تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



هوية مصر | الأمير كمال فرج


إذا تحدثنا عن "هوية مصر" فهي لاشك هوية عربية إسلامية" ، وهذا لا يعنى أنني انفردت بتحديد الهوية المصرية ، لأن الهوية أمر تحدده ثوابت وحقائق التاريخ والجغرافيا وهوية السكان، ولا يعنى تأكيدي على هوية مصر الإسلامية تجاهلا للعناصر الأخرى التي يتكون منها النسيج المصري.

 الهوية الإسلامية لا تعنى تقليلا من شأن الأخوة المسيحيين، وأتباع الديانات الأخرى، ولكنه تصنيف عام مرده أشياء كثيرة مثل تاريخ مصر وعدد السكان المسلمين بها ، فعدد الأخوة المسيحيين حسب أعلى التقديرات 10% من عدد السكان..، و 90% مسلمون ، لذلك من البديهي أن تكون هوية البلد إسلامية، وتحريا للموضوعية وانحيازا للمنطق ، لو أن عدد الأخوة المسيحيين هم الأغلب لن نستنكف من الترحيب بالهوية المسيحية لمصر دون أي غضاضة.

 وإذا كان البعض يرى" أن الأخوة المسيحيين أقلية" فإنني أرفض حتى لفظ "أقلية" هذا، حتى ولو كان ذلك واقعا، لأن هذا الوصف ـ في رأيي ـ لا يليق بالنسيج الواحد والكيان الواحد الذي يجمعنا كمسلمين ومسيحيين، والوطنية التي تجمعنا كلنا في هذا الوطن، والمسيحي شريك المسلم في كل شيء حتى في المعاناة اليومية.

 الأخوة المسيحيون جزء أساسي من النسيج المصري، وشريك لاغنى عنه في الوطنية. أيضا لأنه في النظام الديمقراطي ليس الأمر "أغلبية وأقلية"، حيث تكون حتى للفرد الواحد قيمته، ويكون الرأي الصائب هو المتخذ، حتى لو جاء من حزب معارض يمثله شخص واحد، وأن النظام الديمقراطي الحقيقي يجب أن يطالب بحقوق المسلمين والمسيحيين على السواء.

 مصر دولة مسلمة تتكون من عنصرين كريمين هما المسيحي والمسلم، دستورها الإسلام، وقوانينها مستمدة من الشريعة الإسلامية، وهي دولة مدنية عصرية غير دينية، وهي وطن المسلم والمسيحي وأصحاب كل العقائد والمذاهب، وبلد التسامح والتعددية والقيم الإنسانية الحضارية النبيلة.

 نضيف لذلك التقدير الخاص الذي يكنه المسلم إلى المسيحية كديانة، وربما كلمة "التقدير" هنا غير مناسبة، والأصح "الإيمان" الذي نحمله للمسيحية، وإن اختلفنا في أمور جوهرية، ألا يكفي للتدليل على ذلك أننا كمسلمين نؤمن بالنبي عيسى والسيدة مريم العذراء، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تؤكد ذلك.

 لقد وضعت شقيقتي "فاطمة" من أسابيع مولودة جميلة .. هل تعلمون ما الاسم الذي اختارته لها .. ""مريم" لتنضم إلى شقيقيها "يوسف" و"محمود"، وكأن الصدفة رتبت ليجمع أبنائها أسماء من التاريخ الاسلامي والمسيحي واليهودي، في دلالة على تقدير المصريين للديانات السماوية الثلاث.

 لقد أوصانا الله بالأخوة المسيحيين خيرا، قال تعالى (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا، وأنهم لا يستكبرون، وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق، يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين( (سورة المائدة ـ الآية 82 ) ، وقال تعالى أيضا "لا إكراه في الدين ، قد تبين الرشد من الغي ، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها ، والله سميع عليم ) (سورة البقرة ـ الآية 256).

 الثقافة المسيحية هي في الأساس أحد عناصر ثقافتي كمصري مسلم، وأنا أعتز جدا بها، والثقافة الإسلامية يجب أن تكون جزءا من ثقافة الأخوة المسيحيين، لذلك أنتقد الحواجز الوهمية الموضوعة بين الثقافتين، والجهل المتبادل بخصوص الثقافة الدينية، ولا أدرى لماذا لا تفتح الكنائس أبوابها للمصريين للتعرف على الثقافة المسيحية، وتفتح المساجد أبوابها للمسيحيين للتعرف على الثقافة الإسلامية؟.

 أعلم ماقد تثيره هوية مصر الإسلامية من تحسس لدى الآخر، أي آخر، بالتحديد فئة من هذا الآخر، وهذه طبيعة النفس البشرية التواقة للظهور والاستحواذ والتعبير عن ذاتها، خاصة في العالم العربي الذي مازال متقوقعا في قوقعة الفردية والذاتية، ولم يتعلم حتى الآن نظرية التعددية الفكرية والسياسية، ولكن هوية مصر الإسلامية خير ضمانة للمسيحيين وغيرهم، فالمسيحيون ينعمون بكافة الحقوق التي كفلها الإسلام لأبناء الديانات السماوية، هذه الحقوق التي لو وعاها الناس لاكتشفوا أنها قد تضاهي أو تفوق الحقوق التي يحصل عليها المسيحي في دولة مسيحية، ولو أعلينا من قيم المواطنة والمصرية ، لن نردد بعد ذلك حدوتة "المسلم والمسيحي".

 ولكن العجيب أن ينادى البعض بعلمانية مصر ، ويطالب بفصل مصر عن عروبتها وإسلامها، وهي دعوة عنصرية ذاتية بها مابها مما ذكرته سابقا عن أطوار النفس البشرية، والرغبة المحمومة للتعبير عن الذات. وهي دعوى ـ مع تجنيب النوايا السيئة والدوافع المغرضة ـ دعوى خاطئة خاسرة لأنها تفتقد أدنى مقومات المنطقية والواقعية. لأنه كما أسلفنا دولة 90% ممن يعيشون بها مسلمون لابد أن تكون إسلامية. نفس الأمر نقوله عندما نتابع سجالات فضائية حول موضوعات قريبة الصلة مثل "الدعوة لإلغاء خانة الديانة في الهويات الشخصية"، أو "محاولة علمنة الدستور". وهنا نضيف أن الأمر أحيانا يتجاوز النقاش الحضاري الذي نرحب به ليصل إلى قلة الذوق والجليطة، لأن الأمر أحيانا يصل إلى مايشبه شخصا يريد أن يقترح عليك ثوبا تلبسه زوجتك..!

 مصر دولة إسلامية متعددة الأعراق، ومن يرفض هذا الحق، ويحاول تغييره سيكون معتديا يريد أن يسلبني أعظم ما أملكه وهو هويتي، والداعي لفصل مصر عن عروبتها وإسلامها لن يكون مصريا حقيقيا، ولن يكون مسيحيا حقيقيا، لن نرفضه ونصادر رأيه ونستعدي أحد عليه، ولكن سنناقشه ونواجهه بالحجج وبالبراهين، وهو الخاسر في النهاية، لأنه سوف يكون أشبه بمن يحرث في البحر ، أو دونكيشوت الذي يصارع طواحين الهواء. وفي تشبيه آخر سيكون كمن يريد أن يعلن "الفاتيكان" دولة مسلمة.

 عندما تضعف قيم المواطنة، وتختفي العدالة السياسية والاجتماعية، وتضيع الحقوق، تستعر نار التعصب الديني ويتشبث كل فريق وراء دينه، لذلك فالحل يكمن في إعلاء قيم المواطنة فالدين لله والوطن للجميع.

تاريخ الإضافة: 2014-04-17 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1176
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات