تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



ثورة العبيد | الأمير كمال فرج


 الخدم فئة من الناس تمتهن العمل في البيوت والقصور والملكيات الخاصة، وتتعدد مهامها لتشمل العديد من الأعمال، مثل التنظيف والغسيل والترتيب والبستنة وإحضار الحاجيات المنزلية، ورعاية الأطفال والإشراف على لعبهم وطعامهم وصحوهم ونومهم، وغيرها من المهام غير المحددة، والتي تدور كلها في مجال خدمة شخص لشخص آخر.

ولا أدري هل يمكن تأريخ هذه المهنة ومعرفة أول من اخترعها، وكيف تم ذلك، متى كانت أول عملية توظيف لخادم في التاريخ، وهل تم ذلك صدفة أم بشيء من الترتيب؟، هل كان الخادم في البداية يحصل على أجر، أم كانت العملية قسرية، وكان الخادم يعمل بلا أجر، ثم أصبحت العلاقة أكثر إنسانية، فنقد صاحب العمل خادمه أخيرا الدراهم؟.

وعلى التوازي متى كانت عملية أول استعباد في التاريخ؟، كيف نشأت ظاهرة العبيد وتطورت، وماهو الفرق بين الخدم والعبيد؟، ومن السابق واللاحق، الخادم أم العبد؟، وماهي السمات المشتركة بينهما؟ أعتقد أن السمة المشتركة الأساسية بينهما هي خدمة الشخص لآخر.

وبالطبع هناك فارق مهم بين العبد والخادم، فالأول كما جسدته كتب التاريخ عبد مملوك لصاحبه، بموجب صك محرر، سلعة قابلة للبيع والشراء، ويعمل العبد في خدمة صاحبه في كل الأعمال التي يكلفه بها، ولا يمكن أن يخرج عن طوع صاحبه، وإذا حدث فإنه يصبح بذلك مارقا يستحق العقاب الذي يصل أحيانا إلى درجة القتل.

أما الخادم فهو إنسان حر ارتضى أن يعمل في خدمه آخر مقابل أجر، ورغم الفرق الهائل بين الاثنين، إلا أن خدمة الإنسان لآخر هي جوهر الغرض بين العبد والخادم.

وقد حفلت الأدبيات بالعديد من الروايات والقصص حول فئة العبيد، عربيا وعالميا، وأشهر عبد في التاريخ الإسلامي هو بلال بن رباح الذي حرره الاسلام وحظى بأشرف مكانة وهي مؤذن الرسول، وجسدت الدراما العالمية صور العبيد في أمريكا وقصة تحريرهم، ولعل أشهرها المسلسل الأمريكي الشهير "الجذور" الذي عبر عن ثورة العبيد، والذي جسد قصة البطل الزنجي "كونتا كينتي".

 وفي كل مرة أحاول الفصل بين العبد والخادم وإقناع نفسي ببعد المسافة بينهما لا أستطيع، لأن الغرض من الاثنين واحد وهو الخدمة. فهل الخدم صورة أخرى عصرية متقدمة أكثر إنسانية للعبودية، وتطور طبيعي لها؟، أم أن الربط بينهما ضرب من ضروب المبالغة؟.

لقد خلق الله الناس أحرارا، وجعلهم متساوين في الحقوق والواجبات، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، وعندما ظهر الإسلام حرر العبيد، وساوى بين الحر والعبد، والغني والفقير، والخليفة والمواطن.

وبهذه الحركة الإصلاحية المهمة أرسى الإسلام مباديء المساواة والعدل والحرية، فأصبح الجميع متساوون أمام ربهم لا فضل لأحد على آخر، وليس لإنسان أن يستعبد إنسانا مثله، ومع انتشار الإسلام تراجعت ظاهرة الاستعباد واختفت، ورغم اختفائها وتجريمها إلا أن بقاياها ظلت موجودة حتى الآن، مستترة في أشكال ونماذج مختلفة.

الحاجة هي الدافع الأساسي لعمل الخادم أو الخادمة، فلو أجريت استفتاءا وخيرت 100 شخص بين العمل في مهن مختلفة كان من بينهم الخدمة، فلن يختار واحدا هذه المهنة، فهي من المهن غير المحبذة اجتماعيا لما تتضمنه من إهانة اجتماعية، وقهر نفسي ومعنوي، تتضمنه عملية خدمة شخص لآخر.

 وهذا الرفض العام لهذا العمل شيء طبيعي،  فلا توجد معاهد أو كليات تخرج مؤهلين للعمل في الخدمة المنزلية، ولا يوجد شخص موهوب يهوى بإرادته العمل بهذه المهنة. الحاجة والضرورة هما الدافعان الأساسيان لمن يعمل في هذه المهنة، لأن خدمة شخص لآخر أمر غير مقبول انسانيا واجتماعيا أو نفسيا.

وإذا نظرنا إلى طبيعة عمل الخدم سنكتشف بسرعة أنهم يعملون في ظروف غير طبيعية، فهم لا يعملون في مكان عام كمقار العمل، يمكن التفتيش عليه، ولكنهم يعملون داخل البيوت، في وضع يشبه أحيانا الاحتجاز، وهذه البيئة المستترة غير الطبيعية تساعد على التحكم بالخادمة، وممارسة الضغوط النفسية والعملية عليها، وقد تسمح بتجاوزات من ناحية ساعات العمل أو نوعيته، دون رقيب أو حسيب، وقد تسمح بانتهاكات ضد الخادم أو الخادمة من قبل رب الأسرة أو أفرادها، وذلك مما يصعب إثباته نظرا لطبيعة مكان العمل الخاص والمستتر.

والمتابع لواقع العمالة المنزلية في العالم العربي سيكتشف العديد من الحقائق المفجعة، حيث تتعرض نسبة كبيرة منها إلى أوضاع غير إنسانية، حيث يتم أحيانا استغلالهم وتأخير رواتبهم، واحتجازهم وإخضاعهم للعمل لساعات أكبر من المنصوص عليها قانونا، كما يتعرض بعضهم للاعتداءات والضغوط النفسية وسوء المعاملة، والإيذاء النفسي والبدني والجنسي، ويتعرض بعضهم للتعذيب وأحيانا للقتل.

وبمتابعة سريعة لصفحات الحوادث سنلاحظ ارتفاع نسبة الاعتداءات ضد الخدم وخصوصا الخادمات، وتزايد معدلات انتحار الخدم والخادمات، .. هناك خادمات انتحرن هربا من بطش مخدومهن، والبعض أصبن بالجنون والأمراض النفسية، وبعضهن تعرضن للاغتصاب، والاستغلال الجنسي والتعذيب، وبعضهن حملن من مخدومهن وعدن إلى بلادهن مجللين بالفضيحة والعار، وهذا كله يشير إلى الكارثة التي تحدث، ويعيدنا غصبا إلى الربط بين الاستعباد القديم والخدمة المنزلية الحديثة.

لا ننفي وجود الكثيرين الذين يراعون الله في خدمهم، ويعاملونهم كأفراد الأسرة، ويكفلون لهم كافة الحقوق، ولكن تزايد المظاهر السلبية يثير القلق، وإذا كانت مساويء التجربة تفوق إيجابياتها،  فإن التجربة كلها تصبح فاشلة.

والغريب أنه رغم حجم الاعتداءات التي تتعرض له الخادمات، لم نتحدث إلا عن تأثير العاملة على الأطفال وحلول الخادمة محل الأم، منظرين تأثيرات ذلك النفسية والاجتماعية.

إذا نظرنا إلى طبيعة الخدمة المنزلية سنجد أن إنسانا منحه الله كل مقومات القوة والصحة يستخدم آخرا لخدمته.. لماذا؟، ألا يستطيع هذا الشخص خدمة نفسه؟ .. بلي يستطيع، ولكن الخدمة تأخذ في بعض الأحيان شكل الاتكالية والمظاهر والسادية والفوقية والاستعلاء وتضخم الشخصية. إنني أتفهم أن يستحق الخدمة الإنسان المريض أو المسن والعاجز غير القادر على خدمة نفسه، أما الإنسان الصحيح المعافى فلماذا يستخدم الناس لخدمته؟.

أنا لا أحرُم أمرا أحلُه الله، فالخدمة المنزلية مهنة أباحها الشرع، والرسول الكريم كان له خادما، وكان صلى الله عليه وسلم يحسن اليه، ولكني أحاول أن أضع المشكلة في إطار عصر آخر تغيرت فيه الظروف والأحوال، وأصبحت الاعتداءات ضد الخادمات ترقى إلى مرتبة الظاهرة.

آمل أن نفتح جميعا ملف العمالة المنزلية، ووضع الضوابط الكفيلة بالحد من هذه المهنة، وقصرها على المريض والمسن، ووضع الضوابط الشرعية والإنسانية لها، مع استيعاب هذه العمالة في مشاريع نفعية عامة كالمصانع والمؤسسات الإنتاجية،  حتى لا تظل هذه المهنة صورة معدلة من الاستعباد القديم.

تاريخ الإضافة: 2014-04-17 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1119
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات