تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



أجمل تاج | الأمير كمال فرج


الشعراء أكثر فئات المبدعين تعرضاً للظلم .. لا أدري لماذا ..؟، ربما ساعد على تكوين هذا الانطباع عوامل مختلفة، بعض هذه العوامل يتعلق بنظرة المجتمع إلى الشاعر التي تدور حول معان عدة كالشك والغلو والهيام، وربما لكون الكفار في بداية الدعوة الإسلامية رموا النبي الكريم زوراً وبهتاناً بالشعر، والبعض الآخر يتعلق بطبيعة الشاعر نفسه المسألة الجياشة التي تركن إلى التضحية والفداء والإيثار من أجل الآخرين.

 ولعل أحد مظاهر هذا الظلم أن العرب قديماً كانوا لا يزَوجون الشاعر فتاةً كتب فيها شعراً، وكان مَرَدُّ ذلك في العقلية العربية أنهم لو زوجوا الشاعر هذه الفتاة سيتقَوَّل حولها الناس، وسيكون ذلك دليلاً على أنه كان بينه وبينها علاقة، وكان ذلك العار بعينه.

وكان لهذا المعتقد ضحاياه الكثيرون ..، فكم من الشعراء فرقت بينهم وبين حبيباتهم قصيدة قالها الشاعر وذاعت بين القبائل، حتى أنه يقال أن جميل بن معمر لم يتزوج حبيبته لبنى لأنه كتب بها شعراً، وكذلك رفض أبو عبلة أن يزوج ابنته لقيس بن الملوح لنفس السبب، أيضاً عانى من نفس المشكلة كثيّر مع حبيبته عزة، وكان ذلك أحد مظاهر الظلم الكبرى التي تعرض لها الشاعر في الزمن القديم، وربما يكون هذا الموقف مبرراً في العصور القديمة حيث كان الشعراء لا يخجلون من التشبيب بالنساء، ورصد مواقفهم العاطفية الفاضحة مع حبيباتهم في قصائدهم مثلما فعل امرؤ القيس وعمر بن أبي ربيعة وغيرهم، ولكن الشعراء الآن شعراء متأدبون يقنعون من الحبيبة بنظرة وبسمة والسلام.

 والغريب أن هذا النوع من الظلم لم يزل قائماً ومستمراً حتى اليوم، ففي كثير من الأحيان نرى الآباء يخشون أقلام الشعراء، وإلى عهد قريب كان الشعراء يلجأون إلى استبدال أسماء حبيباتهم بأسماء أخرى خوفاً من العاقبة، يقول الشاعر الراحل صالح جودت في إحدى قصائده (خلقتُ في غزلي الأسماء كاذبةً).

 وقد روى أحد كبار الشعراء حكاية طريفة مر بها في صباه عندما كتب في بداية حياته قصيدة لمحبوبته كان اسم الحبيبة عنوانها ونشرتها إحدى الصحف، وعندما ذهب المسكين ليقف موقفه اليومي عند ناصية الحبيبة فرحاً مختالاً بذلك فوجئ بشقيقي المحبوبة تنشق عنهما الأرض ويتحفانه بعلقة ساخنة ..!

 وهكذا ظلت نظرة الناس إلى الشاعر نظرة شك وخوف وريبة ..، فماذا يقول الناس إذا علموا أن هذا الشاعر كتب قصيدة في ابنتهم؟. سيسيء هذا – لا شك – إلى سمعتها، وسوف ينصرف عنها العرسان، هكذا كان يفكر الآباء ولا زالوا ..!!

 وإذا كان الشاعر قد تعرض لهذا النوع من الظلم، فالشاعرة أيضاً شربت من نفس الكأس وتعرضت لنفس الظلم بصورة أفدح وأقسى، حيث دفعت نظرة المجتمع القاصرة نحو الإبداع مئات من المبدعات إلى حجب أسمائهن والتخفي وراء الأسماء المستعارة ردحاً طويلاً من الزمن، لماذا ..؟، لأن المجتمع حرم على الأنثى أن تكتب وتبدع وتعبر عن مشاعرها، ولعل أشهر الأمثلة على ذلك الأديبة الكبيرة عائشة عبدالرحمن التي ظلت طوال نصف قرن تكتب باسم (بنت الشاطئ) لأن المجتمع لم يكن يسمح حينئذ للفتاة أن تكتب غزلاً أو وصفاً أو حتى رثاء ..!.

 كانت المرأة في هذا الزمن تخرج من بيت أبيها مرتين .. مرة إلى بيت زوجها، والمرة الأخرى إلى القبر ..!!، ولعل نموذج (أمينة) في ثلاثية نجيب محفوظ يعطي لنا فكرة عن ذلك، والمؤسف أن بقايا من هذه النظرة لم تزل قائمة حتى الآن، خاصةً في بعض الدول العربية حيث تتفشى ظاهرة الأسماء المستعارة للشاعرات .. والشعراء أيضاً ..!

وما زلت أتذكر رسالة إحدى الشاعرات الخليجيات التي وصلت لي والتي تقول فيها (أحب أن أذكرك أن اسمي (...) من (...) اكتب كما تعلم بالمستعار وهو (...) وذلك درءاً لمشاكل العائلة أو بالأصح شباب العائلة عيال الكلب "عذراً لذلك" ولكنها الحقيقة).

هكذا كان الظلم الذي تعرضت له الشاعرات ردحاً من الزمن، والمؤسف أن هذا الظلم الذي خلف وراءه من الضحايا كثيرات كان بسبب فهم خاطئ لماهية الإبداع، حيث يظن الناس – ولازالوا – أن الإبداع الكتابي لابد أن يكون من واقع تجربة شخصية، وهذا بالطبع ظن خاطئ، فالمبدع يمكنه أن يتقمص التجربة وليس شرطاً أن يمر بها، أيضاً كان هذا الظلم بسبب عدم الإسلام الصحيح .. الإسلام الذي يعطي المرأة مطلق الحرية في إطار المبادئ والأخلاق .. الإسلام الذي يحترم العاطفة ويقدرها.

 الإسلام العظيم يحترم العاطفة الصادقة ولا يرفضها، ولكنه يضعها في إطارها الصحيح، ولعلنا نذكر موقف نبي الأمة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك عندما دخل عليه كعب بن زهير المسجد، وكان الرسول قد أهدر دمه، وشرع في إلقاء قصيدة، فاستنكر الصحابة ذلك، فأشار إليه الرسول الكريم ليواصل، وألقى الشاعر قصيدته الشهيرة (بانت سعاد) وبعد أن أنهى الشاعر قصيدته قام النبي الكريم وأهدى للشاعر بردته النبوية، وتوضح المصادر أيضاً أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يستمع إلى شعر الخنساء ويقول لها (زيدينا شعراً).

 وهكذا عانى الشعراء دائماً من نظرة المجتمع الظالمة، فالشاعرات مقموعات خلف الأسوار مضطرات لاستعارة أسماء وهمية لكي يعبرن عن مشاعرهن، والشعراء يخلقون في غزلهم الأسماء كاذبةً حتى لا يتعرضوا لبطش أهل المحبوبة ..؟!

 الشاعر مزيج نادر من الإحساس المرهف والعاطفة الجياشة النبيلة، وعندما تتحرك مشاعره تجاه أنثى فإن ذلك يعني أن هذه الأنثى بها من المقومات الجميلة ما يحرك الوجدان، وهذه وحدها علامة فخر وليست علامة عار.

 أجمل تاج يمكن أن يزين رأس امرأة .. قصيدة كتبها شاعر صادق الإحساس نبيل العاطفة ..!
تاريخ الإضافة: 2014-04-28 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1322
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات