الأمير كمال فرج.
العلم مقوم رئيسي للتطور، لولاه لظل الإنسان كما كان في العصر الحجري، يطارد الوحوش البرية، والعلوم نتاج مجموعة هائلة من التجارب والأبحاث التي مر بها الإنسان، كبرت وتعاظمت شيئا فشيئا، فأفادت الإنسان، وعلَّمت البشرية.
والعلم عالم لا نهائي من المعلومات والحقائق، تستلزم حركة مستمرة من البحث والتجريب، والعلوم التي وصل لها الإنسان ـ رغم أهميتها ـ تعد قليلة جدًا أمام قدرة الله وعظمته، قال تعالى "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا".
والطب أحد حقول المعرفة التي بلغ فيها الإنسان مبلغًا عظيما، ومع أنه علم قائم على التجارب والبراهين والنتائج السريرية والمعملية، إلا أن هناك عامل مهم يضيف للطبيب وقدرته على الكشف والتشخيص، وهو الإيمان . لذلك فإن العلم إذا اقترن بالإيمان تكون النتائج عظيمة.
ومن الأطباء الذين جمعوا بين ثنائية الطب والإيمان البروفيسور أحمد فتحي أبو جمال الذي تبحر في الطب ووصل إلى أعلى المراتب، ولكنه لم ينس يوما الدين، ففتح الله عليه، فتوحات العارفين، ومنحه قدرة أعلى على التشخيص والعلاج.
وهذا ليس غريبا، فالدكتور أبو جمال خريج جامعة الأزهر الشريف المؤسسة الدينية التي تخطى عمرها الألف عام، والتي تمزج بين الدين والدنيا،.. التجربة والبصيرة،.. العلم والإيمان.
وهذا الكلام عن الدكتور أبو جمال ليس مدحا لشخصية تستحق المدح، ولكنه ناتج عن تجربة، فقد عانيت لشهور طويلة من آلام في الكتف، ومررت على 7 أطباء عظام، ومن خلال هذا العدد تمكنت من تكوين صورة عن الطبيب العربي الآن، فواحد لم يقم من مكتبه واكتفى بمعرفة الأعراض وكتابة العلاج، وآخر كان كريما معي وآثر أن لا أخرج من المستشفى إلا بكمية علب دوائية من الممكن أن تكون نواة لصيدلية صغيرة، وثالث أصر ـ سامحه الله ـ على أن يخضعني لأشعة الرنين المغناطيسي، وفيها يدخل المريض بأكمله جهازا يشبه القبر لمدة نصف ساعة، وكانت تجربة صعبة لا أدري كيف مرت.
المهم أن القدر ساقني إلى استشاري الروماتيزم في مستشفى الدكتور سليمان الحبيب في المدينة الطبية في دبي الدكتور أحمد فتحي أبو جمال الذي تمكَّن بخبرته الطويلة من تحديد المشكلة، وتحديد العلاج، فكان الشفاء بأمر الله أسرع مما أتصور.
والدكتور أبو جمال من الأطباء القلائل الذين يعتمدون في التشخيص على الخبرة، ففيما يعتمد كثير من الأطباء على الأجهزة، ويرفعون شعار "القول ما تقوله الأجهزة"، يعتمد أبو جمال على خبرته في الكشف السريري، وفي النهاية الأجهزة، وهو ما يمكّنه من التشخيص الدقيق، وهو بذلك لا يُخضع المريض إلا للفحوصات الواجبة، ويختلف بذلك عن جمهرة من أطباء اليوم الذين يحرصون أن يدور المريض "كعب داير" في دائرة من الفحوصات والإشعات والتحاليل غير المبررة، بهدف الربح.
الخبرة هي التي تفرق بين الطبيب العالم والطبيب العادي، عن طريقها يستكشف المرض ويتحسسه، ويعرفه بلمسة الأيدي، والطبيب الناجح يسبق الأجهزة في التشخيص، ويستعين بالأجهزة ليؤكد الأمر.
جمع الدكتور أبو جمال بين علوم الطب، وخبرات العمل، وإيمان الطبيب، وإنسانيته، فأعاد لنا الثقة في رسالة الطب التي تراجعت أخيرا تحت وطأة الرخص التجارية، وقوانين المال.
يحصل الدكتور أبو جمال على ثقة المريض، وهي عامل مهم في عملية الشفاء، لقد أثبت أن العامل الأهم في الطب ليس المستشفى، ولا الأجهزة الحديثة، وإنما الطبيب، لذلك يبحث المريض عن الطبيب الكفء، ويتنقل وراءه للكشف لديه من دولة إلى أخرى.
وللبروفيسور أبو جمال أبحاث ودراسات مهمة في مجال العظام والروماتيزم، وتحتفي ببحوثه ودراسته مختلف الدوائر والمؤتمرات الطبية العربية والعالمية، وهو إمتداد لمجموعة من الرواد المسلمين الذين أثروا عالم الطب، مثل الرازي والكندي وابن سينا وابن رشد وداود الأنطاكي.
وأبو جمال قاريء أول للأدب، وهو يتابع بعين المتذوق اللبيب الإصدارات الأدبية الجديدة، ويعلق عليها ويقدمها بمقدمات مثقفة واعية، وهو بذلك يكشف عن جانب آخر من جوانب الطبيب والعالم والمثقف.
تحية للبروفيسور والعالم الجليل الدكتور أحمد فتحي أبو جمال، وتحية لكل طبيب يسلح نفسه بالعلم والإيمان، ويتمسك بقسم أبقراط من ناحية، وبالقسم الإلهي من ناحية أخرى، ويشدد على أن الطب أولا وأخيرا رسالة من أعظم الرسالات.