القاهرة : الأمير كمال فرج .

تعتبر قصة حب الفنان الفرنسي مارك شاغال Marc Chagall (7 يوليو 1887 :  28 مارس 1985)، وزوجته بيلا Bella من قصص الحب الجميلة في تاريخ الفن التشكيلي، وهذه القصة لم تقتصر على الزوجين ، ولكنها فرضت نفسها على لوحات الفنان الفرنسي الذي ارتبط اسمه بالعديد من المدارس الفنية المهمة وكان واحدًا من أنجح فناني القرن العشرين.

ذكر تقرير كتبه دانيال جاميسون في صحيفة Theguardian أن "منذ اللحظة التي نظرا فيها لبعضهم البعض عام 1909 ، بدا أن مارك شاجال وزوجته ، بيلا ، يشتركان في طريقة معينة لرؤية العالم. كانت بيلا كاتبة موهوبة ووصفت مواجهتها الأولى له بما يشبه لوحة تشاجال بالكلمات، قائلة  "عندما ألقيت نظرة على عينيه ، كان لونها أزرقًا كما لو كانت قد سقطت من السماء مباشرةً. كانت عيون غريبة ... طويلة ، على شكل لوز ... ويبدو أن كل منها يبحر بنفسه، مثل قارب صغير. "

فوق المدينة

تعلقت بيلا بسرعة بمارك ، واستمرت في قراءة لوحاته لبقية حياته، وكان أجملها صور نفسه وبيلا يطيران معًا ، كما لو أن فرحتهما المشتركة كانت لها قوة جسدية تقاوم قانون الجاذبية نفسه.

وفي عيد ميلادهما ، يبدو أنهما فوجئا برحلتهما ، وصعدا نحو السقف مثل فقاعتين مذهلتين من النشوة، ففي لوحة "فوق المدينة Over the Town ، ينجرفان عالياً فوق ميناء فيتبسك، في بيلاروسيا ، حيث يطير واحد فقط في الأحلام ، ويتمتع بامتياز فريد لمشاركة خيالية عائمة واحدة. يمكن أن يكون هناك عدد قليل من عمليات الإحياء الأكثر وضوحًا في الفن حول كيفية الشعور بالحب.

أب السريالية

تعتبر قصة شاغالز رائعة أيضًا لأنها عاصرت الكثير من تاريخ القرن العشرين بشكل مباشر، ففي عام 1911 ، ترك مارك بيلا في روسيا، وذهب إلى باريس ، مركز الحركة الحداثية في الفن الغربي، وسرعان ما أضاف شيئا ثوريا، وقال أندريه بريتون ، الذي عرف شاغال بأنه أب للسريالية ، "تحت نفوذه ، دخلت الاستعارة إلى اللوحة الحديثة".

عاد مارك إلى فيتبسك عام 1914 ليتزوج من بيلا ، وكانا محاصرين في روسيا بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى، فانتقلا إلى سان بطرسبرج ، ووجدا نفسيهما متفرجين على الحلبة الروسية للثورات.

بعد ذلك، أصبحت الطليعة المؤسسة الجديدة في الفن الروسي، ودُعي مارك ليكون مفوضًا للفنون البصرية. نصحته بيلا بأن يعتذر، لكنه قبل العرض لبدء مدرسة فنية جديدة في فيتيبسك.

الفن البروليتاري

لكن الرأي الرسمي سرعان ما تصلب حول "الفن البروليتاري"، فأجبر مارك على الاستقالة من المدرسة، بعد أن وجد أن عمله غير مرحب به في روسيا.

غادر مارك وبيلا وابنتهما إيدا البالغة من العمر خمس سنوات روسيا عام 1922 ، ولم يعودا أبدًا. لقد راقبا الوضع في رعب من بعيد خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، حيث دمر النازيون وطنهم اليهودي، فأهملت بيلا كتابتها لدعم مارك في رسوماته ، لكن خلال السنوات القليلة الماضية من حياتها في المنفى في نيويورك ، كتبت مذكرات غنائية في اليديشية بعنوان "حرق الأنوار" ، عن طفولتها في فيتيبسك، وفي عام 1944 توفيت بسبب التهاب الحلق الذي يمكن الآن علاجه بسهولة بالمضادات الحيوية.

غربات وخيول

منذ أكثر من 20 عامًا ، صنعت أنا وإيما رايس ونيكي سفيد النسخة الأولى من برنامجنا حول مارك شاغال ، بعنوان "شاغال عاشق الطيران في فيتبسك"، وأردنا أن نقدم قصة مارك وبيلا، بفضل المخرجين أليسون هودج وتيم سبايسر ، ذهبنا إلى Gardzienice ، وهو قصر من القران التاسع عشر في بولندا، ويقع فيه المركز الأوروبي لممارسات المسرح .

أخذنا ممثلو Gardzienice في رحلات استكشافية إلى المناطق النائية من البلاد لجمع الأغاني والقصص، وذهبت إلى الغابات على الحدود بين روسيا البيضاء وبولندا ، على بعد بضع مئات من الأميال من فيتبسك،لا تزال البيوت الخشبية وغابات البتولا والعربات التي تجرها الخيول التي رصدها شاغال في لوحاته.

 في إحدى الليالي، نقلتنا امرأة عجوز إلى قبلة صغيرة خارج القريةK قادتنا مباشرة إلى منتصف الغابة وأشارت تحت أقدامنا، في الشفق ، بين الجذور والسراخس ، بدأنا نلاحظ شواهد القبور في كل مكان والتي كانت مكتوبة بالخط العبرية، وأدركنا عندها أننا كنا نقف في بقايا مقبرة يهودية.

تقول إيما إنه لا توجد خطوط مستقيمة في لوحات شاغال - لقد صمم وجهة نظره ليناسب بشكل أكثر راحة نظرته المتعمدة للعالم.

أغنية حب روسية

بمشاهدة بروفات العمل المسرحي الذي يوثق قصة مارك وبيلا، في المرحلة الجديدة من العرض ، يسعى مارك وبيلا لإخبارنا عن قصتهما والأغاني والرقصات والمفاجآت تتصاعد بشكل لا يقاوم بين الكلمات :

آية من أغنية حب روسية هنا

وفورة من رقصة زفاف مسعورة هناك

بقرة خضراء

وفورة من اليديشية تهليل

عناق يصبح بمثابة ضربة فرشاة لطلاء جسد آخر في الهواء.

هناك حميمية لهذا النمط من الأعمال الذي يناسب المسارح التي يسافر إليها عشاق الطيران هذا الصيف، في هذه العروض التي تمزج بين المسرح والسيرك، تشعر أنك تستطيع التواصل ولمس المسرح.

 أحب شاغال السيرك، وقال: "أحب السيرك ، وأنا متأثر جداً بمكياجهم ووجوههم، فمعهم أستطيع أن أتحرك نحو آفاق جديدة".