والناس هنا لا يهتمون بالأوز فقط، ولكنهم يهتمون بالطيور والحيوانات الأليفة، ليس ذلك فقط، ولكن هذه الحيوانات الأليفة تعيش الرفاهية المطلقة، عندما كنا صغاراً كنا نركض خلف الكلاب بالطوب، ونستمتع بشد القطة من ذيلها، بينما القطة تنتقض من الذعر، ويقوم "السماوي" المعين من قبل البلدية بمطاردة الكلاب في الشوارع وقتلها بالرصاص بطريقة وحشية، والغريب أنه كان يترك جثتها ملقاة في الشارع أياماً وشهوراً، والمارة يتابعون كل يوم التحلل البطيء للكلب التعيس، حتى يصبح كومة من العظم على قارعة الطريق ..
أما القطة فتجربتنا معها أكثر دموية، ففي الغرب القطة ترتدي البابيون الغالي، وتتثاءب كعروس في خيلاء بين يدي ربيبتها، تنعم بالحمام الساخن كل صباح، والنزهة اليومية على ضفاف النهر، أما عندنا، يذبحها العريس في ليلة الدخلة لزوجته، حتى تمشي على العجين ولا تلخبطه.
في الولايات المتحدة الأميركية أقام أحد الأميركيين فندقاً خاصاً للحيوانات الأليفة، والفندق عبارة عن حجرات أنيقة لإقامة الحيوانات، بها كل ما يحتاجه الحيوان من طعام وفراش وثير من القش، وبها أيضاً عدد من الألعاب لتسلية الحيوانات حتى لا تشعر بالملل، يحدث ذلك بينما توجد كاميرات مراقبة في كل حجرة لكي يتمكن أصحاب هذه الحيوانات من الاطمئنان عليها عن بعد.
والحيوانات في الدنمارك مدللة، تنعم بكل وسائل الراحة ،والطعام الملعب الذي يشتري من الصيدليات ومراكز التسوق، تعيش في المنازل تماماً كفرد من أفراد العائلة، إذا مرضت يمرض الجميع حزناً عليها، الحيوانات هنا لها إكسسوارتها الخاصة، وطعامها الخاص، بينما يموت الناس كل يوم في العالم العربي من الفقر والعوز.
هل تذكرون الفتاة الجزائرية المقيمة في فرنسا، والتي ذكرت التقارير أنها ماتت من الجوع؟، وهل تذكرون الأطفال الذين يموتون كل لحظة في العراق والسودان والصومال والبلاد العربية الإسلامية التعيسة ..؟
والحيوانات الأليفة هنا في كل مكان، في مدخل المركز التجاري الرئيسي في "فودوفغا" يوجد قفص ملون كبير كنت أمر عليه يومياً، يحتوي القفص على العصافير الملونة الجميلة التي تزقزق باللغة الدنماركية أكيد.
أمام مقر عمدة كوبنهاجن توجد ساحة كبيرة، تنتشر على أرضها أعداد كبيرة من الحمام الأبيض، كل صباح تأتي سيدة رصينة لترمي للحمام الحَبّ، كالأم التي تطعم أبنائها، منظر بديع، السيدة ترمي الحب، والحمام يتجمع ليلتقط الحب مرفرفاً بجناحيه، لا أدري هل هذه السيدة موظفة في مهنة إطعام الحمام، أم أنها متطوعة لذلك؟، في الحالتين الصورة رائعة، لا أدري لماذا تذكرت محمد الدرة الطفل الفلسطيني الذي قتل، وهو في أحضان والده بيد القراصنة الإسرائيليين ..، إنها مفارقة الحمام ومن يقتلون الحمام.
طلبت من صديقي السائح الإيطالي التقاط صورة لي مع الحمام، شرحت له كيفية التقاط الصورة، نبهته أن لا يضع إصبعه على الفلاش بالعبارة التي أقولها لكل من يتطوع لالتقاط الصور Do not put your finger on flash ، وما أن انتقلت إلى مكاني ناحية الحمام ، حتى فوجئت بأسراب الحمام تطير فجأة مرة واحدة من الأرض بصورة لفتت نظر الجميع، شعرت بالإحراج، نظرت إلى الحمام الطائر بغيظ، بينما صديقي الإيطالي غارق في الضحك.
في إحدى الصحف المحلية قرأت خبراً مفاده أن قطة خضراء اللون ولدت في مدينة ديبفاد شمال العاصمة الدنماركية أثارت حيرة الأطباء البيطريين وفضولهم، وبعد أن خضعت القطة لفحوصات مخبرية في مستشفى كوبنهاجن الجامعي، اكتشفوا أن اللون الأخضر الذي تتميز به القطة ظاهرة بيولوجية جديدة لم يتوصلوا إلى سببها.
الطريف أن صاحب القطة، ويدعى بيسكوف كان يرغب في بيعها بمبلغ كبير، ولكن خطته فشلت لأن ابنته كريستين تعلقت بها.