تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



ميجا بكسل | الأمير كمال فرج


الصورة ـ أي صورة ـ تتكون في الأساس من مجموعة من النقط اللونية المتجاورة ، وكلما زاد عدد النقاط في حيز معين كلما كانت الصورة أكثر دقة ووضوحا، وهو ما يطلق عليه بلغة التصوير "البكسل"، ومن هنا تحدد دقة الكاميرا، فهناك كاميرا 5 ميجا بكسل، وهناك أخرى أفضل وهي  15 ميجابكسل.

 إذن فالصورة لا تتكون هكذا دفعة واحدة، ولكنها تتكون بإضافة نقطة إلى أخرى، وجهد إلى آخر، وكلما كثر الجهد كلما كانت الصورة واضحة، وكلما قلت النقاط كانت الصورة ضعيفة مشوشة.

 نفس الأمر ينطبق  في الحياة، فحتى يكون الإنسان صورة ما يجب أن لا يركن إلى رأي واحد وهو هنا يرادف النقطة الواحدة، ولكن الأفضل أن يجمع المرء أكثر من رأي لتكون الصورة في النهاية واضحة جلية لا لبس فيها. حتى يكون المرء صورة واضحة عن موضوع ما، يجب أن لا يكتفي بمعلومة، ولكن  يضع المعلومة بجوار معلومة، ثم بجوارهما معلومة اخرى، وهكذا حتى يكون أكبر عدد من المعلومات والنقاط ليحصل في النهاية على صورة واضحة.

البعض يأخذ من الحقيقة بطرف، ويترك كل الأطراف، وتكون النتيجة معلومة ناقصة مشوهة، والمؤسف أنه يبني على هذه النقطة مواقف قد تكون مصيرية. أشياء كثيرة في الحياة لا تكمن لذتها في الحصول عليها، ولكن لذتها الحقيقية في السعي لها، والإحساس بالتعب والطموح والاكتشاف والتغلب على الصعاب للوصول إليها.

 الحب والجنس والنجاح والثروة .. أشياء لا تكمن حلاوتها في الحصول عليها، ولكن في المسافة بين الرغبة والواقع، هناك دائما حلاوة للسعي لتحقيق الأحلام،  لأن الحلم ينتهي بمجرد الوصول إليه. والمتعة الحقيقية تكمن في الرحلة الجميلة بين الحلم والحقيقة.

  وسائل الإعلام تنشر على مدار الساعة العديد من الأخبار والمواقف والاتجاهات، ولو أخذ القاريء رأيا واحدا وسلم نفسه له سيقع في فخ التضليل، وستكون بالتالي مواقفه غير صحيحة، والأصح أن يقرأ المرء كل الأخبار، ويتابع كل المواقف، ويحدد هو بنفسه الرأي الصائب.

 كثير من الناس يقرأون العناوين ، .. السطر الأول، ثم يحكمون،  وينقدون وينظّرون، يؤمنون بمقولة "الجواب يبان من عنوانه" ويجهلون أن "الشيطان يكمن في التفاصيل"،  ويشترك في هذه الصفة الجميع، ففي بعض الأحيان يتحمس الناس لقرار معين، ويهللون له، ولكن بعد سنوات يكتشفون أن القرار التفت بهدوء ليطوق أعناقهم.

 نحن أمة لا تقرأ، ولا تحب القراءة، حتى في الأشياء المصيرية كتوقيع العقود، تقرأ العنوان ثم توقع بسرعة، وكأنها في أزمة، تنتهي بالتوقيع والركض، وبعد ذلك تظهر الشياطين النائمة. حتى على المستوى العام عندما يوقع المرء استمارة لفتح حساب بنكي أو الحصول على قرض أو بطاقة الائتمان، أو حتى عقد تركيب التليفون، يوقع بسرعة دون أن يقرأ ما يوقع عليه، حتى الموظف الذي يتابع معك التوقيع يوضح لك أماكن التوقيع بطريقة روتينية، لأنه يعلم  أن لا أهمية للقراءة، وانك سوف توقع وتبصم بالعشرة كالأعمى.

 وفي عالم السياسة أيضا يحدث نفس الأمر عندما يوقع الساسة الاتفاقيات الدولية دون نظر أو تمحيص، وبعد سنوات يكتشفون أنهم دخلوا الفخ بأرجلهم، وانهم باعوا الوطن بأرخص الأسعار، وأن النص الذي وقعوه وألزموا أنفسهم به أعدته مجموعة من الأبالسة.

 حدث ذلك في القرار رقم 242 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي بعد هزيمة عام 1967 والذي تضمن فقرة خاصة بالانسحاب، خاصة في النص الإنجليزي، فقد ورد في المادة "انسحاب القوات الإسرائيلية من "أراض" احتلت في النزاع الأخير". ففي النص الإنجليزي كانت الكلمة ترجمتها  "أراض" ، أما في النصوص الفرنسية والروسية والإسبانية والصينية فقد دخلت "أل" التعريف على كلمة "أراض" بحيث لم يعد هناك أي لبس أو غموض.

 ومازال لهذه الفقرة انعكاساتها الدولية،  حتى بعد مرور أكثر من خمسين عاما، حيث تتعامل إسرائيل من خلال المفاوضات البائسة التي تجري من حين لآخر، من منطلق أن الانسحاب المنتظر من "أراض" وليس الأراضي".. وترسم كافة سياساتها وفقا لهذا المعنى الخبيث.

 نحن مولعون بالعناوين، لذلك نهتم باللافتات المضيئة، ولا نهتم بالمضمون، لذلك ليس غريبا أن تجد محلا صغيرا لميكانيكا السيارات يضع لافتة تقول "مدينة الهيدروليك، وآخر بسيط الحال يضع اسم "الشركة العالمية للتسويق"، وفي المدارس الخاصة يتفشى استخدام وصف "العالمية"، دون وجود أدنى مقوماتها على أرض الواقع.

 نأكل بسرعة، ونحب بسرعة، ونكره بسرعة، ونقرأ بسرعة، ونحكم على الأشياء بسرعة، ونقرر بسرعة دون تفكير أو تمحيص،  نعمل بتكاسل ولا مبالاة، ولو أردنا لجلسنا في المنازل كالمرضى ويأتي المحاسب لتسليمنا الرواتب، نتأفف من العمل ونحترف عبارة "فوت علينا بكرة"، حتى تناول الطعام يعتبر مهمة ثقيلة، ولو أردنا لأخذنا الطعام في شكل جلوكوز.

 لقد أصابنا مرض السرعة، فأصبحنا نجري جميعا في ماراثون لا يتوقف، واختفت أشياء كثيرة جميلة ومهمة، كالتأمل والتفكير، والحب، والصيد، والعلاقات الإنسانية، والمراسلة، والحوارات الهاتفية، والمشي،  والرياضة، والطبخ، والثرثرة،  واليوجا، والغزل العفيف، حتى على مستوى الأدب تراجع النقد والتحليل والأدب المقارن.

 فكر أولا قبل أن تتكلم، ولا تحدد موقفك إلا وفق معطيات محددة، وقبل أن توقّع اقرأ التفاصيل، وتأكد أن توقيعك توقيع رجل مهم، وأن توقيعك على عقد شراء تليفون يوازي أهمية التوقيع على قرض بالملايين،  وتأكد أن موقفك سيحدد مصيرك، فالقرار  قد ينتهي بك إلى الشاطيء، أو بين فكيّ قرش، وقد يتسبب في صعودك للقمر، أو يقتلعك كما يقتلع المنجل الحشائش من الجذور.

تاريخ الإضافة: 2014-04-17 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1361
2      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات