يفتح الستار على حجرة نوم الملك خوفو،حيث لا يستطيع الملك النوم،وتشعر الملكة التى تنام بجواره بقلقه هذا.
الملكة(بقلق): ما بال أخى وزوجى الإله خوفو لا يستطيع النوم.!! كنت أعتقد إنك سعيد جدا لإنجازكم مجموعتكم الجنائزية ........................ خوفو(مقاطعا): رغما عنى أيتها الملكة ،أقسم بك وبرأسك. (يحاول أن يشرب كوبا من الجعة) الملكة (تمنعه بلطف): لا تجبر نفسك على أن تشرب زق جعة؛ فإنك إذا شربته عجزت عن البيان . خوفو (مستجيبا لكلام الملكة): نعم.صدقت، لكن الأمر جد خطير...جد خطير. الملكة (محاولة بث الطمئنية إلى الملك): إنكم بالإنتهاء من مجموعتكم الجنائزية ضمنت الخلود بجوار والدكم الإله رع. أما فى الحياة الدنيا (تقولها بدلال): فلا أقل أن تزكو سمعتك بغير أن تتكلم،ويطريك الناس من حيث لا تعلم. خوفو (يستمع إلى الملكة صامتا،مهموما) الملكة(مداعبة للملك ): سأغنى لك.. تعال لبيتك أيها اليانع، تعال إلى بيتك لأراك، أنا زوجتك التى تحبك، لا تفترق عنى،تعال إلى بيتك قلبى يناشدك،عيناى تشتهيك، أبحث عنك لأراك. تعال لمن تحبك ،أيها الكائن الجميل، تعال إلى زوجتك ،تعال إلى سيدة بيتك. أنت يا من أحببت الضوء، أنت يا من أحببت صخب ونزق الحياة تعال،تعال إلى زوجتك، أيها اليافع الجميل. خوفو(غير مستجيبا لكلمات زوجته): الأمر جد خطير يا سيدة البيت. الملكة (بقلق): لعل الأمر مرتبط بالساحر ددى ، لقد أخبرتنى الواصيفات إنكم جلست إلية النهار بطوله. فهل أخبركم بما يقلق؟! (ثم تثنى على الملك): لكننى أعرف أنك ذو قلب جسور منذ صباك يا مولاى وسيدى، فهل تشركنى فى الأمر كعادتك دائما. خوفو(مضطربا): فى أخر الزمان.................... الملكة(بإندهاش): وهل للزمان أخر يا مولاى.!! الزمن بلا نهاية .حيث تكرر الخليقة نفسها مع كل شروق الشمس. فالزمن ..زمن دائرى يتجدد على الدوام.لاأخر له. ستعيش يامولاى مع رع ،وأوزيريس سيدا العالم السفلى ، فأنت سيد النحح ،وحاكم جت . (تظهر على ملامح خوفو الطمئنينة،مما يشجع الزوجة الجميلة أن تسترسل قائلا ): سأقص عليك قصة عن ساحر نزل إلى العالم السفلى ليلتمس مزيدا من الزمن للملك الحاكم ،وقد قيل له ،إن إلتماسه يمكن أن يُجاب ،ولكن بشرط واحد،هو أن يضحى بنفسه من أجل الملك.
(الملك مقاطعا): سيأتى فى أخر الزمان من يسرق تاريخنا !!،ومن يعبث بأجثامنا المقدسة.!! الملكة(بإضطراب): مولاى وسيدى السرقات تحدث فى كل الأزمنة والأمكنة ،ولا ترتبط بزمن معين ،أو مكان معين. الملك(متسائلا):، لا تتحدثى إلى بالأحجية مثل ددى ،فأنت أدرى الناس بى،وتعلمين إنى لا أحب المقدمات الطويلة. الملكة(بوجل): لكنى أطلب...................... الملك (حانقا مقاطعا إياها): ياله من يوم طويل!!، لك الأمان يا أختى وزوجتى وأم أولادى الملكة(بإستطعتاف): لكنى أطالبكم الرفق حين تستمع إلى حديثى، ولا تنهرنى حتى أفضى بما فى جوفى ،وإن جوف الإنسان أوسع من شونتى الغلال المليكتين، يتسع لكل جواب،فتخير خير الحديث وتكلم صوابا ، وإحتفظ بسيئه فى جوفك. الملك(وقد نفذ صبره): هات ما عندك يا أختاه...فإن القلب مهموم.... الملكة (بوجل): وثمة شىء آخر محبب إلى الإله وهو التروى قبل الكلام. الملك (يشير لها بيده أن تتكلم) الملكة ( بوجل): منذ أكثر من ثلاث سنوات مضت ،وأثناء إنشغالكم ببناء صرحكم العظيم ،سرقت مقبرة الملكة الأم (حتب- حرس)،ولكنى نجحت فى إسترداد كل المسروقات من الأثاث الجنائزى للمقبرة ،وإنزال العقاب باللصوص،وإعادة دفن الأثاث لكن ....................
الملك (غاضبا): لكن .. ماذا؟ الملكة : خشيت أن يعود اللصوص إلى المقبرة لسرقتها مرة أخرى ، فدفنته فى مكان آخر يبعد قليلا عن المقبرة. خوفو(باسى): أيها الدفة لا تنحرف، ويأيها السند لا تميل ، ويأيها الخيط لا تتذبذب، لقد إنفلت العدل من تحتى. الملكة(تحاول أن تخفف عنه): مولاى لا تقل هذا. إنك قادر ومقتدر ، وذراعك طائلة. لقد جاءت ماعت لتكون معك، إن ماعت حاضرة فى كل مساكنك، حتى تكون مزودا بها... إنها الرداء لأطرافك... والنسمة المنعشة لأنفك... إنها طعامك وشرابك. الملك (متضرعا): تحدثى يا ماعت ، ونفذى يا ماعت، ذلك لأنك عظيمة، و قوية وباقية. الملكة(مازالت تحاول أن تخفف عن الملك): أذكركم بكلام الحكيم بتاح : لو وقعت الواقعة فسوف تبقى ماعت، وأن الرجل الذى فى إنسجام مع ماعت سوف يتحملها ، وأنه بفعل ماعت فحسب ، يمكن أن تحفظ مقبرة المرء، ويضمن الوجود المستمر بعد الموت.
الملك(متماسكا): إن لصوص آخر الزمان لا يبحثون عن الذهب والفضة، إن ما يدفعهم إلى سرقتنا ليس المنفعة والربح،وليس التعاطى الروحى بين الحضارات. إنهم يسرقون تاريخنا، لكن لا من حيث أننا ساهمنا فى إيجاده، بل ينكرون علينا وعلى أحفادنا هذا المجد التليد. وهذه السرقة المعنوية أشد وطأة من السرقة المادية. الملكة(بإندهاش): وهل سيصبح أحفادنا ضعفاء إلى الحد الذى يجعلهم لا يدافعون عن ما خلفناه لهم من حضارة ؟!! الملك (حزينا): أحفادنا مساكين.!! سيعانون من تفسخ فى المعايير، فلن يكون بمقدورهم تأليف مُثل كتلك المُثل التى وفرناها لأنفسنا طوال قرون من الزمان. الملكة(متسائلة): عفوا أخى وزوجى الحبيب ماذا تقصد؟ الملك(موضحا): التاريخ بالنسبة لنا تاريخ مُقدس أو أنه بتعبير أصح معاد وعلم غايات.لم يكن لدينا أبدا فلسفة للتاريخ.. أما الأحفاد فالتاريخ ستتبعثر فيه صورة الإنسان فى غبار النظريات والمذاهب. الملكة(مستنكره): لا يمكن تغيير روح شعب من الشعوب بين عشية وضحاها. وسواء شئنا أم أبينا سيبقى فى كنه أذهاننا شىء مما يصنع إنسانية الإنسان.غالبا ما تتصاعد هذه البقايا من الأعماق. الملك (موضحا): إذا اعتمدنا على جيناتنا المتدفقة فى دماء احفادنا ،والنفوذ الثقافى العميق،والعودة إلى الأصول. فإننا سنضيع ...سنضيع الملكة(تغالب حزنها): لماذا تقول هذا يا مولاى ؟! الملك(موضحا): كل هذه المعانى العظيمة التى ذكرتيها عوامل مؤثرة فى ميادين العواطف والغرائز فقط ،وليس فى مجال العلم. الملكة(متسائلة): نحن أهل العلم ،فهل سيعانى أحفادنا من الجهل ؟!! الملك (حزينا): أحفادنا فى آخر الزمان غير مسلحين حيال التحدى المعاصر لهم بأى سلاح يذكر.... فسيخدعوهم بأسم هذا العلم (الفاسد)، سيجعلوهم يخشون التخلف عن الآخرين-التخلف !!، وهم أصل كل الأشياء،سيهددونهم بالخروج الكلى عن تيار الحركة التاريخية –وهم لا تستقيم بغيرهم حركة التاريخ- سيبهرونهم بتقنية العالم المتقدم المدهشة. الملكة(بقلق): علينا أن نعيد تأهيل وتربية فضلائنا وعلمائنا أولا ؛ ليعلموا بدورهم أحفادنا التمسك بالقيم التى ورثناها عن آلاف السنين. الملك(متسائلا): وحتى يحدث هذا ما سيكون مصير ما نملكه ؟! أى مصير هذه المعتقدات القديمة وهذه الذكرى التى نحملها؟! هل بمقدور تراثنا إصلاح مجرى الأحداث وتوفير ملاذ آمن لحياتنا الروحية؟! (يسود فترة صمت بعد طرح السؤال الأخير،وكأنهما-الملك والملكة يبحثان عن إجابة ) الملكة (بعد تفكير): يمكننا يا أخى وزوجى الحبيب إلى حد كبير بأن نجعل الأمور تنحو منحى آخر،وتكون على شاكلة مختلفة. الملك(مستفسرا): كيف يحدث ذلك؟! قد أخبرنى الكاهن والساحر المبجل ددى أن التنبؤ بحوادث المستقبل ليس معناه التمكن من التحكم فى نتائجه. الملكة(بحزم): إذا كنا أوفياء لذكرى أسلافنا ،لبقينا بعيدا عن تجرع سموم الإخفاقات السابقة. علينا نحن أن نكون متسرعون فى أن نسبق حتى أولئك الذين يستعجلون بلوغ مقصد لا أحد يعرف عنه أى شىء. الملك(متفائلا): نعم يا حبيبة القلب. علينا ذلك . (وقد إستلهم من زوجته الأفكار الذى سيحاول بها تغيير مجريات الأمور فى المستقبل) الملك (متضرعا للإله رع): يارع ،الذى خلق ماعت، وعُرضت ماعت عليه، ضع ماعت فى قلبى ، لعلى أقودها إلى الأعالى حيث الكا الخاصة بك.