تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



النوم فوق القنبلة | الأمير كمال فرج


الجنس ظاهرة بيولوجية طبيعية خلقها الله تعالى في البشر والكائنات الحية لتتحقق بواسطته عملية التكاثر بين الذكر والأنثى، وتتحقق حكمته تعالى في خلقه كشعوب وقبائل تسيح في الأرض. تعبد الله وتسبح باسمه ، وتقوم بدورها في إعمار الأرض، وهو شأنه شأن كل الظواهر الطبيعية في جسد الإنسان كالتنفس والحركة والتفكير والوعي ..، وغيرها.

 ومع إيماننا بأن الجنس في حد ذاته متعة نفسية وجسدية منحها الله للبشر. إلا أنه من عوامل وجود هذه الغريزة في الإنسان أيضاً ضمان ميل كل جنس إلى الآخر جنسياً لتتم عملية التكاثر ، ولو لم تكن هذه الرغبة الجنسية موجودة لما اهتم الإنسان بالتكاثر، وانعدم التوالد وانقرض البشر .

 والجنس هاجس الإنسان الأول ذكراً كان أم أنثى منذ أن تبدأ مرحلة الوعي الجسدي والبلوغ، وهو هاجس مشروع وضع الله له الزواج إطاراً وحيداً للحصول عليه والاستمتاع به، وقد طرح الإسلام الجنس كغزيرة طبيعية، وحرص على تهذيبها والارتقاء بها من الصفة الحيوانية المبتذلة إلى معنى وحب وتواد وتراحم ، وحث المسلمين على الاستمتاع به في إطار الحلال ، ووضع آداباً للحياة الجنسية حث المسلم على التحلي بها، وأعطانا أمثلة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية تعامله مع أهله، وردوده على استفسارات المسلمين في هذه النقطة ، كما قدم لنا الأحاديث النبوية الشريفة التي نستهدي بها في التعامل مع هذه الصفة الإنسانية الخاصة جداً ، قال تعالى : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم.

 أمر الله عباده المسلمين بحسن المعاشرة الجنسية، فحث على التريث والحرص على إعطاء الزوجة الشريكة حقوقها، ووجه بأهمية المشاعر والأحاسيس والقبلة والكلام ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة وليكن بينهما رسول الله ، قيل وما الرسول يا رسول الله قال: القُبلة والكلام) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 كما أمر المرأة بتلبية احتياجات الزوج الجنسية ، فإذا طلب الرجل امرأته وأبت تلعنها الملائكة حتى تصبح ، كما أمر في حديث نبوي المرأة أن تلبي زوجها ولو على ظهر جمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ولا تمتعن امرأة عن زوجها ولو كانت على ظهر قتب) ، وفي رواية أخرى (ولو كانت على التنور)، ولذلك لا شك حكمة عظيمة في الحفاظ على كيان الأسرة ، كما حدد لنا الحلال والحرام في الجنس فقال صلى الله عليه وسلم (مجيبة أو غير مجيبة ولكن في موضع الحرث).

 وهذا السمو في تعامل الإسلام مع الجنس نلاحظه في القرآن الكريم ، وهو تعامل راق لا نجد مثيلاً له ، حيث يتبع القرآن الأسلوب التوجيهي الذي يصلح لكل أفراد الأسرة دون خجل أو حياء، فيحرص على وصول المعلومة المعنية دون تجسيم أو إثارة ، أنظر مثلاً إلى تعبير القرآن الكريم عن موقف امرأة العزيز التي حاولت أن توقع بالنبي يوسف عليه السلام لكي يمارس معها الفاحشة ، وانظر جلياً إلى طريقة طرح الموقف الجنسي والتأدب فيه ، يقول تعالى في كتابه الحكيم وراودته التي هو بيتها عن نفسه وغلَّقت الأبواب وقالت هيتَ لك ، قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إن لا يفلح الظالمون، ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه .

 وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرد على استفسارات نساء المسلمين الخاصة بلا خجل وكان يستعين في ذلك أحياناً بأم المؤمنين عائشة لتوضح للنساء مفاهيم الصحة الجنسي ، ورأي الدين في مختلف القضايا التي تخص العلاقة الخاصة بين الجنسين .

 وقد سار على هذا النهج الخلفاء الراشدون، وحرصوا على التعامل مع هذه النقطة بوعي وحكمه، يُروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج ذات ليلة يطوف في المدينة وإذا هو بامرأة تنشد شعراً تقول فيه :
ألا طال هذا الليلُ واسودت جوانبهْ
وأرقني أن لا حبيبٌ ألاعبهْ
فوالله لولا الله والخوف والحيا
لزلزل من هذا السرير جوانبه
مخافةُ ربي والحياءُ يصدَّني
وإكرام بعلي أن تُنال مراكبه
ليعلم من بالشامِ أن ولاءَهُ
أشدّ عليه من عدو يحاربه

فسأل عنها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخبر أن زوجها في غزاة الشام فسأل بعض النساء.. كم تصبر المرأة عن الزوج فقالت : ستة أشهر ، فقال: إن ذلك من الحصان لصبر جميل ، وأمر بألا يغيب زوج عن زوجته في القتال أكثر من ستة أشهر .

هذا الأسلوب المتأدب والمتفهم في طرح الجنس ومعالجته الذي حرص عليه الإسلام لا نجد له مثيلاً في الديانات الأخرى، ولعلنا نتأكد من ذلك إذا طالعنا الإنجيل المطروح الآن مثلاً حيث تفاجأ بأسلوبه الفج الصريح الخادش للحياء في طرحه للجنس ، فليس غريباً أن تطالع مثلاً عبارة (يزغزغ نهودها) في كتاب ديني كالإنجيل وغيرها من العبارات الصريحة التي تخدش حياء القارئ ، وقد أشار أستاذنا أحمد ديدات – رحمه الله – إلى هذه النقطة في معرض مناظرته مع القس الأمريكي جيمي سوجارت ، حيث تحدي سوجارت بأن ينهض أمام الجميع ويتلو هذه العبارات من الإنجيل دونما حرج .

وبينما نجد الإسلام منذ آلاف السنين يتعامل مع الجنس بهذا الأسلوب الرفيع. نجدنا نحن وقد فشلنا في القرن العشرين في التعامل بنفس الأسلوب الواعي، وفشلنا في إيجاد الأسلوب الأمثل للتربية الجنسية الصحيحة .

أصبح الجنس في الوقت الحاضر عيباً (وقلة أدب) الكلام عنه محرم ، فأصبح الطفل لا يجد الإجابات التربوية الصحيحة على تساؤلاته حول الإنسان وتكونه ومن أين أتى ، والفروق بين الذكر والأنثى ، وغيرها من التساؤلات التي تدور في ذهن أي طفل في سن معينة ، فأصبح يستمد معلوماته من رفقائه وهي بالطبع معلومات مشوشة غير صحيحة تساهم في تشويش تفكيره وتكوين مفاهيم غير صحيحة عن الجنس داخله ، وعندما يكبر وتزداد رغبته في المعرفة يقع غالباً في الجنسية الخاطئة ، فانتشرت الأفلام العربية والأجنبية التي تحتوي على المشاهد الصرخة ، وأصبحت تبث وتعرض في التلفاز ودور السينما دون أي اعتبار لخطورة هذه المشاهد على الجنسين من كل الأعمار.
وانتشرت إضافة لك ظاهرة خطيرة لها بالغ الأثر في هدم الأسرة العربية ، وهي الأشرطة الجنسية التي تغلغلت وانتشرت كالطاعون في كل المجتمعات العربية ، وباتت في متناول الشباب والفتيات تعطيهم المعلومة الجنسية الخاطئة، وتروي شبقهم للجنس، وتزرع فيهم ثقافة الغرب الشاذة ، وهذا بالطبع له الأثر السيئ على كل افرد المجتمع لما تحتويه هذه الأشرطة عن كل ما تفتق به الذهن الغربي من فضائح وشذوذ ، وأنتج لنا ذلك أجيالاً عديدة مشوهة نفسياً وجسديا.

كل ذلك يقع تحت سمع وبصر المسئولين دون إدراك لخطورة هذه الحرب الجنسية التي يقودها الغرب ضدنا ، ونظراً لأن السيئ يقود إلى الأسوأ فقد تطورت هذه الظاهرة وساهم العلم والتطور التكنولوجي في انتشارها ، مما مكنها من الانتشار ودخول كل بيت عربي من خلال أخطر الأجهزة على الإطلاق وهو التلفاز ، فأصبح بمقدور أي شخص في عصر السموات المفتوحة مشاهدة هذه النوعية من الأفلام عن طريق الستالايت بمجرد ضغطه زر، وبات المشاهد يعرف القنوات الفضائية المعينة التي تقدم هذا الإسفاف الجنسي على مدار الساعة .

وفي الوقت الذي نرى دولة مثل إيران تحرم الستالايت بعد أن وعت خطورته على المجتمع نجد باقي الدول العربية الإسلامية تبيحه وتشجيعه ، ولم يطرح أحد حلاً لهذه المعضلة الرهيبة ، بل لقد خرج منا من يدافع عن ذلك ويطالبنا بتطوير إعلامنا العربي لجذب المشاهد وإبعاده عن إعلام الغرب الضال، وهذا بالطبع أي ساذج فالنفس أمارة بالسوء ، ومهما قدمنا في إعلامنا العربي فلن نصل إلى مستوى ما تطرحه الفضائيات الأجنبية من مغريات فاضحة يقبل عليها المشاهد ضعيف النفس .

أليس من الغريب أن تمنع البلاد العربية المطبوعات الجنسية الفاضحة وتجرم حامليها وتمنع أيضاً مشاهدة وتداول الأفلام الجنسية وتجرم مشاهديها والمتاجرين بها وتبيح ما هو أخطر وهي الفضائيات التي تقدم الجنس الفاضح بالصوت والصورة .

إن قضية الستالايت تحتاج إلى تقنين ، وذلك بإباحة القنوات الفضائية الملتزمة المعتدلة ومنع القنوات التي تسيء للمبادئ والأخلاق ، ولا أنسى أن أشيد هنا بموقف إدارة القمر الصناعي (عربسات) عندما ألغت عقد القناة الفرنسية CFI التي كان يبثها بعد أن بثت فيلماً خلاعياً عام 1997، وإن كانت لم تفعل شيئاً تجاه (أوربيت) التي بثت فيلماً (عربياً) يظهر امرأة عارية كما ولدتها أمها..!

إن مساوئ هذه المشاهد والأفلام المبتذلة ليس فقط ليس فقط تكمن في أنها محرمة شرعاً، وإنما تكمن أيضاً في سلبيات عديدة منها امتهان المرأة بما تحتويه من مشاهد، فيؤثر ذلك على نظرة المشاهد للمرأة وتترسخ هذه النظرة المبتذلة وتنعكس على تعامله مع المرأة فيصبح تعاملاً مشوشاً غير سوى .

إضافة لذلك المبالغات التي تحتويها هذه الأفلام عن القدرات الجنسية، فالعمل المشَاهَدْ لا يخرج عن كونه فيلماً له قصة وأحداث ومبالغات وقص ولزق ومونتاج فيرسخ ذلك وهم الغجر في مشاهديه مما يؤثر على كيان الأسرة ، يضاف إلى ذلك احتواؤها على كل ما تفتق عنه عقل الغربيين من شذوذ وخلاعة ومجون وعادات شاذة . مما يؤثر تأثيراً أخلاقياً ونفسياً على مشاهد هذه النوعية من الأفلام ويؤدي إلى تدمير الشخصية ونسف الأخلاق وإشاعة الفاحشة والشذوذ في المجتمع .

إن خطر هذه الأفلام الجنسية الأعظم والذي يضاف إلى أخطارها العدة أنها – رغم ما تتضمنه من إثارة – تدمر إحساس الإنسان بالجنس واستمتاعه به ، لأنني اعتقد أن الجنس متعته الحقيقة في العفة وفي وحدة الملكية بمعنى أن تكون الشريكة للإنسان وحده دون آخر، فحب التملك صفة لصيقة بالإنسان لا يمكن أن تغادره ، لذلك حتم نظام الحياة على خصوصية الزوجة بأن تكون زوجة لرجل واحد لأنه لا يمكن أن يرضي الرجل بأن تكون زوجته مشاعاً في نفس الوقت لآخرين ، وإضافة إلى الأسباب الأخرى التي تمنع ذلك كاختلاط الأنساب وغيرها .

ولذلك أيضاً فإن المتعة التي يحصل عليها الزناة تكون دائماً مهما كانت متعة وقتية ناقصة ، فالمتعة الجنسية الحقيقية تصل إلى ذروتها وقمتها بوحدة الشريكة والعفة التي تعطي للجنس أبعاداً غير محدودة ، إن متعة الجنس تكمن في امتزاج المتعتين الجسدية والروحية وهذا ما يتحقق فقط إلا في إطار الحياة الزوجية .

لقد آن الأوان لكي نطرح قضية الجنس بشجاعة ، وأن نكف عن اعتبارها عيباً وحراماً وقلة أدب ، وأن نطرح الثقافة الجنسية كمادة ثقافية ضرورية لكل إنسان ، وأن نواجه ثقافة الجنس الرخيصة .

إن الأمة العربية تخوض منذ سنوات عديدة حرباً جنسية تمكن فيها الأعداء من احتلالها من الجهات الأربع من الباب والشباك ومن الأرض والسقف أيضاً، وحتى الآن نحن مهزومون نفسياً وجسدياً ، وأخطر ما في هذه المعركة أننا رغم كل ما لحق بنا من دمار لم نفق بعد من سباتنا ، فإلى متى سنظل غافلين .. نائمين فوق القنبلة .
تاريخ الإضافة: 2014-04-28 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1266
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات