لا أعرف الحالة التى تنتابنى عند سماعى خبر إستشهاد جندى أو ضابط، أو كما نعلم فى ميدان الحرب لا تفرق الرصاصة بين أقل رتبة وأكبر رتبه، فكلاهما فى الخطوط الأمامية يواجهون الموت بصدور عامرة بيقين القسم الذى أقسموا عليه إما النصر أوالشهادة، وهكذا بشرهم القرآن، بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون.
تنزل على حالة من السكينة وحالى بداخلى يقول، هى ضريبة يدفعها شهداؤنا من أجل أن نعيش كراما.
فلا يثير شجونى سوى بكاء أم أو أب أو زوجة أو ابن، هنا لا أستطيع أن أقاوم دموعا تتساقط تلقائيا دون أن أشعر بها، لأنها اللحظه التى أتذكر فيها أنى قد أكون فى ذاك الموقف، وأتساءل،،،؟ عن تلك المعادلة الصعبة التى لم نشهد مثلها من قبل،
فكيف لمسلمين أن يتوضأوا بالدم من أجل وهم الفوز ب70حور عين فى الجنة، فمن بشرهم بهذا، وما تلك العقول الفارغة التى يشكلونها لتكون قنبلة موقوته، فأى كفر هذا ، ومن هؤلاء البشر الذين يتوضأون بدماء نجسة، من أجل أن يسيلوا دماء ذكية تتوضأ بها تلك الأرض.
قد لا يشعر بهذا الكثيرون، لأنهم بعيدون عن أرض المعركة، فيعيشون حياتهم وكأن الحياة تسير دون أن يكون هناك حرب.
بل نرى من يستهزيء بهذا، وهناك من ينكر هذا، فإذا كانوا داخل هذا الوطيس ،تراهم كالكلاب تلهث وراء جحرا خوفا ورعبا من هذا الآتون.
ومازالت سيناء تروى بدماء شهداؤنا، لتكون أغصان الزيتون شاهدة على تلك التضحية منذ الأزل، ولنعبر على دمائهم الطاهرة إلى أرض السلام، ونحكى على رمالها أنشودة شعب يدافع عن كل حبه رمل فى وطنه.
ومع كل هذا هناك حرب أخرى شرسة تدور رحاها فى كل ربوع مصر، حرب تسابق فيها الزمن، ترتوى فيها الأرض بالعرق والدم.
فكما تتوضأ أرض سيناء بدماء شهدائنا، هناك فى الحرب المقابلة أراض أخرى تتوضأ بعرق رجالنا، إنها حرب التنمية، والتى هى أيضا هناك من يتجاهلونها، وينكرونها، وكأن الله أنزل على أعينهم وعقولهم غشاوة الجاهلية، كما أنزلها عليهم وهم ينكرون دماء شهداؤنا، على أرض سيناء، فالنجاسة واحدة، يسيرون بها لتكون كل خطوه يخطونها، يبثون فى عقول الآخرون سيئاتهم.
حتى وصل الحال عند البعض أنهم فى يوم ما سيصبحون وقد فتحت لهم الدولة حسابات فى البنوك، دون عرق أو عناء، متناسين عن جهل أن التنمية تمر بمراحل، فإذا لحقت بركابها وبذلت الجهد والعرق إستفدت، وإن استكنت لها فلن تجنى منها عندما تكتمل سوى تحسين الخدمات لأنها فى تلك اللحظة سيكون الناتج النهائى للشعب ككل يصرف عليه.
هكذا تدار الحروب ، من دخلها اكتسب الخبرة وسطر المجد، ومن تخاذل عنها اكتسب الجبن ولطم الخدود.
فمازالت الفرصة أمامكم فى أن تكونوا من تطهرون الأرض بعرقكم، ودمائكم، ولا تكونوا ممن يتوضؤن بالدم، فمثل هؤلاء قد خسروا الدنيا والآخرة، أما أنتم فأمامكم الدنيا والآخرة، فاذا صابرتم على الكبد الذى بشرنا به الله، بإيمانا مستحق، فقد كسبتم الأخرة، فهلموا بنا لنلحق بركب تلك الحرب الدائرة فى القوافى والبرارى، لنحيى الأرض الميته بعرقنا ودمائنا، كما هناك من يطهرون أرضنا من الأنجاس، لتكون شاهدة لأجيالنا القادمة، أن أجدادهم قد قهروا كل الصعاب.