إكسبو 2020 دبي.
يعد الماء أساس كل أشكال الحياة على الأرض، وهو أثمن الموارد الطبيعية المحدودة على كوكبنا، ورغم ذلك الواقع، ما زالت تواجه محيطاتنا ومواردنا من المياه العذبة، التي لا يسهل على الناس الوصول لسوى واحد في المائة منها، تهديدات عديدة.
وتظل حماية والمحافظة على الماء أمرا بالغ الأهمية، لبناء مستقبل آمن ونظيف وصحي للإنسان وكوكب الأرض، وفق نصوص أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، ويُحرَم واحد من كل أربعة أشخاص (ما يعادل ملياري شخص) على مستوى العالم من إمكانية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، بينما يُحرَم نصف سكان العالم (ما يعادل 3.6 مليار شخص) من الوصول إلى خدمات المرافق الصحية الآمنة، فيما يفتقر 2.3 مليار شخص إلى وجود المرافق الأساسية لغسل اليدين في منازلهم.
ويفي إكسبو 2020 دبي بالتزامه بأهداف التنمية المستدامة طوال فترة فعاليته المستمرة لـ 182 يوما وما بعدها، وتماشيا مع موضوعاته الفرعية (الفرص والتنقل والاستدامة)، حيث يدعم العديد من المشروعات، التي تركز على المياه على مستوى العالم، بدءا من ابتكار حلول منخفضة التقنية وبسيطة لغسل اليدين، ووصولا إلى ابتكارات تحلية المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية، وتحدث تحوّلا في مجال الوصول إلى المياه العذبة، وتلك التي تبتكر بدائل مستدامة للمواد البلاستيكية التي تهدد محيطاتنا.
ومن هـــــذه المشروعـــــات: "مـارين إنفوفيشن"، وهي واحــــدة من الجـــــهات الـ140 الحاصلة على منحة ودعم برنامج إكسبو 2020 دبي العالمي للابتكار والشراكة "إكسبو لايف"، حيث طورت الجهة المبتكرة، ومقرها كوريا الجنوبية، منتجات من الأعشاب البحرية بديلا عن المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام والخشب، وهي فعّالة من حيث التكلفة وقابلة للتحلل الحيوي بشكل كامل.
وتشكل كذلك مسألة الحفاظ على المحيطات، وبالخصوص الصيد الانتقائي للأحياء المائية، أساس جهود الجهة المبتكرة العالمية المشاركة "سيفتي نت تكنولوجيز"، التي طورت الأجهزة الضوئية (بايسيز) والتي صممها صيادون من أجل الصيادين، حيث أنه باستخدام المُحفزّات البصرية لجذب وصدّ مختلف أنواع الكائنات الحيّة، يتمكّن الصيادون من اصطيادها أو صدها بطريقة أكثر انتقائية، مما يخفض الصيد العرضي بنسبة 90%.
وتشمل قائمة الجهات الحاصلة على منحة إكسبو لايف على مستوى العالم، شركة "موسان"، ومقرها سويسرا، وتعمل على إحداث تغيير في نمط الحياة في جميع أنحاء غواتيمالا، حيث ابتكرت أنظمة صرف صحي دائرية صديقة للبيئة، تحوِّل الفضلات إلى أسمدة قيّمة، وكذلك أكياس المرحاض أحادية الاستخدام، والقابلة للتحلل التي طورتها شركة "بألف سين"، ومقرها الأردن، التي تعمل على إعادة تدوير وتطهير المياه والمخلفات البشرية، وتحوّلها إلى أسمدة.
ضمان الحصول على مياه شرب نظيفة وآمنة هو هدف شركة "ديسولناتور" التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرا لها، حيث يستخدم نظامها للمياه النظيفة الحاصل على براءة اختراع طاقة حرارية وكهربائية لتقطير أنواع المياه المعقدة، بما في ذلك مياه البحر وغيرها من المياه الملوثة بالمعادن الثقيلة.
وعلى نفس المنوال، يدير مشروع "دار سي حماد" في المغرب، أكبر منشأة لتجميع الضباب في العالم، حيث يعمل على توفير مياه ضباب آمنة وصالحة للشرب للمجتمعات المحلية التي كانت تعاني شُح المياه سابقا في منطقة سلسلة جبال الأطلس الصغير.
يربط مفهوم الامتياز الاجتماعي "جيبو أوغاندا" رواد الأعمال المحليين في شرق أفريقيا بالموارد والخبرات اللازمة لبيع مياه الشرب بأسعار معقولة في الأسواق الناشئة. حيث يزود رواد الأعمال المحليين بالتمويل والتدريب المهني على الأعمال التجارية، واسم علامة تجارية موثوقة؛ إضافة إلى أصحاب الامتياز القادرين على إنتاج المياه النظيفة وتوزيعها وبيعها بأسعار معقولة في المجتمعات التي تفتقر إلى الخدمات في أوغندا.
لا يقتصر دعم إكسبو 2020 دبي لمشروعات تركّز على المياه والتي من شأنها تغيير حياة المجتمعات التي تعمل فيها على برنامج إكسبو لايف، وإنما يسلط برنامج أفضل الممارسات العالمية من إكسبو 2020 دبي الضوء على 50 مشروعا في جميع أنحاء العالم للعمل معا من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كذلك تبّنت شركة "سانِرجي"، التي تتخذ من كينيا مقرا لها، نموذج الامتياز بصنع منتجات صرف صحي ميسورة التكلفة صُممت خصيصا للعشوائيات في المناطق الحضرية قبل منحها لأفراد المجتمع المحلي لخدمة جميع السكان. وذلك عبر جمع نفايات الصرف الصحي بشكل احترافي من ساكني العشوائيات بواسطة عربات يدوية وشاحنات قبل تحويل النفايات في منشأة مركزية إلى منتجات نهائية قيّمة مثل الأسمدة العضوية وأعلاف حيوانية أساسها الحشرات.
وفي أماكن أخرى، توفر مؤسسة "إيفيدنس أكشن" حلا فعّالا من حيث التكلفة لمعالجة المياه عبر تركيب وحدات توزيع كلور سهلة الاستخدام بجوار مصادر المياه، وصيانتها من قبل طاقم من راكبي الدراجات النارية المحليين. ومنذ تركيب هذه الوحدات وصل البرنامج إلى أربعة ملايين شخص، وتجّنب أكثر من مليوني شخص حالات الإصابة بمرض الإسهال، وأسهم في إنقاذ حياة أكثر من 1700 طفل دون سن الخامسة.
وتكمن الوقاية من الأمراض في صميم الجهود التي يبذلها "بروجكيت ماجي"، ومقره غانا، حيث ابتكر مشروع "ماجي باكيت" وهو حل يعتمد على استخدام القدمين في غسل اليدين ويلغي الحاجة إلى اللمس، مما يحدّ بنجاح من خطر العدوى وانتشار البكتيريا. صُمم هذا الابتكار منخفض التقنية لضمان ممارسات غسل اليدين بشكل سليم في المجتمعات الريفية كإجراء وقائي أساسي ضد انتشار جائحة كوفيد-19