الإسماعيلية : الأمير كمال فرج.
في محطة الاسماعيلية للسكك الحديدية يطالع المسافر بمجرد دخوله عربة قديمة تلفت النظر، وعندما يقترب يكتشف أن العربة هي إحدى عربات الخديوي اسماعيل ملك مصر السابق.
العربة موضوع بجوارها لوحة عليها العبارة التالية (عربة الخديوي اسماعيل ١٨٦٣ ـ ١٨٧٨ م) وتحتها عبارة (تنفيذ الفنان شكري جبران) . والخديوي اسماعيل يرجع له البعض العديد من الاصلاحات التي شهدتها مصر في هذا الزمن، حيث عمل على تطوير الملامح العمرانية، والإدارية، والاقتصادية، ويعتبره البعض المؤسس الثاني لمصر الحديثة، ويصفه البعض الآخر بالخديوي المظلوم الذي لم ينصفه التاريخ، وشهد عصره الانتهاء من حفر قناة السويس وافتتاحها.
العربة الكلاسيكية كما تظهر الصور عربة تجرها الخيول، وتتميز بإتقان الصنع، ويظهر ذلك من التصميم أولا الذي يوحي بأنه تم في الخارج، على غرار العربات الملكية لملوك مصر في هذا الزمن، والتزيين البديع الذي استخدمت فيه نقوش وتشكيلات ذهبية .
المشكلة أن العربة التاريخية قد طالتها يد الإهمال، فهي موضوعة في الساحة الداخلية للمحطة دون حاجز خاص يحميها من العبث، خاصة وأنها في مكان مقابل لنوافذ حجز التذاكر، وعندما تقترب ستصاب بالدهشة، فالعربة فعلا تعرضت للتلف، يظهر ذلك من فقدان جزء من النقوش الذهبية المثبتة على جانبيها، وكسر جزء من الحلى العلوية المصنوعة على شكل تاج . ليس ذلك فقط، ولكن أيضا تحطم جزء من الإطار الذهبي الذي يحمي جوانب العربة، والمفجع أنك ستجد جزء من هذا الإطار ملقى على الأرض تحت العربة، يمكن لأي مسافر أن يمد يده ويأخذه ويمضى .
العبث الواضح والإهمال الجسيم الذي تعرضت لهما هذه العربة التاريخية تفجر مجددا قضية كبرى وهي الإهمال المصري التاريخي في التعامل مع الآثار، وتوجه أصابع الإتهام لكل المسؤولين في المحافظة، بل وأبنائها الذين يطالعون يوميا هذه الجريمة التي تتم في محطة الاسماعيلية دون أن يعترض أحد.
منذ أيام كنت في زيارة لمتحف السويس القومي، وأبهرتني هناك عربة ملكية لنفس الخديوي معروضة باهتمام بالغ، وتحظى على اهتمام خاص من المشرفين على المتحف، ويتوقف عندها العديد من الزوار .
والسؤال الآن .. لماذا لا تنضم هذه العربة التاريخية المهملة إلى متحف السويس القومي لننقذها أولا من العبث الذي تتعرض له، ونحافظ على ما تبقى منها، ونرممها، بدلا من أن تنتهي قطعة قطعة على أيدى المسافرين غير المبالين الذين يرتادون المحطة كل يوم، أو تجار الخردة أو الأنتيك، خاصة مع عدم وجود حراسة عليها؟.