تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الريس طلال المصري الذي حرك الهرم من مكانه


 القاهرة : الأمير كمال فرج .

حلت منذ أسابيع الذكرى الأولى لوفاة مشرف عام الحفائر والترميمات بوزارة الآثار الريس طلال الكريتي، صاحب القصة الفريدة في التنقيب عن الآثار، وترميمها، والحفاظ عليها، كما حافظ عليها الأجداد أكثر من سبعة آلاف سنة.

بملامحه المصرية، ووجهه الذي سمرته الشمس، وجلبابه البسيط، وإخلاصه اللامتناهي للوطن، وإيمانه الذي لا يهدأ بقدسية الحفاظ على آثاره الفريدة، قضي الريس طلال سنوات عمره متنقلا من منطقة أثرية إلى أخرى، يبحث وينقب، ويقرأ الكتابة الهيروغلوفية، وينقل الآثار الضخمة، مستلهما في ذلك سر الأجداد في نقل القطع الضخمة، ونظرا لخبرته الكبيرة في هذا المجال قيل عنه أنه قادر على تحريك الأهرامات.

النشأة

ينتمي محمد عبده محمد الكريتي وشهرته الريس طلال عبده الكريتي لأكبر عائلة عملت بمجال الآثار علي مستوي الجمهورية، وكان لها الدور الأكبر في اكتشاف وترميم عدد كبير من الآثار في محافظات مصر، ليست فقط الاثار الفرعونية، بل والآثار الإسلامية والقبطية واليونانية الرومانية أيضا.

بدأ شغف الريس طلال للآثار منذ الصغر،  فلم يكن مثل باقي الأطفال في سنه كل ما يستهويهم  هو اللعب فقط،  فكانت هوايته في سن الثامنة عشرة مصاحبة والده الريس عبده الكريتي في الحفائر، فصاحبه بالعمل مع علماء لهم ثقلهم في مجال الآثار أمثال الدكتور سليم حسن أثناء عمله بمنطقة سقارة، والدكتور أحمد فخري أثناء عمله في دهشور، وعالم الآثار الانجليزي والتر بي امري بسقارة، وكذلك عمل مع الدكتور ذكي سعد، وعبد السلام حسين بسقارة،  وتمر السنوات ليعمل الريس طلال بمصلحة الآثار المصرية ليبدأ تاريخه الحافل بالعديد من الاكتشافات المهمة التي ألقت الضوء على الحضارة المصرية القديمة في مختلف عصورها، 

اكتشافات مهمة 

ساهم الريس طلال مع البعثة التشيكية بقيادة عالم الآثار التشيكي ميروسلاف فرنر في العديد من الاكتشافات مثل هرم الملك نفر اف رع بابوصير، وكذلك أرشيف أوراق البردي الخاص بالهرم، والتي أعطتنا معلومات وفيرة عما كان يحدث في المجموعات الهرمية في تلك الفترة.

 وكذلك ساهم في اكتشاف رأس تمثال الملك نفر اف رع الشهيرة الموجودة الآن بالمتحف المصري بالتحرير، والتي يعانق فيها الصقر حورس رأس الملك من الخلف،  وأيضاً هرم الملكة خنتكاوس الثانية بمنطقة ابوصير، وأرشيف اوراق البردي الخاص بها،  كذلك اكتشاف هرم شبسس كا رع الناقص بابوصير ، وأيضاً هرم لبسيوس 24 و 25، كذلك اكتشاف مقبرة الطبيب قار بابوصير، ومقبرة إنتي وسنجم إيب، وكذلك مقبرة وجا حور رسنت، ومقبرة إيوف - عا بابوصير.
كما قام الريس طلال باكتشاف مقبرة نخب-إيب-نكاو ومقبرة فتتكا بابوصير وكذلك العديد من المقابر والاهرامات الغير مكتملة بمنطقة أبوصير، وقام أيضاً بترميم ورفع الأحجار الضخمة من الطريق الصاعد لهرم ساحور رع بابوصير، وترميم مدخل الهرم ليمكن الأثريين من دخول الهرم.

وأثناء عمله بمنطقة اثار سقارة فقد قام الريس طلال بالكشف عن العديد من المقابر والأهرامات مثل مجموعة الملكة إيبوت زوجة الملك تتي، وكذلك مجموعة الملكة خويت، وهي الزوجة الثانية للملك تتي مع الدكتور زاهي حواس،  كما اكتشف مقبرة مقبرة نكاو اسسي بسقارة مع الدكتور محمود عبد الرازق، وكذلك مقبرة وجا حور بسقارة مع الدكتور زاهي حواس،  وساهم في ترميم ورفع الأحجار الضخمة بمدخل هرم الملك وسر كا إف.

 عمل الريس طلال بالمجموعة الهرمية للملك زوسر مع عالم الآثار الفرنسي جان فليب لوير، كذلك عمل بدير الانبا أرميا بسقارة، وايضاً اكتشف السرابيوم الجديد مع وزير الآثار الأسبق الدكتور محمد ابراهيم، وكذلك عمل مع البعثة اليابانية بقيادة الدكتور شيمورا  والدكتور كواي، وعمل ايضاً مع البعثة الفرنسية بقيادة ادرون لابروس جنوب سقارة.

إكتشف الريس طلال مقبرة كا ام مسو بسقارة والطبيب إي مري بشمال سقارة، إضافة إلى العديد من مقابر الأسرتين الاولي والثانية مع الأثري الراحل محمد هجرس مدير منطقة سقارة السابق، كما عمل بمعبد الوادي الخاص بالملك اوناس، وبعثة متحف اللوفر بقيادة الدكتور كرستيان زيجلير، وكذلك مع البعثة الاسترالية مع الدكتور نجيب قنواتي،  العمل مع البعثة الايطالية بمقبرة باك-رن-إف مع الدكتور إيدا برشياني، كذلك قام باكتشاف مقبرة نخب-إيب-نكاو بشمال سقارة مع الدكتور محمد ابراهيم بكر رئيس مصلحة الاثار سابقا،  كما عمل ايضاً مع الدكتور أحمد قدري رئيس مصلحة الاثار سابقا والدكتور أحمد موسى مدير منطقة سقارة السابق، كما عمل بالطريق الصاعد للملك الناس معالدكتور زاهي حواس، وكذلك رفع العديد من التوابيت الضخمة بمنطقة دهشور والجيزة مع الدكتور زاهي حواس.

  كما عمل مع البعثة الالمانية بالطريق الصاعد للملك الناس مع الدكتور مونرو والكشف عن العديد من المقابر ، كما قام باكتشاف قدر به جبنة مخزنة بإيدي المصري القديم، والتي توجد الآن بقاعة "مقابر سقارة" بمتحف ايمحتب بسقارة، والتي لم نعثر مثلها حتي يومنا هذا.


ثقافة فرعونية

عُرف بقراءته للكتابة الهيروغليفية وترجمتها، وكان يتسابق مع علماء الآثار سواء المصريين أو الأجانب لترجمة أسماء وألقاب ووظائف صاحب المقبرة، كما اشتهر أيضاً بمعرفته لتخطيط المقبرة، ومكوناتها، وما تحتويه، وذلك قبل البدء في أعمال الحفر، وهذه الخبرات إكتسبها بفضل عمله مع اشهر علماء الاثار علي مستوي العالم، وهو ما دفع العديد من البعثات الاجنبية والمصرية لاختياره بالاسم للعمل معها دون غيره من مشرفي الحفائر.

نقل الآثار

أشتهر الريس طلال بخبرته في نقل الأحجار الضخمة، والتوابيت، والمسلات، وهو لم يلجأ في نقلها إلي أدوات الرفع الحديثة التي تستخدمها شركات المقاولات الآن، ولكنه إستخدم نفس الأدوات البسيطة التي استخدمها المصري القديم في نقل مثل هذه القطع الضخمة.

اختاره باحث الآثار الشهير الدكتور زاهي حواس لمرافقته في جولاته الأثرية على مستوى الجمهورية، حيث شارك معه في نقل تابوت حاكم الواحات البحرية، والذي يدعي خنسو، وكان حواس يري صعوبة نقل هذا التابوت، نظراً لصعوبة وضعه، إلا أن الريس طلال بخبرته تمكن من نقل هذا التابوت الضخم والصعب أيضاً في ساعة واحدة فقط، حيث قام برفع التابوت مترين، ثم قام بتحريكه علي أداة الدرافيل ستة أمتار في وقت وجيز، وهو ما نال إعجاب الحاضرين من المصريين وعلي رأسهم الدكتور حواس، وكذلك التليفزيون الأمريكي الذي كان يقوم بتصوير عملية النقل.

وساهم الريس طلال في رفع التابوت الضخم في مقبرة إيوف - عا بابوصير، حيث تمكن من رفع الغطاء الضخم رغم صعوبة ذلك، نظراً لثقله الكبير وايضا لضيق المسافة بين التابوت والجدران المكتوبة التي كانت تحيط به .

وساهم الكريتي كذلك في نقل مقبرة مايا مع البعثة الإنجليزية بقيادة جيفري مارتن، حيث كانت تقع هذه المقبرة في بئر عمقها حوالي 20 م أسفل سطح الأرض فقام الريس طلال بنقلها بناءاً على موافقة مصلحة الآثار ، لإنقاذها من التدمير، فقام بتفكيكها وترقيم أحجارها، وإعادة تركيبها مرة أخري بنفس المقاسات التي كانت عليها مثلما تم في معابد النوبة .

ومن أصعب الأعمال التي قام بها الريس طلال أيضا رفع التابوت الحجري لمقبرة ايوف عا بمنطقة أبوصير بمحافظة الجيزة، وكان غطاء التابوت المصنوع من الحجر الجيري يزن حوالي 60 طناً، وكانت طريقة العمل بالمقبرة شبه مغامرة كبيرة، فالتابوت كان موجودا في بئر عمقها 28 متراً، وكانت طريقة النزول إلي هذا البئر هي السلالم الخشبية الممزوجة بالحبال، وقام الريس طلال بإنزال معداته بصعوبة كبيرة، ولكنه استطاع ايضاً بخبرته الكبيرة تحريك ونقل التابوت الضخم.

 وبعد نقل هذا التابوت، عثروا علي تابوت بازلتي آخر يزن 10 أطنان، ووضعه بشكل محكم يصعب فتحه، ولم يكن هناك متسع من الوقت لفتحه، نظراً لأنه قد تم تحديد موعدا لافتتاح مقبرة ايوف عا بحضور وزير الثقافة فاروق حسني، إلا أن الريس طلال أخذ قسطاً من الراحة لمدة نصف ساعة، وأصرر علي فتح التابوت الضخم، وبالفعل تمكن من فتحه في زمن قياسي وهو ساعة ونصف فقط.

 من أهم أعمال الريس طلال أيضاً نقل تابوت قويسنا بالمنوفية، حيث كلفه الدكتور زاهي حواس أثناء الاحتفال بمئوية المتحف المصري بالتحرير بإحضار تابوت قويسنا، والذي كان قد حاول الكثير من مشرفي الحفائر نقله، ولكن باءت كل هذه المحاولات بالفشل، مما دفع الدكتور حواس بتكليفه بهذه المهمة الصعبة، حيث كان هذا التابوت علي هضبة ارتفاعها 17 متراً موجودة وسط مباني وزراعات، لكن الريس طلال استطاع باستخدام الزلاجات الخشبية والدرافيل تحريك التابوت، ووضعه على كساحة، وتم نقله للقاهرة في زمن قياسي.

ومن بين أعماله أيضا إقامة وتثبيت تمثال ضخم يرجع للعصر اليوناني في متحف العريش، وكان هذا التمثال الضخم فاقداً لإحدي قدميه، وكان الجميع يرون صعوبة إقامته من علي الأرض، وتثبيته علي القاعدة المعدة له، وكان هذا التمثال أهم قطعة أثرية بالمتحف قبل الافتتاح، وتم تكليف الريس طلال بنقله، وكان ذلك في شهر رمضان.
ووصل الريس طلال الي العريش الساعة 12 ظهراً واستطاع أن يرفع التمثال ويثبته علي القاعدة الساعة الثالثة والنصف عصراً قبل الافطار، وكان ذلك في حضور الدكتور زاهي حواس والتليفزيون الايطالي، وهو ما جعل الدكتور زاهي حواس يكتب مقالا بعنوان "الريس طلال وابناء الكريتي يمكنهم أن يحركوا الهرم من مكانه".


 تكريم عالمي


حصل الريس طلال علي العديد من شهادات التقدير من جامعة برلين وهانوفر بألمانيا، وجامعة ليدن بهولندا، وجامعة تشارلز بالتشيك، وكذلك حصل على شهادة تقدير من رئيس جمهورية التشيك فاتسلاف هافيل، كما حصل على شهادة فخرية، ووسام من الطبقة الأولى من جامعة تشارلز، وأقام رئيس الوزراء التشيكي عشاء خاص للريس طلال بمنزله الخاص بالعاصمة التشيكية براغ، وكرمه ولي عهد هولندا، وتعد جامعة ليبزج بالمانيا رسالة دكتوراه حول إنجازات عائلة الكريتي في الحفائر والترميمات عامة.

أجرى عدد من التليفزيونات الاجنبية لقاءات مع الريس طلال ، مثل التليفزيون الأمريكي، والفرنسي، والانجليزي والألماني، والتشيكي، والإيطالي، والهولندي والسويسري، وكذلك التليفزيون المصرى فى برامج عدة.

 

الرحيل


توفي الريس طلال الكريتي يوم الجمعة الموافق 20 مارس 2015 عن عمر يناهز 62 عاماً، وأصدر الدكتور زاهي حواس نعيا له، وكتب مقالا بعنوان "الريس طلال الكريتي"، ونعته أيضا أقسام الاثار بجامعات أوروبا وأمريكا.

وللريس طلال إبنان يعملان في مجال الآثار، هما الدكتور حاتم الكريتي، والدكتور حازم الكريتي ، وقد أخذا الكثير من خبرات والدهما الكثيرة، أهمها قدسية الحفاظ على الآثار ، كما حافظ عليها الأجداد منذ سبعة آلاف سنة.


تاريخ الإضافة: 2016-03-29 تعليق: 0 عدد المشاهدات :43375
31      4
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات