلاما فارغا ويحصلون على مكافأة شهرية قدرها 50 ألف جنيه، وقلت في نفسي لازمة "زكي بيه الأليت" شخصية مصطفى حسين الكاريكاتورية "جتنا نيلة في حظنا الهباب"
بعد 25 عاما من كتابة المقال ، رحلة الدم والأمل، أقف أمام الـ 1000 مقال ، "ثروتي الحقيقية" متباهيا فخورا، وكأنني أقف أمام 1000 عمارة تضج بالأنوار، والبشر، والحياة، وأقول لنفسي "ربح البيع"، يعود الشيطان اللعين للوسوسة ، فأردد "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
تاريخ الإضافة: 2016-01-23تعليق: 0عدد المشاهدات :1564