تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



في عشق السيدة المقالة | الأمير كمال فرج


حين يجئ الحب يأتي كما يشاء مطرا .. شجرا ..، يجمع في حضرته الأسطورية الخصب والعصافير، تورق عشبة خضراء على جدار القلب، ويولد الحب من أول نظرة ..!!

 إنه الحب .. وأنا العاشق الأمين هدّني العشق والشوق والتوق، أقف عند خيمة الحبيبة أغني أغنية جاهلية، حبيبتي كحيلة العينين، شفتاها حبتا فراولة، وشعرها ليل شاعري يغري الأحبة بالمواويل.

 حبيبتي عاشقة محبة عنيدة، لا تهب وردتها إلا لفارسها الأصيل، ولا تحل ضفائرها إلا بالحلال، متيم أنا يا صحبتي في عشق الجميلة، متيم أنا في عشق السيدة .. "المقالة" ..!!

 في المرحلة الابتدائية كان لقاؤنا الأول، وكانت شرارة اللقاء الأولى في مادة التعبير، حيث كنت أعشق هذه المادة أكثر من غيرها، وكان مدرس الفصل معجبا بقدرتي على كتابة موضوع التعبير بأسلوب خاص، ومازلت أتذكر ذلك اليوم الذي أوقفني فيه الأستاذ عبدالوهاب وطلب مني أن ألقي موضوعا تعبيرياً من الذاكرة، فارتجلت موضوعاً عن "العميد يسري" بطل حرب أكتوبر العظيمة الذي فقد ساقه في إحدى المعارك، ورفض التراجع وواصل قيادة مجموعته بشجاعة وإصرار حتى أباد فرقة الصهاينة، يومها استدعى المدرس ولي أمري وأشاد بتفوقي في مادة التعبير وقدرتي على ارتجال الموضوع بلغة عربية متكاملة، ومن يومها وأنا غارق – من رأسي حتى قدمي – في عشق "المقالة" ..!!
 وعندما أكتب المقالة أشعر أنني عاشق يقدم لمحبوبته فروض الولاء والعشق، عندما أجلس على مكتبي وأرتدي وشاحها العتيق أشعر أنني "رئيس" العالم وأنني مسئول مسئولية كاملة عن أمنه وسعادته ورخائه، عن فقره وألمه وحروبه وكوارثه .. إنه شعور غريب لا يدركه إلا صاحبه ..!!

 والمقالة فن العامة، القادر على الوصول إلى كل الناس، حتى أنصاف المتعلمين منهم قادرون على التواصل معها والتأثر بها، وإذا كان للشعر قراؤه، والرواية أيضاً، والفن التشكيلي له متلقوه، والأوبرا لها عشاقها، وإذا كانت هناك فنون رفيعة وفنون غير رفيعة كما يزعم هواة التصنيف، فإن المقالة "وحدها" هي القادرة على الوصول إلى قارئ الشعر والرواية ومتذوق التشكيل والأوبرا وغيرهم، والقادرة أيضاً على الوصول إلى متذوقي الفنون الرفيعة أو "غير" الرفيعة ..!

 فقارئ المقالة لا تشترط له ثقافة معينة، فالحد الذي تتطلبه فقط معرفة القراءة، وهو حد متواضع جداً، وهو نفسه الحد الذي يفصل بين الجهل والعلم، من هنا كانت عظمة هذا الفن التعبيري الهام، والمتتبع لتاريخ الكتابة الإنسانية سيكتشف أن للمقالة تاريخاً حافلاً في تحرر الشعوب ونهضتها، فقد أضاءت الطريق وحاربت الاستعمار وقاومت الفساد، وبددت الجهل ونشرت المعرفة، وعبرت بصدق عن نبض الشعوب وشكلت أحلامها الكبيرة.

 وللمقالة – كغيرها من فنون التعبير – عناصرها ومقوماتها الخاصة التي يجب الالتزام بها، وهي الفن الوحيد أيضاً الذي يجب أن يكون ممارسة مثقفا بمختلف المعارف محيطاً بجميع المجالات، فكاتب المقالة يجب أن يكون متسلحاً بثقافة الأديب، ورهافة الشاعر، وحس السياسي، وإيمان الداعية، ونبوءة الحكيم، وشجاعة المحارب، ووطنية الفدائي، ومسئولية المعلم، وعناد الثائر ..، إنه مزيج صعب من مقومات إبداعية خاصة تنصهر لتشكل لنا طاقة إبداعية فريدة بالغة التأثير.

 لذلك فإن قلة قليلة من الكتاب ينعمون بوشاح المقالة الحقيقية، ملكوا أسرارها واستطاعوا أن يؤثروا في قرائهم، وإذا فحصنا كافة المقالات التي تنشر في الصحافة العربية سنكتشف أن 90% منها لا ينتمي للمقالة فهي لا تخرج عن كونها عواميد صحفية مرتجلة أبعد ما تكون عن المقالة الحقيقية.

 والمقالة الحقيقية هي التي تجمع في إطارها حلاوة الأسلوب ورشاقة الألفاظ وجدةَّ المداخلة وقوة الإقناع والتأثير وأصالة المبدأ وقوة الشواهد والبراهين، والثقافة العريضة، والمقالة الناجحة هي البعيدة عن الترهل والاستطراد ترتبط فقراتها بحبل سري واحد، لا تخلو من عنصر التشويق الذي يدفع القارئ إلى الاستمرار حتى النهاية ليقطف ثمرتها الحلوة المستطابة، وكاتب المقالة نحات ماهر ينحت الكلمات بأظافره حتى تستوي في النهاية كائنا جميلا على الورق .. يتشكل وردة أو سبّورة أو عاصفة .

 والغريب أن لا يحظى هذا الغرض الفني الهام بالرعاية والاهتمام من النقاد والباحثين بالقدر الذي تحظى به فنون تعبيرية أخرى كالشعر والقصة والرواية، فلا بحوث جامعية تدرس المقالة لدى كاتب معين أو عصر معين، ولا يوجد نقد منهجي أو حتى غير منهجي ولا حتى أسس نقدية لفن المقالة ..!!

 إنني أدعو وأستنفر الباحثين والنقاد لسبر أغوار هذا الفن الهام ووضع أسس نقدية له، كما أدعو الهيئات الثقافية إلى تنظيم جائزة سنوية (للمقالة) تكون جائزتها الأولى (وشاح المقالة) لتدعيم هذا الفن وتكريم مبدعيه.

وهذا بالطبع من شأنه أن يحقق الكثير على طريق تطوير هذا الفن الأدبي ليكون دائماً مواكباً للمجتمع وقضاياه.
تاريخ الإضافة: 2014-04-28 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1067
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات