القاهرة : الأمير كمال فرج .
إفتتح في العاصمة الفرنسية باريس أمس معرض "غوستاف غيليومت الجزائر" ، للفنان والمستشرق الفرنسي غوستاف غيلوميت ، والذي قضى سنوات طويلة بالجزائر إبان الاستعمار الفرنسي ، وكان مفتونا بالجزائر، سافر إلى هناك بشغف، وعاش مثل الجزائريين، وقدم العديد من اللوحات التي ترصد هذه الحقبة الزمنية .
ذكر تقرير نشرته صحيفة culturebox الفرنسية، أن "غوستاف غيليومت صاحب نظرة فريدة، ومتذوق للقرن التاسع عشر الجزائر حيث مكث هناك فترة طويلة، وحصل على تعاطف الجزائريين، قدم نظرة واقعية في بدايات مؤلمة من الاستعمار الفرنسي للجزائر، وقدم صورة واقعية صادقة، بعيدا عن كليشيهات العديد من الرسامين المستشرقين".
يقدم المعرض الذي يقام في الفترة من 9 مارس إلى 2 يونيو في متحف حمام السباحة في روبيه ، شمال فرنسا العديد من اللوحات الضخمة الزيتية، والباستيل والرسومات التي أخذت من المجموعات الخاصة والعامة، بما في ذلك متحف دورسيه: لهذا المعرض - أول معرض استعادي مكرس لغوستاف غيليومت (1840-1887) منذ عام 1899 - تعاونت متاحف لاروشيل وليموجز لجمع أكثر من 130 عملاً لهذا الرسام" .
قال مدير المتحف ، برونو جوديكون "أردنا أن نكرم هذا الفنان المبدع في الاستشراق، وتجربته الغير معروفة على نطاق واسع"، والتي تطرح وجهة نظر مغايرة لرؤية الغزو الاستعماري، بعيدا عن الدعاية العسكرية".
وأضاف أن "المعرض الذي قدم اللوحات في سياقها ، بمساعدة الألواح والخرائط ، سيكون له صدى خاص في روبيه، ومدينة ليل حيث يعيش مجتمع جزائري كبير".
شهادة حساسة
أوضح برونو جوديكون أن "ما وراء هذا الانجاز الفني أن غيليومت يقدم شهادة حساسة وصادقة في الجزائر، لا يخفي خطايا الاستعمار، والطريقة التي يعطل بها التقاليد، ويخلق المآسي الإنسانية الفظيعة، ويشيد بالجزائر الحرة المستقلة".
وتقول ماري غاوتهرون ، المؤرخة والقيّمة على المعرض أن "المعرض يرصد في ثلاث مراحل ، حيث يأخذ الزائر أولاً إلى "شفق المشرق" ، مع نغمات مظلمة ومثيرة ، حيث تختلط مشاهد النوع مع اللوحات التاريخية. عندما هبط الفنان صدفة في الجزائر في أوائل ستينيات القرن التاسع عشر ، عندما غزت فرنسا هذا البلد وبدأت التهدئة، وكان الجيش يريد بكل الوسائل التغلب على المقاوم ، كان غيليومت شاهدا على هذا القمع، وخلافا لمؤيدي المشروع الاستعماري، يطور غيليومت وعياً واضحاً بأثر الدمار ومصادرة الأراضي ، على المجتمعات التقليدية".
موكب الأسرى
على المرتفعات الجزائرية ، رسم الفنان لوحته "لارازيا في جبل الناظور" ، مظهرا مجزرة وموكب من النساء والأطفال والمسنين الأسرى، إنه يرصد الألم ، وكدح الفلاحين الفقراء ، الذين يعملون في ظروف بدائية.
تقول ماري غاوتهرون إن "لوحة "الجوع" (1869)، تصدرت المعرض بتركيبتها الكبيرة، بعد أن تم ترميمها مؤخرا، قدمها الفنان بطريقة التصوير الصحفي تقريبا، في لغة طبيعية، ليرصد محنة السكان المتضررين من الجوع والأوبئة، وهي الشهادة الوحيدة على الكارثة الانسانية (1867-1868) والتي قضى خلالها ثلث الشعب الجزائري".
رغم ذلك تحول غيليومت وابتعد عن اللوحة التاريخية مفضلا المناظر الطبيعية الصحراوية ومشاهد من هذا النوع، محاولاً التقاط الضوء الفاتن للمسافات الرائعة والحياة اليومية للجزائريين.
حياة النساء
على عكس العديد من معاصريه، بدا غيليومت كمراقب حريص على السكان، فضاعف الرسومات حول صور البربرية، ومشهد الصلاة، والحرفيين، والنساجون والمناطق الريفية.
في الغرف الأخيرة من المعرض ، قدم العديد من اللوحات المشمسة التي ترصد الحياة اليومية للنساء، ليقدم لحظات إنسانية ، ومنها رسم لحاملات المياه ، ليدخل الفنان بذلك في المساحات الداخلية ، التي لم يخترها أي رسام مستشرق.