تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



إبداع المرأة والطبطبة | الأمير كمال فرج


حتى سنوات قليلة كان هناك انطباع راسخ لديّ وهو أن المرأة ناقصة إبداعياَ، وهذا الرأي لم يكن أبداً تحقيراً للمرأة ولم يكن ناتجاً عن عدائي لها، ولكن كان مرده افتقار الساحة فعلياً للإبداع النسائي، حتى جاء اليوم الذي قرأت فيه كتاب (بنات النبي صلى الله عليه وسلم) للأديبة القديرة الدكتور عائشة عبدالرحمن (بنت الشاطئ) وأدهشني ما وجدته في هذا الكتاب من الإبداع والقدرة على البحث والاستقصاء وروعة الأسلوب وبراعة القص.

 فقد نجحت الكاتبة في تجسيد حياة بنات النبي، ورسم صورة أسرية دقيقة غير مسبوقة لبيت النبوة الكريم، وقدمت صورة واقعية للنبي الوالد والإنسان ورب الأسرة، وقربتنا من نشأة بنات النبي وأخلاقهن وصفاتهن الكريمة، وأظهرت بأسلوب رائع كيف تربين في كنف سيد الخلق، وكيف تعلمن منه حسن الخلق وآداب الإسلام، وكيف نشأن فتيات مؤمنات وزوجات صالحات. كما أبان الكتاب دورهن في الدعوة الإسلامية أثناء حياة الرسول وبعد وفاته .

 كان هذا الكتاب المفاجأة نقطه تحول هامة في موقفي من إبداع المرأة، وكشفاً جديداً لإبداع النصف الحلو تفوقت فيه الأنثى وأبدعت، ولا أكون مغالياً إذا قلت أن إبداع الأنثى في هذا الكتاب تفوق على إبداع الرجل.

 ولكن المشكلة لم تكن : هل المرأة مبدعة أم لا ..؟، فالإجابة على هذا السؤال معروفة، فالمرأة ككيان إنساني خلقه الله ومنحه المقومات المهارية النفسية والجسدية مبدعة وقادرة على الإبداع دائماً تماماً كالرجل، ولكن القضية تكمن في حجم هذا الإبداع ومستواه ومقداره من عصر إلى آخر.

 ومما لا شك فيه أننا بنظرة سريعة إلى الساحة سنكتشف بسهولة ندرة الأسماء النسائية المبدعة مقارنةً بالأسماء الرجالية، وهذا لم يكن أبداً راجعاً إلى أن المجتمع العربي مجتمع ذكوري كما يدعي البعض الغلبة فيه للرجل، أو يرجع إلى أن الرجل لا يعطي المرأة الفرصة للإبداع والتألق، فالواقع يقول أن إبداع المرأة مهما كان مستواه ضعيفاً أم قوياً يحظى من جانب الرجل بالكثير من الاهتمام، ويحظى أيضاً حسب التعبير الدارج بالكثير من الطبطبة ..!!

 وإذا أخذنا عينة من المبدعات المتزوجات مثلاً ، ودرسنا موقف أزواجهن من إبداعهن سوف نجد دور الزوج واضحاً وجلياً في دعم زوجته المبدعة، وحرصه على نجاحها وانتشارها، وكم من أزواج لمبدعات أنفقوا من جيوبهم ليصدروا كتباً للزوجات المؤلفات، وكم من الأزواج أنفق من وقته وجهده لدعم زوجته الكاتبة، وأذكر هنا نموذجاً من الأزواج كان يتردد على مكتبي بالمجلة يحمل لي أعمالاً شعرية لزوجته لنشرها، ويعود ثم يرجع في حركة مكوكية، وعندما سألته في إحدى المرات عن رأيه في إبداع المرأة وموقفه من أعمال زوجته – وكان يحمل شهادة دراسة أقل منها ويعمل ساعياً بإحدى المدارس – فقال لي أنه سعيد كل السعادة لأن زوجته كاتبة، وأنه لا يتوانى عن ذلك باذلاً جهده في سبيل نجاحها وانتشارها.

 وكم من الكاتبات ضئيلات الموهبة اهتمت بهن الصحاف، وأفردت مساحات لأعمالهن وأخبارهن بغض النظر عن مستواهن تشجيعاً لهن على الاستمرار لسد النقص الواضح في الأقلام النسائية.

 إذا ما هو السر في قلة وندرة إبداع المرأة في العصر الحالي ..؟، لا أقصد بالإبداع قدرة المرأة على الأداء الوظيفي التقليدي، والذي رأيناه في العديد من المجالات التي اقتحمتها المرأة بنجاح، وإنما أقصد الإبداع عموماً والإبداع الكتابي خاصةً، وأعني بالإبداع الخلق والتطوير، وترك إضافة حقيقية في مجال ما.

ففي مجال الشعر عدَّدْ لي عدد الشعراء في الساحة، واذكر لي عدد الشاعرات، وفي مجال الرواية كذلك، وفي القصة .. الفرق شاسع وهائل والنسبة مفجعة ..!

 وهذا بالطبع لا يمكن أن يرجع إلى كثرة عدد الذكور عن عدد الإناث، فنسب الذكور تقارب نسب الإناث، بل أن بعض الإحصائيات تؤكد زيادة نسبة الإناث على الذكور في بعض المجتمعات العربية، ولا شك أن هذا الاستغراب سيزيد إذا قارنا بين العصر الحالي والعصور الأدبية القديمة كالعصر الجاهلي أو العباسي أو الأندلسي، حيث كان للمرأة المبدعة دور كبير في الحياة الثقافية، وكان عطاء المرأة الأدبي شعراً وقولاً وارتجالاً واضحاً وملموساً، والنماذج عديدة في تراثنا الأدبي للشاعرات اللائي تركن أثارهن الشعرية المبدعة للأجيال، والخنساء مثال لذلك.

 فأين إذاً المرأة المبدعة الآن ..؟، انظر إلى أجمل قصيدة عبرت عن إحساس المرأة ستجد أن الذي كتبها رجل .. (أنا لست آسفة عليك، ارجع إلي، ماذا أقول له، أنت عمري) وغيرها .. آلاف من الأعمال عبرت عن أدق مشاعر وأحاسيس المرأة، ولكن كاتبها هو الرجل الذي اضطر إلى أن يتقمص مشاعر المرأة، ويستعير صوتها ولسانها بعد أن غابت المرأة عن ساحة الإبداع، وتركت قضاياها ومشاعرها للآخرين.

 كما عبر نزار قباني عن أدق خصوصيات المرأة في ديوانه (يوميات امرأة لا مبالية) حتى وصل الأمر إلى أن الرجل أيضاً هو الذي عبر بنجاح عن مشاعر الأنثى التي تُفَاجِئُهَا الدورة الشهرية لأول مرة كما فعل نزار في إحدى قصائده ..!.

 ولن أدخل هنا في جدلية الأدب الرجالي والأدب النسائي، فالأدب أدب. سواء كتبه رجل أو امرأة، والأديب قادر على التعبير عن بواطن المرأة، والأديبة قادرة على التعبير عن بواطن الرجل، ولكن الموضوع هو إبداع المرأة تحديداً.

 وتبقى المشكلة في تقلص إبداع المرأة المعاصرة، ليس في مجال الأدب فقط ، وإنما في مجالات أخرى وانعدامه في بعض مجالات الإبداع كالتلحين مثلاً، وهي قضية هامة لا تحتاج إلى دراسة أدبية، وإنما تحتاج إلى دراسة بحثية اجتماعية يقوم بها العلماء لبحث هذه الظاهرة الغريبة غير المبررة، ربما ينجح مثل هذا البحث في فك هذا اللغز، والإجابة على هذا السؤال الذي لم يجب عليه أحد ..!
تاريخ الإضافة: 2014-04-28 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1166
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات