القاهرة: الأمير كمال فرج.

البعض يعتقد أن الذكاء الاصطناعي اختراع جديد، ولكنه متأصل تمامًا في حياتنا. في الواقع، كان يختفي لبعض الوقت تحت السطح، ولكنه لم يغيب مطلقا عن حياتنا الاجتماعية.

ذكر برنارد مار في تقرير نشره موقع Linkedin" "في كل مرة خلال العقد الماضي بحثنا فيها على الإنترنت أو تصفحنا Netflix بحثًا عن أفلام ، استخدمنا الذكاء الاصطناعي. إنه موجود عندما نستخدم تطبيقات الملاحة لنقلنا من النقطة أ إلى ب ، وعندما نستخدم مرشحات الكاميرا لمنح أنفسنا بشرة ناعمة أو آذان أرنب.

لكن ظهور الذكاء الاصطناعي "التوليدي" على مدى السنوات القليلة الماضية هو ما أوضح حقًا كيف ستغير هذه التكنولوجيا العالم جذريًا.

ببساطة شديدة، الذكاء الاصطناعي التوليدي هو ذكاء قادر على إنشاء أشياء جديدة - والتي يمكن أن تكون نصًا مكتوبًا أو صورًا أو فيديو أو حتى كود كمبيوتر - استنادًا إلى الأمثلة التي تم عرضها.

ظهرت بعض الأمثلة الممتعة - من يمكنه أن ينسى Deep Fake Tom Cruise المقطع المويف الذي ظهر فيه توم كروز بوجوه متغيرة، أو Pope in a Puffer Jacket وهي صور مزيفة تظهر البابا في معطف أبيض؟.

بلغت موجة الابتكار المدفوع بالتكنولوجيا ذروتها العام الماضي بإصدار ChatGPT وأدوات إنشاء الصور مثل Stable Diffusion و Midjourney. هذه تضع قوة الذكاء الاصطناعي التوليدي في أيدي أي شخص على الإطلاق ، حتى أولئك الذين لديهم خبرة تقنية قليلة جدًا أو معدومة.

وقد أدى ذلك إلى معضلة كبيرة إلى حد ما. لقد تأثر العالم بالفعل بالمعلومات المضللة والأخبار المزيفة، وأصبح استخدام التكنولوجيا لنشر الافتراء والأكاذيب الخبيثة أمرًا شائعًا بشكل متزايد. مع قدرة الجميع على استخدام هذه التكنولوجيا - التي ستصبح بلا شك أكثر تعقيدًا مع مرور الوقت - كيف سنعرف أبدًا ما إذا كان أي شيء نراه أو نسمعه حقيقيًا مرة أخرى؟

عصر التضليل

"الكذبة يمكن أن تسافر في منتصف الطريق حول العالم بينما الحقيقة ما زالت تلبس حذائها." لا يبدو أن أحدًا متأكدًا تمامًا من أول من ابتكر هذا الاقتباس، ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أنه لم يكن أبدًا أكثر صحة مما هو عليه اليوم!.

بفضل الموجات المستمرة من التقدم التكنولوجي - من الإنترنت إلى وسائل التواصل الاجتماعي إلى "التزييف العميق" إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي - أصبح من الصعب بشكل متزايد معرفة ما إذا كان ما نراه بأعيننا حقيقيًا أم لا؟.

الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة ، جائحة كوفيد -19 العالمية، واستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ، والغزو الروسي لأوكرانيا - كلها أحداث ذات أهمية عالمية. وكل هذه الأحداث تميز بمحاولات منسقة للتأثير على الطريقة التي نفهم بها من خلال انتشار حملات التضليل الإعلامي المستهدفة.

التزييف العميق Deepfakes هي بالتأكيد واحدة من أكثر المنتجات إثارة للقلق في ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدية. أصبح من السهل جدًا الآن جعل الأمر يبدو كما لو أن أي شخص يقول أو يفعل أي شيء، حتى الأشياء التي لن يفعلها أبدًا في الحياة الواقعية.

وقد تراوح ذلك من محاولات السخرية أو إحراج السياسيين إلى إنتاج مواد إباحية غير توافقية تظهر المشاهير في مشاهد فاضحة، و "الانتقام الإباحي" الذي يستهدف الأفراد. كانت هناك أيضًا حالات استخدم فيها المحتالون أصواتًا مزيفة لخداع الناس للتخلي عن المال بجعلهم يعتقدون أن أحبائهم في ورطة ويحتاجون إلى المساعدة.

لا يجب أن يكون التزييف العميق والاستخدامات "الإبداعية" الأخرى للذكاء الاصطناعي التوليدي خبيثة حتى يمكن أن تكون مضللة ومحرفة للواقع. منذ أن سقطت الأدوات في أيدي الجمهور ، غمرت وسائل التواصل الاجتماعي المئات من الأغاني التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي والتي لم تغنيها أصوات بشرية مطلقًا - يمكنك سماع "سجل البيتلز الأخير" الذي يظهر فيه جون لينون (تم اعتماده رسميًا من قبل الأعضاء المتبقين) ، أو كيرت كوبين الذي يؤدي أغنية Blur 2 (ليست رسمية).

بالنظر إلى العواقب المحتملة، من الواضح أنه من الأهمية بمكان أن نفهم تمامًا الآثار الأخلاقية لهذا التحول على مستوى المجتمع. كيف يمكننا التغلب على هذه التحديات دون خنق الفرص التي لا شك فيها للتغيير والتقدم الإيجابي الذي يجلبه الذكاء الاصطناعي أيضًا؟

الثقة والتنظيم

قد يكون عدم القدرة على التمييز بين الواقع والتخيلات أو الأكاذيب الناتجة عن الذكاء الاصطناعي كارثيًا ، سواء فيما يتعلق بالأحداث ذات الأهمية السياسية أو في علاقاتنا الشخصية.

الثقة ضرورية في العديد من مجالات الحياة - نحتاج إلى الوثوق بقادتنا المنتخبين، ونحتاج إلى الوثوق بأصدقائنا وأحبائنا، ونحتاج إلى الوثوق بمطوري أدوات الذكاء الاصطناعي الذين يستخدمون بياناتنا لاتخاذ قرارات تؤثر على حياتنا.

ربما الأهم من ذلك كله، أننا بحاجة إلى أن نكون قادرين على الوثوق بما نراه ونسمعه بأعيننا حتى نتمكن من اتخاذ قرارات بشأن من يمكننا الوثوق به أيضًا.

يلعب المنظمون دورًا مهمًا في تحديد ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيتم الوثوق به أم لا?. يمكننا أن نتوقع رؤية القوانين تدخل حيز التنفيذ بهدف منع استخدام التكنولوجيا للخداع والتضليل من أجل الحفاظ على ثقة الجمهور.

ومن الأمثلة على ذلك القوانين التي دخلت حيز التنفيذ في الصين في يناير 2023، والتي تحظر استخدام تقنية التزييف العميق أو أي تقنية ذكاء اصطناعي قد تعطل الأمن الاقتصادي أو القومي. تحظر القوانين أيضًا محتوى التزييف العميق الذي يصور أشخاصًا حقيقيين على قيد الحياة عندما يتم ذلك دون موافقتهم، وتلزم منشئي المحتوى التركيبي بتوضيح أنه ليس حقيقيًا.

ومع ذلك، هناك دائمًا خطر يتمثل في أن مثل هذه الأساليب قد يكون لها تأثير في خنق بعض إمكانات الابتكار التي يجلبها الذكاء الاصطناعي. لذلك، في حين أن طريقة الصين لمواجهة هذا التحدي - من خلال الإنفاذ والتنظيم - هي أحد الحلول الممكنة للمشكلة، فقد تفضل الولايات القضائية الأخرى اعتماد المزيد من الأساليب العضوية.

الضمانات والحلول الأخرى

في حين أنه من المرجح أن يلعب التنظيم دورًا مهمًا في استجابة المجتمع لصعود غير الواقعي، فمن المحتمل أن تكون الأساليب الأخرى على نفس القدر من الأهمية.

ربما يكون مفهوم محو الأمية الرقمية هو الحل. من خلال تطوير (وتزويد الآخرين) بالمهارات اللازمة لإجراء تقييم نقدي للمحتوى الرقمي الذي نراه، فإننا نعزز مجتمعًا أكثر مرونة ضد المعلومات المضللة. هل كان من الممكن حقًا أن يقوم كورت كوبين بأداء الأغنية 2؟ هل من المحتمل حقًا أن يكون جو بايدن قد غنى Baby Shark بعد تقديمها على أنه "نشيدنا الوطني"؟

من المرجح أن توفر مبادرات التحقق البشري من الحقائق خط دفاع آخر. يتضمن ذلك فرقًا من الخبراء المتعلمين والمدربين المهرة في استخدام الأساليب العلمية للتأكد من الحقائق من الخيال، والعمل (قدر الإمكان) بعيدًا عن التحيز السياسي أو غيره من أنواع التحيز. سوف تصبح ضرورية بشكل متزايد مع تطور تقنية المعلومات المضللة لتصبح أكثر تعقيدًا.

وبالطبع، من المحتمل أن يكون للتكنولوجيا نفسها دور كبير لتلعبه. تتوفر بالفعل الحلول المستندة إلى البرامج لاكتشاف متى تم إنشاء المحتوى أو تغييره بواسطة الذكاء الاصطناعي، وتغطي كلاً من الذكاء الاصطناعي التكويني المستند إلى النص من النوع الذي تم إنتاجه بواسطة ChatGPT ، بالإضافة إلى مقاطع الفيديو والصور والأصوات المستخدمة لإنشاء التزييف العميق.

في حين أن التنظيم في شكل ما هو أمر مؤكد، فإن هذه الأساليب العضوية لمكافحة ظهور المعلومات المضللة يمكن أن تكون فعالة أيضًا، مع ميزة إضافية تتمثل في أنه من غير المحتمل أن تتعطل المحاولات الحقيقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحقيق غايات إيجابية.

 
فوائد ومخاطر الذكاء الاصطناعي

ومع ذلك فنحن - كأفراد وكمجتمع - قررنا معالجة احتمالية المعلومات الخاطئة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، فمن الواضح أننا نواجه تحديات صعبة على الطريق المقبلة. من خلال تبني استراتيجية شاملة - تشمل التفكير النقدي ، والتحقق من الحقائق، والحلول التكنولوجية - من المرجح أن نخفف من المخاطر بينما نمهد الطريق للعمل الجيد الذي يمكن القيام به.

لا شك في أن التغلب على التحديات التي تم استكشافها هنا هو عمل موازنة صعب - ولكن لدينا كل الحافز لتحقيقه. بغض النظر عن مسارها ، فإن السنوات الخمس المقبلة - حيث يتكيف المجتمع مع وجود هذه التكنولوجيا التي تغير العالم ويتعامل مع آثارها - ستكون بالغة الأهمية.

هذا يعني أنه لا يمكن لأي شخص مشارك في الذكاء الاصطناعي بأي شكل من الأشكال - سواء كمستخدم أو منشئ أو مشرع أو مستفيد - أن يتجاهل هذه الأسئلة الكبيرة في قلب هذه القضية.