تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الموتى يقرأون الجرائد | الأمير كمال فرج


الموت قدر ومكتوب وكأس لابد للمجتمع أن يتجرعه فهذه مشيئة الله عز وجل وحكمته في خلقه، وهو – أمنت به أو لم تؤمن- أتٍ لا ريب سواء قصر العمر أم طال، وفجيعة الموت أفجع مصائب الدهر عندما يموت لك قريب أو حبيب ..، وكلنا مررنا بتجربة فقد عزيز أو قريب وتجرعنا مرارتها ..، ولكن الله سبحانه وتعالى متعنا بنعمة النسيان والصبر التي لولاها لشط العقل وانخلعت الروح ..!

 الإنسان يزلزله الموت ويفجعه الفراق فيبكي ويصرخ ويتأوه آهات عالية حزينة تذبح القلب وتزلزل الوجدان، وهو معذور في ذلك فهو من لحم ودم وأعصاب، وهو أضعف من هذا الموقف العصيب، ويختلف رد الفعل من إنسان لآخر ففي الوقت الذي نرى فيه بعض من وقر الإيمان في قلوبهم يتلقون الخبر بشجاعة وإيمان ولا يذرفون دمعة واحدة، نجد أحياناً وفي كثير من الأحيان من يتطرفون ويهذون ويشقون الصدور.

 وفي الوقت الحاضر تبرز العديد من المظاهر الغريبة المتعقلة بالموت، ومنها صفحات الوفيات التي تنشرها بعض الصحف والتي يتم من خلالها نشر إعلانات مدفوعة عن الوفيات المختلفة يومياً، ومع إقرارنا بفائدة هذه الصفحات في إعلام الجميع بموت فلان ليعلم أقاربه في كافة المدن والبلدان إلا أنه في كثير من الأحيان تأخذ هذه الظاهرة أشكالاً غريبة كالمباهاة بنشر النعي في مساحات كبيرة مدفوعة، والتملق للآخرين بنشر إعلانات مواساة لهم بمساحات كبيرة.

 وأغرب الظواهر التي أدهشتني في هذا الاتجاه ما نطالعه في هذه الصفحات من رسائل موجهة إلى الميت من أقربائه، الزوج لزوجته أو الزوجة لزوجها ومن الأبناء لأبيهم أو صديق لصديقه .. وهكذا ..، وهي بحق ظاهرة مضحكة وغريبة جداً لا يوجد أي تفسير لها سوى أن الموتى يقرأون الجرائد وبالتالي يقرأون هذه الرسائل التي ينشرها لهم ذووهم ومعارفهم، شيء آخر وهو أنهم –أي الموتى- يقرأون صفحات الوفيات بالتحديد – (وهذا بالطبع ضروري لأنهم موتى!)- بل ويقرأون صحفاً معينة دون غيرها ..!!، يا الله .. ما هذا الهراء وهل وصل ضعف الإيمان ببعض البشر إلى هذه الدرجة ..؟!

 أنظر إلى هذه الرسالة المنشورة في أحد الصحف وتأمل:
(زوجي الغالي ورفيق عمري، عتاباً يا موت (!!) أخذت مني أحن وأغلى حبيب وأصدق صديق .. أهان عليك الفراق وأنت الحبيب والرفيق.. رحيلك المفاجئ حطمني وترك قلبي في لوعة وحسرة لن يمحوها الزمن فوداعاً أيها الحبيب وسأظل أبكيك حتى اللقاء)
زوجتك الحزينة

 وهذه رسالة أخرى من ابن إلى أبيه:
(بابا حبيبي يا أغلى أب وأعز صديق وخير مرشد، أربعون يوماً مضت كل ما حولي يذكرنا بك ، رحيلك حطم قلبي وزلزل كياني، صورتك لن تفارق خيالي يا أروع مثال للحب والتضحية كنت سندي وقدوتي فانعم بفردوس النعيم)
ابنك عماد وحرمه منى وأولاده.

 وهكذا كل الرسائل .. تخلف وسذاجة وقلة إيمان، والغريب أيضاً أن نجد بعض الرسائل مكتوبة ببنط كبير ومساحات أوسع ومنها هذه الرسالة:
(عمي وأستاذي ... لحظة انتقالك سريعة ومرارة فراقك قاسية، ذكراك عطرة فانعم بالسماء مع القديسين والأبرار).
ابن أخيك وزوج ابنتك

والتفسير الوحيد لذلك ربما يكون لأن هناك موتى ضعيفو النظر يرتدون نظارة سميكة..!!، وبهذه المناسبة وما دام كاتبو هذه الرسائل يعتقدون أنها تصل إلى موتاهم لماذا لا نستحدث خدمة جديدة وهي خدمة (بريد الموتى) ليتمكن هؤلاء الملتاعون من إرسال رسائل بريدية إلى السادة الميتين، برسوم بسيطة بدلاً من هذه التكاليف العالية للنشر في الصحف.

 يذكرني ذلك بالظاهرة المؤسفة التي ما زالت موجودة حتى الآن في فئة من المسلمين وهي ذهاب بعضهم إلى أضرحة الحسين والسيدة زينب – رضي الله عنهما- وترك رسائل داخل مظاريف داخل الضريح تحتوي على مشاكلهم واحتياجاتهم، وهم يظنون أن رسائلهم ستصل، وهي كلها خرافات تكشف عن قلة الوازع الديني وعدم فهم الدين الصحيح.

 من العادات الغريبة أيضا والمتعلقة بالموت والتي استوقفتني ذكر عبارة (رحمه الله) بعد اسم الميت، وعبارة (المغفور له) قبله وهذه الألفاظ في رأيي ألفاظ غير صحيحة توقع في الخطأ، فمن أدرك أنه غفر له؟، والمفروض – في رأيي- أن يقول المرء (المغفور له إن شاء الله) هكذا تستقيم الجملة وتتفق مع الصواب ومشيئة الله.

 وغير هذا وذاك توجد العديد من المظاهر الغريبة التي تتصل بعلاقتنا بالموت تحتاج منا إلى مراجعة حتى لا نقع في دائرة المحظور، فعلى الصحف أن تتوقف عن نشر هذه الرسائل الموجهة للموتى عبر الصحف، وتحري الدقة في مثل هذه العبارات التي تتصل بالميت، كما يجب على الجهات المختصة منع ظاهرة خطابات الأضرحة، وقبل ذلك كله يجب علينا جميعا استيعاب الدرس الإلهي والحكمة المصطفاة من (الموت) حتى نكسب الخيرين .. خير الدنيا والآخرة.
تاريخ الإضافة: 2014-04-28 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1144
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات