تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



21 طلقة | الأمير كمال فرج


أستاذ جامعي خليجي وضع صورة للرئيس مبارك وتطوق عنقه ـ على غرار صدام حسين ـ مشنقة، وراح يستطلع آراء الناس في الصورة، ليدلي كل منهم بدلوه، ويشتم ويسب ،.. ولا أدري ما شأن مواطن خليجي بالرئيس مبارك أو أحداث مصر، ولماذا لا يلتفت إلى بلده هو ، ويمارس نفس النضال، حتى ولو كان على الورق، بالطبع لن يستطيع حتى ان يقول "آه"، لأنه عندها سيكون وراء الشمس.

 قرأت في هذا المعنى موضوعا لكاتب خليجي يستغرب فيه حماس بعض الخليجيين،  وابتهاجهم برحيل مبارك، ومناقشتهم لقضايا الحرية في البلدان الأخرى، في الوقت الذي لا يتعرض هؤلاء المتحمسون لقضايا الحرية في بلادهم.
 الكثيرون يعوضون القهر والكبت والدكتاتورية التي يعانون منها في بلدانهم، فيتناولون قضايا الدول الأخرى،  وكأنهم مناضلين ثائرين. البعض لا يستطيع نقد سياسة بلده الداخلية، فيلجأ ـ على طريقة التعويض ـ إلى نقد سياسات الآخرين .. في شيزوفرينيا عجيبة ينفرد بها المواطن العربي.

 المصريون شعب عظيم،  فهم يثورون على الظلم، وينقلبون على الحاكم الظالم، يمارسون ضده كل وسائل النقد بدءا من النكتة السياسية المعجونة بالصدق والطرافة، ومرورا بالمواد الصحفية والمقالات، وانتهاء بالدراسات التحليلية التي تناقش فساد الحاكم وأسرته.

 المصريون أكثر الشعوب وعيا وديمقراطية، حتى لو حرمهم البعض من هذه الديمقراطية، ولكنهم يمارسون ذلك كله في العلن، لا يعرفون الخفاء والطعن في الظهر، أو على طريقة التورية أو "الكلام إلك ياجارة"، المصريون يناضلون من أجل إسقاط الحاكم الظالم، ولكن عندما يسقط يودعونه بتحية عسكرية، كما فعلوا عند جلاء الملك فاروق .. عندها أطلقت العسكرية البحرية 21 طلقة تحية وتكريما له.

 المصريون يناضلون بشرف وبسالة، يتحلون بأخلاق الفارس النبيل الذي يلقي التحية لخصمه بعد الفوز عليه. تماما كما ألقى القائد العسكري الإيطالي التحية للثائر الليبي عمر المختار بعد القبض عليه إجلالا لبطولته في القتال.
 هذه هي قيم الشعب المصري الذي كان دائما على مر عصوره مقاتلا شريفا، وهي نفس القيم التي أقرها الإسلام عندما أمر بعدم الخروج على الحاكم إلا للكفر البين، وأمر بعدم التنكيل بالأسرى والإحسان إليهم.  ليس ذلك فقط، ولكنه أطلق سراح الأسرى، عندما وقف عقب فتح مكة، وقال لجموع الأسرى الغفيرة "إذهبوا فأنتم الطلقاء".

 لذلك كله لن يرضى المصريون بالتنكيل برئيسهم حسني مبارك، ولا قتله كما فعل الرومانيون مع رئيسهم نيكولاي شاوشيسكو عندما قتلوه هو وزوجته بطريقة شنيعة بدون محاكمة، أو كما فعل العراقيون الذين شنقوا صدام حسين يوم عيد الأضحى بطريقة بشعة بعد محاكمة غير عادلة أكد على عدم عدالتها العالم.

 رغم المظالم الكثيرة لعصر مبارك ، لن يرضى المصريون له بنهاية غير كريمة، فقد كان ـ شئنا أم أبينا ـ رمزا لمصر، وكما أن له سلبيات كثيرة، كانت له أيضا إنجازات غير قليلة، وإذا كانت هناك مخالفات لعصر مبارك، فالقضاء وحده هو المخول بالنظر فيها، والحكم بها.
 كثيرا ما أسأل عن سبب الكراهية الشديدة لمبارك ليس من قبل المصريين، ولكن من قبل بعض العرب، لقد كانت الكراهية لمبارك في بعض الأحيان نتاج لقرارات ومواقف اتخذها ذات بعد عربي وقومي ، منها تصدير الغاز لإسرائيل، وبناء الجدار العازل بين مصر وغزة، وقيادته لحلف ما سمى بـ "الاعتدال" في المنطقة ضد الحلف الشيعي الإيراني، الذي يضم حزب الله اللبناني وسوريا وقطر، وما يمثله ذلك الحلف من أطماع واتجاهات.

 شيء طبيعي أن يكره أنصار الحلف الإيراني مبارك، فما دمت قد اتخذت موقفا أي موقف ، فستحبك فئة وتكرهك فئة أخرى، إذا أردت أن يحبك الجميع على طول الخط، لا تتخذ أي موقف، وقف على هامش التاريخ ، كالمنافقين ، لا لون لهم ولا رائحة.
 الشعوب العربية عاطفية تأخذ فقط بالعناوين دون قرلاءة حتى السطور، وربما لو دقق البعض في بعض القرارات التي تعتبر إدانة لعصر مبارك لاكتشفوا أن الرئيس بريء من هذا القرار، وتفهموا الملابسات التي أدت له، ومن هذه القرارات بيع الغاز المصري لإسرائيل، لأول وهلة عندما ننظر إلى هذا القرار، سنؤكد أنه يؤكد خيانة مبارك لأمته وعروبته، ولكن ببعض المعرفة ستكتشف أن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية تنص على التزام مصر ببيع الغاز لإسرائيل بأسعار تفضيلية ، فالقرار إذن كان من بين حزمة من بنود اتفاقية حصلت مصر فيها على الكثير أولها تحرير الأرض.

الكثير من القرارات التي اتخذها الرئيس مبارك، والتي يرى فيها العرب خيانة، يمكن تبريرها، والتماس العذر للنظام المصري بها كبناء الجدار العازل، والتصدي لإيران، وربما العلاقة الوطيدة مع أمريكا وإسرائيل. ما أود أن أوضحه هنا أن حكم الشعوب ليس دائما صحيحا، وأنه في بعض ـ وربما كثير من ـ الأحيان يفتقد للمعلومات الصحيحة.

 رغم خطايا نظام الرئيس مبارك،  هناك قطاع عريض من المصريين يحبونه، ويبكون من أجله، وهذا شيء طبيعي، ليس الأمر كما تصوره بعض وسائل الإعلام من أن مؤيدي الرئيس هم أنصار الحزب الوطني أو البلطجية، فهناك قطاع ليس قليلا من المصريين يؤيدون مبارك، ويتذكرون جيدا الإنجازات التي حققها، ومنهم الحلاق الذي أحلق عنده،  والذي أكد بصوت متهدج حبه لمبارك، وقال "أنا أحب هذا الرجل، انتظروا ستفتقدون حكمته .. حتى طريقة إلقائه للخطاب، وسوف تندمون على رحيله، كما ندم العراقيون على عصر صدام حسين".

 بالطبع النظام المصري يتحمل الكثير من المسؤولية في هذه الكراهية التي حصدها، ليس في مصر وحدها،  ولكن في العالم، وذلك لأنه استعان بوزراء خارجية فاشلين لم يتمكنوا من توضيح موقفه الحقيقي في كثير من الأحيان.

 للعرب تاريخ طويل في القتل، والسحل، والتدمير،  وضرب المعارضين بالقذائف، وإبادة المعارضين بالطائرات، ولكن مصر لن تفعل ذلك، مصر ستحاكم المجرمين  بالقانون، وتأخذ كل حقوقها بكلمة القضاء المصري الشريف النزيه.

  رغم خطايا الرئيس مبارك، ومعاناة المصريين بسبب سياساته الخاطئة، ورغم أنواع السباب التي يطلقونها عليه، والرسومات الكاريكاتورية الغاضبة والمبتكرة والتي تصوره في هيئة وحش أو شيطان، لن يرضى المصريون لرئيسهم السابق بأقل من الخروج المشرف.

 عند رحيل الرئيس مبارك، سوف يرفع المصريون المثخنون بالجراح أيديهم، بالكثير من التأثر، ويطلق الجنود 21 طلقة في الهواء تحية أخيرة للرئيس، تماما كما يفعل أي فارس نبيل منتصر امام قائد مهزوم.

تاريخ الإضافة: 2014-04-17 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1081
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات