هناك وفى تلك المندرة، تسود الفطرة الثقافية، التى هى أبعد ماتكون، بما يدور داخل المجتمعات المثقفة الأخرى، من أحاديث ومناقشات، فيما تمر به البلاد من احداث تستدعى من الكل أن يتحدث عنها بطريقته.
مندرة عمى غباشى ياسادة، هى المنتدى القروى الذى يتم فيه المناقشات التى تخص أحوال القرية، وما يحلى السمر والمناقشات، الا حول نار المنقد، وأكواب الشاى، وإن لزم تقديم طعام فلا يخلو من السريس، والجبن القديم، والعسل. هكذا حال هؤلاء فى البساطة، وكثيرا مثلهم من الشعب المصرى الذين يعيشون على حد الكفاف.
بعد اكتمال النصاب القانونى للحضور من أهل القرية لمندرة عم غباشى الذى عاصر فى حياته ثلاث ثورات، بدأت الجلسة بكلمه عم غباشى حيث قال. "عندما قامت ثورتا يناير ويونيو أصبحنا يا أولاد نعيش وسط خليط من المصريين لم نعرفهم من قبل ، أو ذى ما بنصنفهم عندنا هنا (جمس وحلب وعرب واشراف) خليط غير متجانس، وكل له هويته وأفكاره السياسية الخاصة به".
هذا الخليط من هؤلاء البشر، هم من سوف نراهم يهبطون علينا من كل جهه، كما يهبط البط من السماء فى موسم الشتاء، ليرعى فى المياة والأراضي، ليأخذ الخير منها، حتى إذا ثمن وترعرع، يعود مرة أخرى من حيث أتى، دون أن نعرف كيف كيف نصطاده ونتزوق لحمه، بعد أن لعنتنا بطوننا من اكل المش.
هؤلاء الناس سوف يأتون إلينا من كل صوب، سوف تشاهدون هؤلاء فى وجوه عدة، منهم من سيأتى كأنه بنى هذا الزمان لكى يحقق لكم أحلامكم، ومنهم من سيأتى على هيئه قرصان يتخطف منكم ما يحتاج إليه، ثم يرميكم،ولكن الكل فى النهاية يطلبون ودكم ويردون عونكم.
لذلك يا أولاد .. عليكم أن تستعدوا لقدوم هؤلاء الغرباء، ولا يغرنكم وعودهم، ولا تنخدعون فى هيئتهم، واعلموا أن الكثير منهم منافقون، ولكن سيصدق حدثكم عند اختياركم، لأننا اليوم يجب أن يكون لنا رأى وكلمة مجتمعين عليها، يجب أن يكون لنا صوت يذهب لمن يستحق، بعد أن كان يسرق منا لسنوات طويلة، كما سرقت أحلامنا معه.
اليوم يا أولاد يجب أن نتحد جميعا من اجل صالح قريتناوتنميتها،من أجل القضاء على هذا الفقروالجهل الذى نعيش فيه، من أجل مستقبل أحسن لأولادنا.
ياأولاد لا نريد أن يضيع عمرناالباقى فيما كنا فيه من قبل.
ولكن احذروا أن تبيعوا أنفسكم لهؤلاء الغرباء، فمنهم من سيأتى إليكم لكى يشتروا أصواتكم.
اليوم نعيش أياما عشناها وقت ثورة ناصر التى وحدت الشعب، دون ان تكون هناك خيانة أو انتهازية،
أما اليوم وبرغم قيام ثورتين قامتا ضد الفساد ،الا أننا رأينا فيها الخيانة والانتهازية ،بل وجدنا فيها بعض من الشعب وقد رفع العصيان عليها.
لذلك علينا أن نعيش مع بعضنا البعض فى سلام واتحاد وتعاون كما كنا دوما، لا يفرقنا أحدا، ولا نسمح باى غريب أن يلعب بعقولنا فيشتتنا. اليوم سبكون لنا رأى وصوت سوف يوجهه لمصلحة قريتنا ومصرنا،
هنا وقف شاب من شباب القرية موجهه حديثه لعم غباشى ،الله عليك وعلى كلامك يابا غباشى ،ده إنت بقيت ناشط سياسى ،ذى اللى بنسمعهم فى التليفزيون...
هنا استعجب عم غباشى وقال انا لا اعرف يعنى ايه ناشط سياسى ولا يحزنون ،ولكن أنا بقول لكم ده من تجارب سنين طويلة شفتها .
ياأولاد لازم نتعلم من تجارب الماضى ،لكى نحافظ على الحاضر، ونفتح عقولنا لما هو قادم، ونتعلم ان من اليوم العقول المتفتحة،خيرا من العقول المغلقة، وعلينا أن نعلم أنفسنا ونعرف مايقوله الاخرون.
من اليوم يا أولاد فى قريتنا، ستكون حقول البرسيم للبهايم فقط.