القاهرة: الأمير كمال فرج.

هل تتذكر كيف كان شكل الإنترنت في الماضي؟، صفحات ويب ثابتة تستغرق وقتًا طويلاً للتحميل، وصور JPG ضبابية، والكثير من النصوص والخلفيات ذات الألوان الصارخة، هل تدرك التغير الكبير الذي حدث، بنفس المقياس يمكنك تصور الشكل الذي سيكون عليه الإنترنت في عام 2035.

ذكر برنارد مار في تقرير نشرته مجلة Forbes "في أكثر من عشرين عامًا من سيطرته على حياتنا، تطور الإنترنت ليصبح أكثر اجتماعية وأكثر سهولة في الوصول، والاستخدام. على الرغم من أنه من الصعب على أي شخص التنبؤ بأي شيء حتى بعد عشر سنوات من المستقبل، فإن الشيء الوحيد الذي أنا متأكد منه هو أن هذا التطور سيستمر".

قبل عشر سنوات، إذا سألت شخصًا ما عن ماهية الإنترنت، سيدور الأمر حول صفحات الويب التي يتم عرضها على شاشة الكمبيوتر. اليوم، تطورت التجربة عبر الإنترنت وتحول إلى التطبيقات والأجهزة وخدمات البث والعوالم الافتراضية، وبفضل التقدم في الواقع المعزز، نراه يتعدى على العالم الحقيقي.

إليكم خمسة من الاتجاهات التي ستحدد ما يعنيه أن تكون "متصلًا بالإنترنت" مع اقترابنا من عام 2035:

1ـ تداخل الواقع والافتراض

على مدى العقد المقبل، لن نرى سوى الإنترنت يصبح أكثر انغماسا في عالم غير مادية، وأكثر قدرة على تلبية المزيد من احتياجاتنا اليومية. سواء كان ذلك العمل أو الاسترخاء أو اللعب أو التسوق أو التواصل الاجتماعي مع الأصدقاء.

بحلول عام 2035، ربما لن يعني مفهوم "عدم الاتصال بالإنترنت" الكثير. حتى لو لم نكن نحدق في الشاشة (وهي واجهة أصبحت أقل شيوعًا)، فإننا نتفاعل مع البيئات الافتراضية والمتصلة بالإنترنت من خلال البيانات المتدفقة إلينا عبر عدد لا يحصى من الأجهزة، وربما حتى بما في ذلك الرقائق المزروعة في أدمغتنا.

لا عجب إذن أن التمييز بين العالم الحقيقي المادي والعالم الرقمي المتصل سيصبح منعدما تقريبا بحلول هذه المرحلة. وسوف تعمل واجهات الواقع المعزز على إضفاء الحياة على المعلومات الرقمية أمام أعيننا، وتركيبها على صور تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر بغض النظر عن مكان وجودنا أو ما نقوم به.

وسوف يبدو مفهوم تسجيل الدخول إلى الفضاء الافتراضي عتيقا للغاية، حيث تقوم الآلات تلقائيا بالتحقق من هويتنا باستخدام البيانات الحيوية دون أن نلاحظ ذلك. وسوف يضع هذا حدا لفكرة استمرت لعقود من الزمان حول تزايد تقييد البشر بالشاشات، والعزلة داخل غرف مظلمة، أو الوجود في الواقع الافتراضي، على غرار فيلم "جاهز يا لاعب واحد Ready Player One"، وسوف يكون الإنترنت والعالم الافتراضي من حولنا، متشابكين مع العالم الحقيقي - وهو مفهوم ربما يكون أكثر رعبا!

2ـ نهاية النظم البيئية؟

لذا يبدو أن محاولة شركة ميتا (فيسبوك سابقا) لضم المجال الافتراضي الناشئ الذي كنا نشير إليه ذات يوم باسم "العالم الافتراضي" قد توقفت. في عام 2024، يريد المستخدمون عوالم افتراضية - وليس حدائق افتراضية محاطة بجدران - وفي عام 2035، لن يكون الأمر مختلفًا. فبدلاً من الارتباط بأي نظام بيئي معين - سواء كان iPhone أو Android أو Xbox أو Playstation - سيتوقع المستخدمون التوافق بين الأنظمة الأساسية والاتصال السلس، بغض النظر عن الأجهزة أو نظام التشغيل الذي يعمل خلف الكواليس.

هذا يعني، على سبيل المثال، أن المستخدمين سيكونون قادرين على أخذ الصورة الرمزية الخاصة بهم من Fortnite، جنبًا إلى جنب مع الجوائز والمكافآت التي حصلوا عليها، وتجسيدها بسهولة في Roblox. للحصول على مثال أكثر نضجًا قليلاً، فكر في محادثاتك على Slack أو Zoom وجهات الاتصال الخاصة بك التي تندمج بسلاسة في MS Teams - وغيرها من الأدوات التي نستخدمها بعد 10 سنوات.

قد يتم تسهيل كل هذا من خلال التحرك نحو أنظمة بيئية مفتوحة ولامركزية - ربما مبنية على تقنية blockchain - مع إدراك المزيد منا لمخاطر منح شركات مثل Google و Microsoft و Apple ملكية حياتنا وهوياتنا عبر الإنترنت.

3ـ الرعاية الصحية الافتراضية

أصبح من الشائع بشكل متزايد أن نلجأ إلى الإنترنت لتلقي الرعاية الطبية أو العلاج. وتشمل العوامل المساهمة في ذلك جائحة فيروس COVID-19، وشيخوخة السكان، ونقص المتخصصين الطبيين في جميع أنحاء العالم.

كل هذا يعني أن الرعاية الصحية عبر الإنترنت ستكون جزءًا كبيرًا من حياتنا بحلول عام 2035. وسوف يلتقي المرضى ومقدمو الرعاية الصحية بشكل أقل تكرارًا ولكنهم سيكونون أكثر ارتباطًا من أي وقت مضى، بفضل ثروة البيانات التي سيتم جمعها بواسطة الأجهزة التي نرتديها وحتى الكاميرات في منازلنا (مراقبة مستويات النشاط المتناقصة لدى كبار السن أو السقوط في المنزل، على سبيل المثال). وسوف يختبر الكثير منا الوقت كمرضى في مستشفى افتراضي، حيث سيتم مراقبتنا عن كثب وتلقي رعاية شخصية في راحة منازلنا.

في الوقت نفسه، سيتم استخدام كل هذه البيانات لبناء توائم رقمية متطورة بشكل متزايد لأجسامنا، مما يعني أن العلاج سيكون مخصصًا وموجهًا لظروفنا المحددة. ستكون الأسئلة حول بيانات الرعاية الصحية ومن يملك المعلومات حول حالتنا ورفاهتنا أكثر استبصارًا من أي وقت مضى، ولكن الحلول القائمة على blockchain وحفظ السجلات اللامركزية قد تساعدنا في الاحتفاظ بالسيطرة والوصاية.

ستكون إحدى الفوائد الرئيسية هي أننا لم نعد مقيدين بتلقي الرعاية من الخبراء في منطقتنا أو القيام برحلات طويلة ومكلفة للعلاج من قبل خبراء في جميع أنحاء العالم. وسيعني الواقع الافتراضي أو الواقع المعزز أنه يمكن العلاج عبر الإنترنت للعديد من الحالات مثل إدارة الألم أو الصحة النفسية أو العلاج الطبيعي.

4ـ الاقتصادات الافتراضية والملكية الرقمية

بحلول عام 2035، ستكون المنتجات والسلع الافتراضية مرغوبة ومطلوبة مثل الأحذية الرياضية ذات الإصدار المحدود أو تذاكر تايلور سويفت VIP اليوم. ولماذا لا تكون كذلك؟ بالنسبة للمراهقين في الغد، ستطبق حقوق المفاخرة على الممتلكات في المجال الرقمي بقدر ما تنطبق على الممتلكات المادية.

من العقارات الافتراضية إلى الشهادات الرقمية والمقتنيات، ستحمل هذه الأصول قيمة حقيقية في العالم الحقيقي، مما يخلق اقتصادات جديدة ويحول الأعمال التجارية عبر الإنترنت والألعاب والتواصل الاجتماعي. وهذا من شأنه أن يعزز تطوير نماذج أعمال جديدة، وتوفير السلع والخدمات الافتراضية فضلاً عن الوصول إلى الأحداث عبر الإنترنت مثل الحفلات الموسيقية والتجارب الافتراضية.

وسوف يشكل اقتصاد المبدعين الذي نشهده بالفعل يتطور حول منصات مثل Roblox جزءًا أكبر من حياتنا، وسوف يكون الكثير من هذا بفضل ديمقراطية الإبداع الرقمي الذي عززها الذكاء الاصطناعي التوليدي والأدوات الناشئة، وهو من يعمل على زيادة الوصول إلى الفرص، مما يسمح للأفراد من خلفيات اجتماعية واقتصادية متنوعة بالمشاركة في بناء مستقبل التجربة عبر الإنترنت.