القاهرة : منوعات.
فاز رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، بجائزة نوبل للسلام لهذا العام، وهي الجائزة رقم مئة في هذه الفئة لجهوده في تحقيق السلام والتعاون الدولي، والقفزة الحضارية التي حققها لبلاده في سنوات معدودة.
وذكر تقرير نشره موقع BBC أن "آبي أحمد رئيسا أنتخب لوزراء إثيوبيا في مارس 2018، وخلال حوالي عام ونصف، أهله نشاطه في منصبه للحصول على جائزة نوبل للسلام، حيث يعود الفضل في نيله هذه الجائزة تصديه لعدة ملفات على رأسها إفساح المجال للحريات السياسية داخل البلاد، وتهدئة الصراع الدائر مع إريتريا، ودوره في اتفاق انتقال السلطة في السودان".
الإفراج عن المعتقلين
استهل أحمد عمله في منصبه باتخاذ عدد من الإجراءات، شملت إلغاء حالة الطوارئ، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، والإقرار بوقائع التعذيب وإدانتها، والأفراج عن الصحفيين المعتقلين.
كما عقد حوارا مع قوى المعارضة والمجتمع المدني لبحث سبل الإصلاح السياسي ودعا المعارضين المقيمين في الخارج إلى العودة للبلاد.
وتشمل الإصلاحات التي يتبناها أحمد قطاعات الأمن والمخابرات والقضاء. وتعهد بالقيام بإصلاحات تضمن تحقيق العدالة وسيادة القانون، ووضع نظام محاسبة للمخالفين.
وفيما يخص المرأة، تبنت حكومة أحمد سياسة المناصفة بين الجنسين، فاختار نصف أعضائها من النساء. وتولت امرأة منصب وزيرة الدفاع لأول مرة في تاريخ البلاد، كما خفض عدد الوزارات من 28 إلى 20 وزارة، واستحدث وزارة للسلام تولتها رئيسة البرلمان السابقة، موفوريات كامي.
وتبنى أحمد عددا من المبادرات التنموية والعالمية، أبرزها مبادرة لزراعة 350 مليون شجرة في يوم واحد في أغسطس الماضي، والتي أعلن أحمد نجاحها.
وساهمت هذه الإجراءات في تهدئة الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد منذ عام 2015. كما راقت هذه الإصلاحات لدول الغرب والمنظمات الدولية، لكن الجبهة الداخلية لم تهدأ بشكل تام، إذ واجهت البلاد محاولة انقلاب في يونيو الماضي، وشملت هذه المحاولة هجومين منفصلين، في العاصمة أديس أبابا وفي ولاية أمهرة. قُتل رئيس الأركان في الهجوم الأول، ورئيس ولاية أمهرة ومستشاره في الثاني، وتسبب ذلك في تشديد الإجراءات الأمنية، وإغلاق الطرق في العاصمة، وقطع الإنترنت عن البلاد لفترة.
النزاع مع أريتريا
في التاسع من يوليو 2018، أعلن آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي انتهاء الصراع الذي استمر على مدار عشرين عاما. ووقع أحمد وأفورقي في ذلك اليوم إعلانا مشتركا للصداقة والسلام، تمهيدا لاتفاق سلام أُقر في سبتمبر من نفس العام.
واندلع النزاع عام 1998، بشأن السيادة على منطقة حدودية بين البلدين. وراح ضحيته حوالي 80 ألف شخص، إضافة إلى أكثر من نصف مليون شخص من النازحين والمهجرين على الجانبين.
ووضع اتفاق السلام بين البلدين نهاية للصراع الذي أنهك السكان المحليين، الذين ينتمون لعرقيات وقبائل واحدة على جانبي الحدود.
وبفضل هذا الاتفاق، عادت شبكة الطرق والمواصلات للعمل بين البلدين. كما ازدهرت حركة التجارة بعد رفع القيود عن تبادل البضائع والأموال، وعودة شبكة الاتصالات للعمل.
وحقق هذا الاتفاق انفراجة لإريتريا، إذ وافق مجلس الأمن على رفع العقوبات عن البلاد، بجانب رفع حظر بيع الأسلحة. كما أُفرج عن الممتلكات المجمدة، ورفع الحظر المفروض على سفر مواطنيها.
التحول الديمقراطي في السودان
استقبل الحضور في مراسم توقيع اتفاق تقاسم السلطة في السودان كلمة آبي أحمد بحفاوة بالغة، ما يعكس حجم الشعبية التي يحظى بها رئيس في البلاد.
وكان لأحمد دور كبير في الوساطة بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى الحرية والتغيير مما سمح بانتقال البلاد نحو الديمقراطية.
وعبر في أكثر من مناسبة عن دعمه للتهدئة بين جميع الأطراف، وتحقيق التحول الديمقراطي في السودان بشكل سريع.
ويعتبر البعض أن اتفاق تقاسم السلطة ما كان ليتم لولا تدخل أحمد لتقريب وجهات النظر بين المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير، خاصة بعد تأزم الموقف وإلغاء المجلس العسكري للاتفاقات السابقة مع المعارضة.
ولم ينتهي التعاون بين الحكومة الإثيوبية والحكومة الانتقالية السودانية عند توقيع الاتفاق، إذ يعمل الطرفان على توطيد العلاقات السياسة والاقتصادية بين البلدين.
واستضافت أديس أبابا الأسبوع الماضي الملتقي الاقتصادي السوداني الإثيوبي، برعاية مجلس الأعمال الإثيوبي السوداني المشترك.
ينحدر أحمد من عرقية أورومو، أكبر مجموعة عرقية في البلاد، والتي كانت تقود الاحتجاجات المناهضة للحكومة السابقة على مدار ثلاث سنوات. وهو أول رئيس وزراء للبلاد من هذه العرقية.
أب مسلم وأم مسيحية
ولد في 15 أغسطس عام 1976، فى بلدة بيشاشا، بمنطقة أغارو، قرب مدينة جيما بإقليم الأورومو، لأب مسلم وأم مسيحية.
وحصل أحمد على عدد من الدرجات العلمية، هي شهادة الماجستير في القيادة التحولية، ودرجة ماجستير أخرى في إدارة الأعمال، ودرجة الدكتوراه من معهد دراسات الأمن والسلام في جامعة أديس أبابا.
ولم تكن بدايات عمله السياسي على نفس النهج السلمي الذي يتبناه في سياساته، إذ التحق بالعمل المسلح عام 1990 مع رفاقه في "الجبهة الديمقراطية لشعب الأورومو"، إحدى جبهات الائتلاف ضد الحكم العسكري لنظام الرئيس "مانجستو هايلا ماريام" حتى سقط حكم الأخير.
كما التحق رسميا بقوات الدفاع الوطنى الإثيوبية (الجيش) عام 1991، فى وحدة المخابرات والاتصالات العسكرية، وتدرج بها حتى وصل إلى رتبة عقيد عام 2007.
ورغم تجوله ما بين المؤسسة العسكرية وتطوير إمكاناته العلمية والأكاديمية، إلا أنه غادر وكالة أمن شبكة المعلومات الإثيوبية (إنسا) عام 2010، ليتفرغ للسياسة بصورة رسمية ومباشرة.
وبدأ أبى أحمد عمله السياسي التنظيمي عضوا في الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو، وتدرج إلى أن أصبح عضوا في اللجنة المركزية للحزب، وعضوا في اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم في الفترة ما بين 2010 - 2012.
كما انتُخب عضوا بالبرلمان الإثيوبي عن دائرته في 2010. وخلال فترة خدمته البرلمانية، شهدت منطقة جيما بضع مواجهات دينية بين المسلمين والمسيحيين، وتحول بعضها إلى عنف، وأسفرت عن خسائر في الأرواح والممتلكات.
ولعب أحمد دورا محوريا، بالتعاون مع العديد من المؤسسات الدينية ورجال الدين، في إخماد الفتنة الناجمة عن تلك الأحداث وتحقيق مصالحة تاريخية في المنطقة.
وفي عام 2015، أعيد انتخابه في مجلس نواب الشعب الإثيوبي (البرلمان)، كما انتخب عضوا في اللجنة التنفيذية للجبهة الديمقراطية لشعب أورومو.
وفى الفترة من 2016 إلى 2017 تولى أحمد، وزارة العلوم والتكنولوجيا بالحكومة الفيدرالية، قبل أن يترك المنصب ويتولى منصب مسؤول مكتب التنمية والتخطيط العمراني بإقليم أوروميا، ثم نائب رئيس إقليم أوروميا في نهاية 2016، ولاحقا، ترك أحمد كل هذه المناصب لتولى رئاسة الحزب.
وآبي أحمد متزوج من السيدة زيناش تاياتشو، ولديهما ثلاث بنات، وفي فبراير الماضي، تبنت الأسرة طفلا يحمل اسم "مليون". وحضرت زوجة أحمد أمام المحكمة لتدعم الطلب الذي تقدما به وتتعهد بتقديم الرعاية التي يحتاجها الطفل، الذي لم يكن قد أكمل عامه الثاني آنذاك.