بعد 43 عاما من الكتابة والنشر والعمل الصحفي المستمر، وبشكل رداماتيكي محزن، أعلنت صحيفة «السفير» اللبنانية أمس إقفال أبوابها نهائيا، وإغلاق موقعها الإلكتروني، وصرف جميع العاملين، وأصدرت عددها الأخير عشية رأس السنة.
وربطت الصحيفة اللبنانية ـ التي صدرت لأول مرة عام 1974 ـ في افتتاحيتها الأخيرة بآخر أعدادها، الذي صدر أمس 31 ديسمبر، بين الواقع السياسي والاقتصادي في العالم العربي، والأزمة التي تتعرض لها الصحافة الورقية بشكل عام واللبنانية على وجه الخصوص.
وقالت الصحيفة في عددها الأخير، الذي تصدره عنوان «الوطن بلا السفير» وكاريكاتير حول موت الصحافة يتأمله «حنظلة» ناجي العلي : «عندما يصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، .. وعندما يسبقه إلى الأليزيه نيكولا ساركوزي ثم فرنسوا هولاند. عندما تفضي «الثورات» في العالم العربي إلى بعض الصور الكاريكاتورية. عندما ينتهي زمن «الكبار» من طراز فيديل كاسترو، عندما تصبح فلسطين القضية والشعار والعَلَم والعنوان مجرد صراع عقاري أو صراع على منصب بين متنازل وعميل، ..عندما يعم الدمار والموت وطننا العربي الكبير من مشرقه إلى مغربه، ..عندما تنتفي الحدود بين العرب، ليس لمصلحة وحدتهم بل لأجل تقسيمهم وجعلهم مجرد خائفين وطوائف ومذاهب وعشائر، .. عندما نعتاد في صباحاتنا ومساءاتنا على صور الإرهاب والتكفير والموت المجاني في مجاهل الحدود والبحور، يصبح تقهقر السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع.. والصحافة من البديهيات، .. هذه هي أحوال عالمنا العربي ولبنان. وهذه هي أحوال صحافتنا».
وتابعت المقالة الافتتاحية: «تمكن اللبنانيون من عزل أنفسهم عن ألسنة النيران. لكن هذا لا يعني أن لبنان بخير. سوريا هي الرئة التي يتنفس منها. والفضاء العربي هو الذي يمده بالهواء. فكان أن تفرّق العرب وتحاربوا، وانعكس ذلك أول ما انعكس على الاقتصاد اللبناني.. شريان الصحافة».
وأشارت الافتتاحية إلى أن «تداول السلطة في لبنان سمح بوجود منصات إعلامية عريقة قادرة على مواكبته بصناعة متطورة وحرة"، مضيفة: «للصحافة المكتوبة اللبنانية تاريخ عريق، جعل العاملين فيها ينتشرون في مختلف الدول العربية، فيزرعون فيها بذور المهنة. لكن هؤلاء الصحافيين أنفسهم مارسوا المهنة في بلدهم كفعل نضال يومي.. بعدما تخلّت السلطات المتعاقبة عنهم، ولم تتعامل مع الصحافة كوجه حضاري، بل كانت في معظم الأحيان ولا تزال على خصومة دائمة معها».
وطالبت «السفير» بـ «ثورة في الجسم الإعلامي حتى يُعيد الحد الأدنى من الاعتبار لنفسه، قبل أن ينطلق لمطالبة الآخرين بواجباتهم"، معتبرة أن الفرصة مازالت متاحة، "وأكثر من أي وقت مضى، وهذه أمنية «السفير» وهي تطوي أيامها الأخيرة، لعل الصحف والمجلات الزميلة تحمل الراية وتكون بقدر التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة بأسرها».
وآثرت إدارة الصحيفة أن تموت واقفة، وأن يكون رحيلها مؤثرا موجعا عندما وثقت لحظة إغلاقها ، من خلال مقطع على «يوتيوب» يصور رئيس تحريرها طلال سلمان وهو يغادر الصحيفة ويغلق مكتب رئيس التحرير على وقع توقف صوت المطابع، وأغنية سيد درويش «أهو دا اللي صار وادي اللي كان ، مالكش حق تلوم عليا».
يذكر أن العدد الأول من جريدة «السفير» صدر في 3 فبراير العام 1974 وحمل شعار«جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان»، فضلا عن شعار «صوت الذين لا صوت لهم»، وبغض النظر عن توجه الصحيفة السياسي أجمع صحفيون على أن توقف صحيفة عن الصدور أمر جلل يجب التوقف عنده.
تاريخ الإضافة: 2017-01-01تعليق: 0عدد المشاهدات :1671