من تقع عيناه على عنوان المقال، يعلم من أول وهلة أنه لفيلم الفنانة المتألقة عبلة كامل، والرائع عزت أبوعوف، والأنيقة غادة عبدالرازق، وغيرهم، وبالفعل رأيتُه أكثر العناوين مناسبةً لموضوعنا، ذلك لتناول الفيلم، في إحدى لقطتاته، مشهدًا لاجتماع الفنانة غادة مع أعضاء جمعية الرفق بالحيوان، واقتحام القديرة عبلة كامل الاجتماع وهم يشاهدون فيلمًا تسجيليًا يتعرض لما يلاقيه الحيوانات، خاصة الكلاب، على أيدي بعض بني البشر.
وتعلن غادة عبدالرازق، خلال الاجتماع، أنها التقطت أحد كلاب الشوارع، لتقوم على رعايته، ومن ثمَّ على أعضاء الجمعية كافة، الاقتداء بها, لترد عبلة كامل، وهي لم تكن عضوًا بالجمعية، بأنها ستؤسس جمعية الرفق بالإنسان، لأنه الأولى بالرعاية.
"عودة الندلة"، وإن كان تناول القضية، محل النقاش، بشكل ساخرٍ، إلا أن حالة السيدة أسماء أكدت حقيقتها، حيث صادفت وقفة نسائية تضامنًا مع مقتل كلب بطريقة وحشية، في القضية التي أُثيرت مؤخرًا، وهي تحمل، أي أسماء، على أكفها رضيعها الذي لم يتعد عمره سوي بضعة أشهر، ويُجن جنونُها لعدم استطاعتها معالجة ابنها في الوقت الذي ترى فيه وقفة تضامنية مع أحد الحيوانات، لتتحدث بشكل هيستيري مع المتضامنين، مستنجدةً بهم لمساعدتها في معالجة ابنها ومثله آلاف من البني آدمين، قبل أن يدخروا جهدهم لبني الحيوان..
ومن أسف أن تجد أم الرضيع ردًا لا يقل سوءًا عن استقبال مستشفيات الحكومة للمرضي الذين لا حول لهم ولا قوة، ويكيلها بعض المتضامنين مع، لا مؤاخذة، الكلب بوابل من التهم وتصبح في نظرهم امرأة مدسوسة ومأجورة، في رد فعل يفضح التناقض الموجود منهم، فكيف لمتعاطف مع حيوان لا يُلقى بالاً برضيع يواجه الموت في كل لحظة.
مشهد أسماء الذي ساقها القدر إلى هذه التظاهرة التي وإن فضحت قيم وتناقض عديدين، وعرّت أطباء ومستشفيات، قبل أن يأمر رئيس الوزراء بمعالجة رضيعها فورًا، إنما يعبر عن آلاف المرضى الذين لا تسوقهم الأقدار إلى مثل هذه الوقفة التضامنية، وإن كانوا لا يغيبون عن عين ناظرٍ ومنهم من هو مُلقَى أمام أبواب بعض المستشفيات..
أيها المتضامنون: لا أحد يسجل اعتراضه على الرفق بالحيوانات التي تأمر الشرائع برحمتهم، ولكن كونوا رفقاء بمن هو أرقى من الحيوان، وعلى كل مقتدرٍ ألا يتواني في مساعدة مريض سواء طفلاً أو شيخًا، رجلاً او امرأة، لا يستطيع أن يتكفل بعلاجه. أيها المسئولون لا تنتظروا تسليط الإعلام على مريض حتي تأمروا بعلاجه، وقوموا على رعاية من سيحاسبكم الله على إهمالهم، فكلكم راعٍ، وكل راعٍ مسئول عن رعيته.
أيها الأطباء والقائمون على المستشفيات، لماذا لا نتحرك إلا عقب اتصال وزير أو مدير أو رجل أعمال حتى نقوم بواجبنا نحو المرضى؟ فأنتم ملائكة رحمة.. يا أسماء شفى الله رضيعك وكل من هو مثله، ونشكر شجاعتك التي كشفت عن تناقض العديد منا، وساهمت في كتابة هذا المقال..