تعتبر الدراجة وسيلة الانتقال الأكثر شيوعاً في الدنمارك، وفضلاً عن كونها وسيلة ذات تكلفة بسيطة، فإنها أيضاً وسيلة اقتصادية تساهم في توفير الوقود، هي أيضاً وسيلة صحية تساعد على تكوين الجسم الصحيح، لأن استخدامها في الأصل رياضة، أيضاً تحافظ على البيئة، فلا تلفظ كغيرها من المركبات بالعوادم والأدخنة الضارة في الهواء على مدار الساعة.
ولأن الدراجات من وسائل المواصلات الأساسية هنا ، فإن الطرق مجهزة لها، لذلك لا تندهش عندما تجد الطريق مقسماً إلى ثلاثة أقسام، حارة رئيسية كبيرة، وهي حارة السيارات، تجاورها حارة صغيرة للدراجات، وتمييزاً لها ستجد رسما كبيراً عليها لدراجة باللون الأبيض، أما الحارة الثالثة فهي الحارة المخصصة للمشاة.
وإذا حدث ومشيت بالخطأ في حارة الدراجات، ستفاجأ برنين الدراجات خلفك ينبهك إلى ذلك، ونظرات سائقي الدراجات الغاضبة، ولهم الحق في ذلك، فأنت تمشي في الطريق المخصص لهم، وتغتصب حقهم، فإذا سافرت إلى الدنمارك احذر المشي في الطريق المخصص للدراجات، لأنها من الممكن أن تدهسك، لأن بعضها يسير بسرعة عالية.
والدراجات يركبها الشباب والفتيات والأطفال وكبار السن، يتنقلون بها من منازلهم إلى أعمالهم والعكس، يتنزهون بها، ويتسوقون، وكما أن الطرق مجهزة للتعامل مع الدراجات، وسائل المواصلات والأسواق التجارية أيضاً مجهزة لذلك. ونظراً للشعبية الكبيرة للدراجات، فإن المحلات التي تبيعها كثيرة، والدراجات فيها من كل شكل ولون، وبها إمكانيات متنوعة مثل الكراسي والسرعات الإضافية، وأسعارها مناسبة إلى حد ما.
والدراجة عادةً ما تكون مجهزة ومزودة بمقعد أمامي لطفل، ومقعد خلفي لطفل آخر، وفي بعض الأحيان تجد أماً تقود دراجة يجلس على مقعدها الأمامي طفل، وعلى مقعدها الخلفي طفل آخر، ولكن الجميع الأم وأطفالها يرتدون خوذة خاصة على الرأس، حيث يلزم القانون سائقي الدراجات وركابها بارتداء هذه الخوذة التي تحمي مرتديها في حالات الحوادث أو الارتطام.
وهناك نوع آخر من الدراجات، وفيه تجر الدراجة ما يمكن نسميه (بالمقطورة) الصغيرة التي يجلس فيها الأطفال، وأحيانا تجد الدراجة ذات العجلة الواحدة، ألا تذكرها إنها تلك التي تستخدم في السيرك، عجلة واحدة يعلوها مقعد، وهي تحتاج إلى مهارة خاصة في القيادة، في أحد الشوارع شاهدت فتاة تركب واحدة منها وتقودها بمهارة، عندما رأتني أهم بتصويرها ابتسمت، وطلبت منى الانتظار لكي تتهيأ للصورة، وقادت الدراجة هناك، وعادت لتبتسم، وتشير لي وكانت صورة طريفة ..!
ونظراً لأنني راكب دراجات قديم منذ أيام المدرسة الابتدائية، عندما كنا نؤجر الدراجات، وننطلق بها لنعاكس الزميلات التلميذات، فإن هذا الجو الدراجاتي أغراني بركوب الدراجة، فما كان مني إلا أن استعرت دراجة أحد الجيران، وانطلقت ..
عندها أدركت لماذا يتمسك هؤلاء بهذه الآلة الصغيرة الرشيقة التي تتحرك على عجلتين، ولماذا يستخدمها معظم سكان الصين في التنقل، تذكرت "حمبوط" مؤجر الدراجات وأيام الطفولة، تذكرت الفرامل التي كثيراً ما تتلف وطريقة إصلاحها، و(السريسيون) الذي يستخدمونه في لحام الإطار عندما يثقب، تذكرت "القمحاوي" أشهر مصلح دراجات في المدينة، وكيف تخرج الدراجة من تحت يديه ولا الزلمكة، تذكرت وتنهدت وقلت .. كانت أيام ..!