نظرية المؤامرة وصف ظنّي يشير إلى حدث أو موقف بُنى على مؤامرة لا وجود لها، وفعل غير قانوني أو أخلاقي سري يخرج عن القواعد الإنسانية المتبعة التي ترسخت، تنفذه حكومة أو منظمة أو أفراد، يكون له عواقب وخيمة.
وأضاف قاموس أكسفورد مصطلحَ نظرية المؤامرة لأول مرة عام 1997، ووصفها بأنها "النظرية التي تُفسِّر وقوع حدث معيَّن أو حدوث ظاهرةٍ ما بأنه ناتجٌ عن مؤامرة بين أطراف ذات مصلحة".
والمؤامرة في اللغة من مصدر آمرَ، وهي مكيدة للقيام بعملٍ معادٍ، يدبِّرها أشخاص خفيةً ضدّ شخص أو مؤسّسة أو دولة، و"نظرية المؤامرة" ـ في الذهنية العامة ـ فعل تآمري خيالي يتبناه العامة دون تثبت أو تأكد.
ومن حين لآخر تتردد المؤامرة في شكل توقعات وظنون يتبناها أفراد أو مجموعات، وعادة ما تكون فكرة جهنمية تعتمد على التخطيط والخداع والهدف الشرير بعيد الأجل، تنتشر هذه الفكرة على نطاق واسع لما تتضمنه من إثارة وغرابة.
ونظرية المؤامرة قد تكون شطحًا ناتجًا عن قراءة الروايات الخيال العلمي، وقد تصبح في بعض الأحيان وسيلة لإلهاء الناس أو تصفية الخصوم السياسيين، ولذلك كان الموقف الأتوماتيكي الجاهز لأي مؤامرة من هذا القبيل، هو الرفض حتى دون التفكير فيها.
بالطبع لا أؤيد أي نظرية غير مرفقة بالإثباتات اللازمة، ولكن التآمر يسيطر على العالم حاليًا، والواقع العالمي الجديد تراجعت فيه القيم الروحية والانسانية، وسيطرت فيه قواعد الهيمنة والمال والشركات الكبرى والتعصب والدكتاتورية، وجنوح الإنسان غير المسبوق إلى فكرة التدمير .. بدءا من تدمير البيئة إلى تدمير الشعوب، وكان من مظاهر ذلك إلقاء القنبلة النووية على اليابان، واحتلال الدول مثل احتلال اسرائيل لدولة فلسطين، وغزو العراق، والرغبة في التوسع المذهبي الذي تقوده دول معينة، وسقوط دول كبرى في سنوات.
يحدث هذا في ظل نفاق النظام السياسي العالمي، والدور المشبوه الذي تقوم به مؤسسات دولية في تركيع الشعوب واستغلالها، .. هذا ما نراه ونلمسه كل يوم على أرض الواقع، لدرجة أنك أحيانا تظن أن العالم يحكمه مجموعة من الشياطين.
وقد ترددت في العقود الأخيرة عشرات من نظريات المؤامرة منها ما يتعلق بدولة معينة مثل التي روجت في عهد الرئيس الأمريكي السابق ترامب، مثل تزوير انتخابات 2020 من خلال مؤامرة شيوعية دولية متقنة، ومنها ما هو متعلق بالعالم مثل نظريات خدعة تغيير المناخ، والتلاعب بالزلازل والأعاصير، وتقليل سكان العالم، ولقاح Covid 19.
ورغم أن بعض النظريات ـ لأول وهلة ـ لا تصدق، فإن نظريات أخرى مقبولة، فإذا نظرت حولك قليلا ستكتشف أن العديد من النظريات التي كانت منذ سنوات في حكم نظريات المؤامرة أصبحت حقيقة الآن، مثل شيوع المثلية في العالم والدعم السياسي الكبير الذي يتلقاه هذا التوجه من دول وهيئات سياسية كبرى، لدرجة فرض هذا التوجه واعتبار الرافض له متهما يجب أن يعاقب، هنا يجب أن تنتبه وتتأكد أن المؤامرة ليست في كل الأحوال كذبة أو إشاعة أو وشاية، ولكن قد تكون واقعًا لم يتشكل بعد، كل ذلك يدفعنا إلى الحذر، والتعامل مع نظرية المؤامرة بأسلوب آخر.
"نظرية المؤامرة" مصطلح يردد أحيانا ليس لرفض وجود مؤامرة والسخرية من الشخص المتشائم الذي يعتقد بوجودها، ولكن لإخفاء المؤامرة نفسها، حتى تحين اللحظة لتكون واقعا، ويخرج فرخ التنين من بيضته الكبرى، وينتشر الأبالسة.
لا يفهم من ذلك أنني أؤيد هواجس المؤامرة، وأشجع على تبني الإشاعات وترويج الأكاذيب، ولكن ما أنادي به هو التفكر والتأمل والبحث في هذه النظريات، واتخاذ الاجراءات الاحترازية، ووضع الخطط اللازمة لمواجتها في حال تحققت.
بعض الجيوش تنظم مشاريع قتالية لأحداث متوقعة، مثل غزو محتمل أو اعتداء عسكري، فتضع الخطط لمواجهة هذا الاحتمال، وتنفذ مشاريع قتالية لمواجهة هذا الموقف الذي يمكن أن يحدث ويمكن لا، وما يحدث اليوم لا يتطلب منا فقط توقع المخاطر، ولكن أن يتسلح كل منا بـ 12 عين، عينان في كل اتجاه.
نظرية المؤامرة قد تكون كذبة أو شطحة خيال ووسيلة لتبرير الفشل، وإلهاء الناس أو التصفية السياسية، قد تكون نظرية المؤامرة نفسها "مؤامرة"، وفي الوقت نفسه قد تكون تسريبًا فلت في عصر انفجار المعلومات، وإفرازا لحدس الرأي العام الذي يصيب في كثير من الأحيان، ومؤشرا لحقيقة غائمة في الأفق.
لذلك يجب التعامل مع أي نظرية مؤامرة على أنها حقيقة، ودراستها على أعلى مستوى، حتى يتم إثباتها أو تكذيبها. بذلك يمكن للعالم مواجهة الأبالسة، وإنقاذ العالم من قوى الشر التي تتعاظم كل يوم.