القاهرة : الأمير كمال فرج.
في الوقت الذي تؤكد فيه الهيئات الصحية مثل منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها على أهمية التباعد الإجتماعي لمنع انتشار الفيروس التاجي Covid-19، أظهرت العديد من الدول تهاونا كبيرا في تطبيق ذلك.
وأظهرت العديد من الصور والمقاطع التي يتم تداولها عبر مواقع التواصل الإهمال الجسيم لهذا البعد، حيث يتزاحم العشرات في قاعات ضيقة، ويتحدثون وجها لوجه، ويقف البعض أحيانا في صفوف متلاحمة ومتلاصقة، دون اعتبار لهذا الشرط الصحي الأساسي في معركة الإنسان ضد الفيروس، حتى بعض الهيئات الصحية العربية تورطت في هذا التهاون.
وتلتزم الكثير من الهيئات والمؤسسات بالتباعد الإجتماعي ، باعتباره حائط صد ووقاية لمواجهة الفيروس ، ومن بين هذه الهيئات البيت الأبيض في الولايات المتحدة، حيث وضع المسؤولون عنه قواعد مشددة لتطبيق التباعد الاجتماعي .
ويبدو ذلك بجلاء في الاجتماعات الدورية للرئيس دونالد ترامب مع الصحفيين، وهي ما يطلق عليها "جلسات الإحاطة" والتي يتم فيها حاليا إعلان مستجدات الخطط الموضوعة لمواجهة الفيروس .
والمتابع لهذه الجلسات يلاحظ أن منظمي الاجتماع رتبوا الجلسات جيدا بحيث يجلس كل صحفي بعيدا عن زميله بما لا يقل عن مترين، حتى عند تنظيم هذا الاجتماع في حديقة البيت الأبيض ينفذ التباعد بين المقاعد بدقة .
وتعتبر الإمارات العربية من أوائل الدول التي تصدت للفيروس بهدوء وحسم ، وأدى ذلك إلى نجاح واضح في محاصرة الفيروس، وتقليل عدد الإصابات والوفيات، وهو ما أشادت به المنظمات الدولية .
وتطبق كافة الهيئات الإماراتية الرسمية والخاصة التباعد الإجتماعي، ويتم ذلك بدءا من كبار المسؤولين الذين حرصوا أن يكونوا قدوة في ذلك ، ففضلا عن خيار الاجتماعات الإفتراضية التي لجأ إليها قادة الدولة ، فإن التباعد الاجتماعي أصبح ملزما في كافة الأسواق والبنوك والمؤسسات، لمنع انتشار الفيروس.
وفي المملكة العربية السعودية لجأ مدير أحد الفروع إلى فكرة شخصية ، وهي وضع مقاعد خارج الفرع لجلوس المستفيدين على مسافات آمنة، وإدخال كل خمسة مستفيدين معا ، لتقليل الزحام ، والحفاظ على التباعد الجسدي .
ولكن بعض المعلقين انتقدوا تصرف المدير رغم إجتهاده وتصرفه الحكيم، وأخذوا الجانب السييء في الموضوع، وهو إجلاس المستفيدين خارج الفرع تحت أشعة الشمس .
ولجأت بعض الدول إلى بعض الإفكار لتفعيل التباعد الاجتماعي، ومنها الاستعانة بأدوات لرش المطهر بأذرع طويلة تمنع اقتراب العامل الصحي بالمستفيد، وتبقي الطرفين على مسافة آمنة، وتعمل العديد من الأسواق والشركات والبنوك على وجود مسافات آمنة بين الزبائن أو العملاء ، وتخصص موظفين للتأكد من ذلك.
وحلا لهذه المشكلة تقنيا بدأت شركة Ford Motor Co بتجربة أجهزة يمكن ارتداؤها للحفاظ على المسافة الاجتماعية الواجبة لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد Covid-19، بحيث يمكن نشرها على نطاق أوسع بمجرد إعادة فتح شركة للمصانع المتوقفة.
ونصحت منظمة الصحة العالمية بالحفاظ على مسافة 6 أقدام، أي حوالي مترين، بين الناس لتفادي خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، لأن الفيروس ينتشر عبر القطرات التي تخرج من المريض عند العطس، والبعد الجسدي يحد من العدوى .
وتصف مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إجراء التباعد الإجتماعي بالبقاء خارج الأماكن المزدحمة، وتجنب التجمعات الكبيرة، والحفاظ على مسافة 6 أقدام، أي حوالي مترين، بين الآخرين عندما يكون ذلك ممكناً.
وكانت منظمة الصحة العالميّة قد دعت إلى تغيير مصطلح «التباعد الاجتماعي»، واستبداله بمصطلح «التباعد الجسدي»، لأن ما نفعله حالياً هو التباعد الجسدي وليس الاجتماعي.