بعد تجربتين صحفيتين، الأولى ALSAHAFA أكبر صحيفة رقمية، وSEE YOU لصحافة الفيديو، أقدم لكم اليوم BONJOUR تجربة صحفية جديدة، فيها خبرة السنين، وفرح الأطفال وقلق البدايات.
كانت صحيفة "بونجور Bonjour" ضربًا من الخيال، ولا زلت أتذكر نظرات الاندهاش التي بدت على الأصدقاء ونحن نجلس على مقهى في حي فانسان الباريسي قبل عام، عندما أخبرتهم بقراري إصدار صحيفة فرنسية، وكأنّ كل منهم يقول بينه وبين نفسه: هذا مجنون.
ورغم الصعوبات الكبيرة التي واجهتنا، ها هو الحلم يتحول إلى واقع بين أيديكم، لنثبت أن الإرادة تفعل المستحيل، والشغف كفيل بإزالة أكبر الجبال، وأن كل الأفكار العظيمة بدأت بلمحة أو ملاحظة أو فكرة عابرة، ولعل الدليل على ذلك أن شيء بسيط مثل سقوط تفاحة نيوتين من الشجرة كان كفيلًا بأن يقود إلى فتح عظيم للبشرية.
لقد انطلقت صحيفة "Bonjour" وفق خمس مباديء أساسية:
الأول: منهجنا الثابت في السعي الدؤوب لتطوير الصحافة الرقمية، إذ لازلنا نعتقد أن العالم لم يدخل الرقمنة الصحفية بعد، ولم يستفد من إمكانات التقنية والذكاء الاصطناعي في تقديم صحافة تواكب الحاضر، وتستشرف المستقبل.
الصحافة العربية لا تزال تفكر بعقلية الورق، حتى لو أطلقت المواقع وبشّرت بالتحول الرقمي، لازالت تمشي كطائر البطريق على الأرض، بينما الصحافة الحقيقية يجب أن تحلق كالنسر إلى أبعد نقطة في السماء، وهذا ليس غريبًا، فالتحول الرقمي يحتاج في البداية إلى تحول ثقافي، وهو ما لم يحدث بعد.
الثاني: الصحافة منتج عالمي، لقد قضينا قرونًا في الأقلمة، نتوارى خلف خصوصية المجتمع، فجاء طوفان الإنترنت ليأخذ معه كل الحجج، ويتركنا في العراء، ويؤكد أن الصحافة كالمناخ والاحتباس الحراري وCovid-19 والحرية ـ قضية عالمية.
الثالث: لقد أنفقنا الكثير من الوقت في الثرثرة حول العالمية، وكيفية الوصول إليها، وتعاملنا معها ككائن خرافي، لنكتشف اليوم أننا في قلب العالمية، والعالم كله يسلط كشّافات الضوء علينا، وأن الحدود الفاصلة بين المحلي والعالمي وهمية، وأن العالمية لا تتطلب سوى الخروج من الشرنقة ومصافحة وجه الشمس.
العالمية لا علاقة لها بالتاريخ ولا الجغرافيا، ولكن بالرؤية الانسانية، والتعبير الصادق عن واقع الانسان، هذا ما فعله ببساطة نجيب محفوظ ليحصل على نوبل.
الرابع: الثقافة الفرنسية ثقافة كونية، وقد أثّرت في ثلّة من المفكرين المصريين، ومنهم رائد التنوير رفاعة الطهطاوي، وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، لذلك فهي من ناحية منفذ مهم لفهم العالم، ومن ناحية أخرى، الوصول إلى هذا العالم، ولذلك أيضًا يمكن أن تكون جسرًا ضخمًا بين الشرق والغرب، لتحقيق المزيد من الفهم والتعاون والتآذر والوحدة.
الخامس: لقد سافرت العديد من الدول الغربية، وتجولت في شوارعها واختلطت بالناس، فاكتشفت أن كثيرين لا يعرفون الثقافة العربية، وفي المقابل كثيرون هنا لا يعرفون الثقافة الغربية، ورغم تطور وسائل الاعلام وظهور الانترنت منذ ثلاثين سنة، لازالت هناك حالة من الجهل المشترك، وهو ما يؤدي إلى سوء الفهم، ولاشك أن الكثير من الكوارث والخطايا التي تحدث في العالم ناتجة عن سوء الفهم، ولا شك أن للصحافة دور مهم في جلب المعرفة، ونقل الحقيقة، وتعميق الفهم بين شعوب العالم الشركاء في الانسانية.
ولأن وضع كامل المسؤولية على الحكومات لن يفيد، فإن تحقيق هذه الأهداف يتطلب مبادرات فردية وجماعية يبذل من أجلها الغالي والثمين.
نأمل أن تكون صحيفة "Bonjour" ضربة البداية لتحقيق كل ذلك، وأن تكون بداية لتأسيس صحافة رقمية عالمية تكون عنوانًا للوسطية والاعتدال، تستكشف المجاهل، وتكسر التابوهات، وتعبّد الطريق للآتين..
أفكارنا كبيرة، وطموحاتنا هائلة، ولا زلنا قبل البداية، فانتظروا منا الأشياء المذهلة.