القاهرة : الأمير كمال فرج.

يعتقد العلماء إن الواقع الافتراضي، إلى جانب المواد المخدرة ، يساعد في علاج المرض النفسي. لذلك بدأوا علماء ألمان أول تجربة سريرية في العالم للعلاج بالمخدر باستخدام الواقع الافتراضي.

ذكر دينيس بيرجر في تقرير نشره موقع mixed-news إن "باحثون أستراليون سيسافرون إلى هولندا من أجل ما يُعرف بخلوات بسيلوسيبين Psychedelic Retreat لتجنيد مشاركين في دراسة الواقع الافتراضي. في هذه الخلوات، يتناول فيها المشاركون المواد المهلوسة بشكل قانوني في ظل ظروف خاضعة للرقابة".

يشارك العديد من الضيوف في تجربة العلماء، حيث يستهلكون السيلوسيبين الموجود في الفطر السحري، والسيلوسيبين ‏ هو مركب كميائي مهلوس يوجد في أكثر من 200 نوع من أنواع فطر المشروم.

وعندما يتلاشى التأثير المسكر، يرتدون سماعات الواقع الافتراضي، فينغمرون في بيئة افتراضية هادئة مع النجوم المتوهجة واليراعات العملاقة.

في عالم الواقع الافتراضي هذا، يمكنهم انتزاع نجمة واستخدامها كجهاز تسجيل صوتي. ثم نجعلهم يتحدثون عما حدث بداخلهم في الساعات القليلة الماضية في ذروة سكرهم. ثم تشكل التسجيلات الصوتية كوكبة متألقة من النجوم في بيئة الواقع الافتراضي.

في اليوم التالي، يعود الأشخاص إلى عالم الواقع الافتراضي هذا ويستمعون إلى تسجيلاتهم. الهدف هو تذكر التجربة. داخل العالم الافتراضي، يمكن للمشاركين بعد ذلك التوسع والإضافة إلى نجوم معينة والأفكار والعواطف المرتبطة بها بينما يحرقون الآخرين بشكل رمزي في نار افتراضية. ما هي الغاية؟

مهلوس LSD + الواقع الافتراضي =؟

في السنوات الأخيرة، تطورت تقنيات الواقع الافتراضي والأبحاث حول المخدر في العلاج النفسي. سيتم الآن ربط الحقلين بشكل أوثق. تم استخدام ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك LSD وهو من المهلوسات القوية المؤثرة على العقل، إضافة إلى الفطر السحري، على سبيل المثال، في العلاج النفسي لعدة سنوات لعلاج الإدمان أو الاكتئاب.

في أستراليا، تعمل مجموعة صغيرة من الباحثين على تطوير أول علاج بمساعدة الواقع الافتراضي في العالم في هذا المجال. تركز جلسات العلاج بالمخدر التقليدي على الأفكار والعواطف التي تحدث أثناء تناول الدواء. الخطوة التالية هي تحديد وتحليل القضايا والمشاكل الأساسية.

قد يكون هذا صعبًا، كما تقول أنيسزكا سيكولا، طالبة الدكتوراه في جامعة سوينبورن الأسترالية. وذلك لأن المرضى نادرًا ما يتذكرون أفكارهم ومشاعرهم تمامًا وهم في حالة سكر. هل الواقع الافتراضي هو الحل لهذه المشكلة؟، هل يمكن أن تساعد سماعات الرأس VR في التقاط الذكريات العابرة التي تحدث أثناء الثمالة؟.

في عام 2020 ، شاركت سيكولا في تأسيس شركة Enosis Therapeutics الناشئة مع الطبيب براش بوسباناثان. تستكشف الشركة الواقع الافتراضي كأداة في العلاج بالمخدر. في مقطع فيديو إعلامي على موقع الشركة على الويب، يمكنك مشاهدة بيئات الواقع الافتراضي مثل الشاطئ عند غروب الشمس أو مشهد رائع للصحراء.

بينما يرسم المرضى "خريطة ذهنية" لتجربتهم في المخدر، يمكن للمعالجين مراقبة العالم على الشاشة دون الدخول إليه. ترى سيكولا، أن التسجيلات الصوتية أثبتت أنها أدوات ذاكرة" قوية، تقول ""يتم تذكيرهم بما كانت عليه التجربة من خلال سماع رواية تلك التجربة بصوتهم، مع كل هذه التعبيرات والحمل العاطفي المرتبط بأصواتهم."

لماذا VR بدلاً من التسجيل الصوتي؟

يقول البروفيسور لوك داوني، الذي شارك في الدراسة التجريبية الهولندية، إن "بعض المعالجين كانوا متشككين في الواقع الافتراضي، وأشاروا إلى أنه ربما كان يقطع التجارب الصوفية الحقيقية بين الناس الآخرين". ومع ذلك ، "قال حوالي 90% [من المشاركين] إنهم يعتقدون أنه مناسب، وقد استمتعوا به، وسوف يفعلون ذلك مرة أخرى كجزء من تجربة مخدر".

أفادت سيكولا أن أولئك الذين استخدموا الواقع الافتراضي كان من الأفضل أن يتذكروا تجاربهم المخدرة. في الإذاعة الأسترالية، شاركت اقتباسات من مشاركين مجهولين في الدراسة، منها :

     "كانت هناك ذكريات أكثر مما كنت أعتقد. اعتقدت أنني لست بحاجة إلى النجم لتسجيل هذا، ولكن بعد ذلك قلت في الواقع أكثر مما أتذكر".

     "ساعدني الواقع الافتراضي على التفكير في التجربة، والمحافظة على الإعجاب؛ لم أعد أتعثر بعد الآن، جميل أن يتم تذكيرك بهذه الرؤية السحرية ".

     "النجوم التي تغذيها الذكريات كانت مفيدة في بناء العقل."

يبدو أن الواقع الافتراضي ساعد بعض المشاركين على استعادة ذكريات تجربة الهلوسة والعاطفية. قد تجعل العناصر المرئية والانفصال عن العالم الحقيقي من العمل أفضل من التسجيل الصوتي فقط.

العرض العالمي الأول في ألمانيا

في أواخر العام الماضي، أعلنت شركة Enosis عن شراكة مع عيادات Ovid ومقرها برلين ، والتي تستخدم الكيتامين لعلاج الاكتئاب والقلق والصدمات واضطراب الوسواس القهري. وهما يجريان معًا أول تجربة سريرية في العالم للعلاج بالمخدر باستخدام الواقع الافتراضي.

قالت سيكولا: "إنهم يقدمونه في الوقت الحالي للعملاء الذين يبدأون علاجاتهم بالكيتامين" ، مشيرة إلى أن بعض مستشفيات الطب النفسي في ملبورن تسعى إلى شراكة مع الشركة الناشئة. "[العيادات] لا تزال تتعلم، ونحن في الأيام الأولى معهم".

ستكون شركة Enosis في مؤتمر SXSW في 10 مارس 2023 ، مع لجنة من الخبراء لمناقشة الواقع الافتراضي والعلاج المخدر بمزيد من التفاصيل.

انتقاد علاجات الواقع الافتراضي

بعض أنصار العلاج المخدر منذ فترة طويلة حذرون من الاهتمام الجديد بالواقع الافتراضي. انتقد ريك دوبلين، الذي أسس الجمعية متعددة التخصصات لدراسات مخدر (MAPS) في كاليفورنيا في عام 1986، استخدام "الصور الموجهة".

وقال: "لديك برنامج VR الذي من المفترض أن يذكرك بطريقة ما بصورك الداخلية، لذلك لن تكون دقيقة مثل خيالك".

بعبارة أخرى، يعمل الواقع الافتراضي على حل مشكلة غير موجودة. علاوة على ذلك، كما يقول ، أظهرت العديد من الدراسات السريرية أن العلاجات المخدرة تعمل بشكل جيد دون مساعدة الواقع الافتراضي.

يشير دوبلين إلى الدراسات التي أظهرت تحسنًا في العملية العلاجية للأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة باستخدام عامل النشوة إكستاسي MDMA  وهو نوع من أنواع المنشطات له تأثير نفسي مشتق من الأمفيتامين، متسائلاً "ما الذي نحاول إصلاحه؟".

لا يبدو أن النقد والتشكيك يوقفان علاجات الواقع الافتراضي. على العكس من ذلك، قد يتساءل المرء عما إذا كان من الممكن استخدام الواقع الافتراضي للتخلص من المخدرات تمامًا.

في دراسة نُشرت في مجلة Nature Scientific Reports في أغسطس 2022، وصف فريق بحث بريطاني-إسباني محاولات لخلق واقع افتراضي يحفزه المُخدرون بشكل موثوق، بأنها "تجربة ذاتية السمو".

العلاجات الرقمية كمجال عمل

على أي حال، يبدي العالمان الصيدلاني والمالي بعض الاهتمام بعلاجات الواقع الافتراضي. وفقًا للبروفيسور لوك داوني، يرغب المستثمرون في الاستفادة من الأسواق الناشئة للعلاجات المخدرة.

يقول داوني، "لا يمكنك الحصول على براءة اختراع لنباتات القنب أو LSD. يجب أن يكون لديك شيء آخر"، مشيرًا إلى تفصيل مهم وهو العلاج الذي سيكون براءة اختراع مع الفعالية.

على سبيل المثال، طور باحثون في جامعة موناش في ملبورن علاجًا للقلق يجمع بين الواقع الافتراضي والمخدرات.

تتوفر بالفعل تطبيقات VR للتأمل التي تستخدم طرقًا مثل تلك الموضحة. يتحدث المدير التنفيذي للشركة المصنعة لأحد هذه التطبيقات، Tripp ، عن "العلاجات الرقمية" ويرى فرصة للنمو في ميتافيرس. في جولة تمويل العام الماضي، جمع تطبيق Tripp الملايين من شركات مثل مطور بوكيمون غو Pokémon Go Niantic.

ولكن ما إذا كان الأمر برمته أكثر من مجرد طريقة مشكوك فيها للتعامل مع الواقع الافتراضي ونفسية المرضى، فلا يزال يتعين إثبات ذلك من قبل الباحثين.