تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



كمال العقول | الأمير كمال فرج


يهتم بعض الشباب ببناء أجسامهم لكي يصبحوا مفتولي العضلات، الجسد أهم كثيرا من العقل، والمنظر أهم من الجوهر، والقوة البدنية أعلى مرتبة من الحجة والمنطق والبرهان، لذلك وجدت رياضة متخصصة تنظم لها البطولات العالمية اسمها "رياضة كمال الأجسام"..

  يخصص الشباب أوقات طويلة في حمل الأثقال، بين الرافعات وقطع الحديد الصغيرة والكبيرة لكي تكبر عضلة هنا او هناك، يحرمون أنفسهم من الطعام، ويخضعون لحمية قاسية، ويتناولون المكملات والغذائية القاتلة التي تنفخ العضلات.

  كان جيلنا ولع بحكاية تربية العضلات، وكانت هواية حمل الأثقال هواية أساسية، وكانت الأثقال يدوية الصنع تصنع بإحضار عصا "غلية"، ثم وضع علبة سمن فارغة في كل طرف، والعمل على تثبيتهما بالأسمنت، وبعد أن يجف الأسمنت تكون لديك أداة رفع أثقال مبتكرة "ببلاش".

  كانت أسطح المنازل أشبه بـ "جيم" شعبي مليء بأدوات، كالبوكس وحمل الأثقال والمساحة كافية لعمل تمارين الضغط والاستطالة، و"تربية" العضلات، وكان الهواء الطلق عامل صحي مفيد، حيث يساعد على توفير بيئة صحية لممارسة الرياضة.

  كان من ينجح فينا في تربية عضلة، حتى ولو كانت صغيرة يتمشى مزهوا أمام بيت بنت الجيران يستعرض عضلاته كأنه "شجيع السيما"، حيث كانت هذه الرياضة تنفخ العضلات العليا من الجسم فيصبح المرء أشبه بالفتوات.

  ومع إقراري بأن القوة مهمة للإنسان، حيث قال الحديث الشريف "المؤمن القوي أفضل وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" إلا أن القوة هنا تحتاج إلى شرح، فهل القوة تعني أن أصبح مفتول العضلات كما يحدث عند هواة كمال الأجسام، الواقع يشير إلى أن نفخ العضلات يمنح بالفعل عضلات قوية، وجسد يهابه الناس، ولكن ذلك لا يعني القوة، وكم من أصحاب أجسام ضئيلة تمكنوا من هزيمة أصحاب أجسام ضخمة، فقط لأنهم استخدموا العقل، وهناك مثل شعبي يقول "أجسام البغال وعقول العصافير".

  القوة التي يقصدها الحديث الشريف تكمن في القوة الجسدية والعقلية معا، فالإسلام يدعو إلى أن يكون المسلم قويا قادرا على أداء الأعمال، وإعالة نفسه وأسرته، وخدمة مجتمعه المسلم، وأن يكون قادرا على الجهاد في حال دعت الضرورة، ولا يريد الاسلام أن يكون المسلم شخصا أسطوريا قادرا على حمل السيارات كما يحدث في أفلام الأكشن.

  العضلات المنفوخة التي نراها عند أبطال كمال الأجسام، والتي تجعل الشاب يمشي بصعوبة متطوحا يمينا ويسارا كمن يحمل على كتفيه جذع شجرة، ليست دليلا على القوة، بل يمكن أن تعيق الحركة والكر والفر والصراع، سواء أكان ذلك في خناقة في الشارع أو في الحرب الحقيقية.

  القوة الجسدية لا تكفي إذا فقدنا القوة العقلية، ولدينا في عالم الحيوان مثل، فلو كانت القوة تقاس بالحجم لكان الفيل الضخم ملك الغابة، ولكن الأسد صغير الحجم بالقياس مع الفيل أصبح ملكا للغابة بقوته ، كما أن للثعلب الصغير في الغابة مكانة وحظوة بدهائه وذكائه. القوة الحقيقية تلك التي تجتمع فيها صحة الجسد ورجاحة العقل والنباهة وسرعة البديهة والقدرة على التفكير.

 ومع أن رياضة كمال الأجسام تهتم بالجسد فقط، فإن هناك رياضات أخرى تعتمد على اللياقة الجسدية ككرة القدم والجمباز والجري والتنس والإسكواش وغيرها، وهناك على النقيض رياضات ذهنية لا دخل للجسد بها، تعتمد على التفكير فقط مثل الشطرنج.

  أي نعم معظم الرياضات حتى البدنية تحتاج إلى التفكير، وسرعة البديهة، ولكن كان الجسد هو العنصر الأساسي في معظم الرياضات، وذلك يدفعنا للسؤال التالي : لماذا لا توجد رياضة مخصصة لكمال العقول، على غرار كمال الأجسام؟.

 العلماء يؤكدون أن هناك أجزاء من المخ لا يستخدمها الإنسان من ولادته حتى وفاته، وقد حاول مبتكرو علم التفكير الرياضي "اليوسي ماس" تنمية هذه الأجزاء، وذلك عن طريق استخدام وسائل تقليدية مثل العدَّاد. وقد نجحوا إلى حد ما في ذلك الهدف، وقدموا لنا نماذج مبهرة لأطفال قادرين على ضرب وجمع وطرح وقسمة عشرات الأرقام غيبا في لحظات.

 الإنسان في نشاطاته العادية حتى عند ممارسة الرياضة يستخدم عضلات معينة في الجسم، وهناك عضلات لا يستخدمها نهائيا في حياته، ومن المعروف في علم الأحياء أن العضلة التي لا تستخدم تكون عرضة للضمور، ويضرب العلماء مثلا ـ في إحدى النظريات ـ بالزائدة الدودية التي يرون أنها كانت تستخدم في عصور بدائية قديمة، عندما كان الإنسان يأكل العشب، ومع تطور الإنسان وعدم تناوله الأعشاب، ضمر هذه العضو، وأصبح لا قيمة له.

 والعلم الحديث يؤكد أن العضلة التي لا تستخدم لا تجري بها الدورة الدموية، فتكون عرضة للتيبس والعجز، لذلك فإن هذا الكم الكبير من العضلات المخية والجسدية معرض للتيبس والعجز مع مرور الزمن.

 لذلك من الأهمية بمكان تشجيع الرياضات الذهنية التي يستخدم فيها اللاعب مخه وعقله ومهاراته والحواس الكامنة فيه. ليس ذلك فحسب، ولكن يمكن أن نخترع ـ على غرار رياضة كمال الأجسام ـ رياضة لكمال العقول، يتم بها تنمية المهارات التي يتمتع بها الإنسان كالتركيز، ودقة الملاحظة، وسرعة البديهة، وسرعة ردة الفعل، والذكاء والتفكير وغيرها .. أيضا يمكن استغلال المهارات والعضلات الكامنة التي لم تستخدم بعد.

 لا أدري شكل أو طبيعة هذه الرياضة الجديدة، هل ستكون غرفة مليئة بالشاشات وموصلة بأسلاك ومجسات، هل ستكون لعبة بسيطة أو معقدة لا أدري، ولكن يمكن للعلماء اختراع هذه اللعبة التي تجمع بين الترفيه العنصر الأساسي في أي لعبة، وتنمية المهارات الإنسانية.

 الخطورة الحقيقية المحدقة بإنسان اليوم سببها التقدم الكبير للتقنية، حيث زاد اعتماد الانسان على التقنية، وتراجعت اعتماده على التفكير، على سبيل المثال طريقة الحساب اليدوية التي تعلمناها صغارا اختفت، وأصبحت الآلة الحاسبة تفكر بدلا منا، وتعطينا فورا الإجابة الجاهزة.

  تسببت التقنية في تعطيل العديد من مراكز التفكير والتأمل والتخيل في المخ، وإذا استدعينا حكاية الزائدة الدودية التي ضمرت وتعطلت بمرور السنين، فإن الخوف قائم من يوم مقبل تتعطل فيه قدرات الإنسان، ويصبح مسخا عاجزا تتحكم به مجموعة من الآلات.

تاريخ الإضافة: 2014-04-17 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1194
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات