تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



سجن الصخرة | الأمير كمال فرج


أول وزارة ستغلق أبوابها في العالم بالضبة والمفتاح وتنقرض بفعل التطور هي وزارة الإعلام، وهذا ليس تحاملا منا على الوزارة المدللة التي تحظى بأقوى دعم من الأنظمة، ولكنها الحقيقة، ففي المستقبل لن تكون هناك وزارة للإعلام، سيتغير مفهوم الإعلام القديم كرسالة وإرشاد ووظيفة،  ليصبح الإعلام حق للجميع.

 أحدثت التقنية تغيرا كاملا في قواعد اللعبة، فبعد أن كان الإعلام في الماضي القريب حكرا على الدولة، تفتت الجبل، وأصبح الإعلام بفضل التقنية حقا مشاعا للجميع، وأصبح بوسع أي شخص ـ أكرر أي شخص ـ أن ينشيء موقعا ألكترونيا أو قناة تلفزيونية أو إذاعية عبر الإنترنت.

 كان الأمر أشبه بزلزال، أو ثورة برتقالية، أو قوة ناعمة ، سلبت سلطة الإعلام  من السلطات العربية، وانتهى بذلك إعلام القطب الواحد، وبعد أن كان الإعلام مهنة الصفوة أصبح ممارسة شعبوية يمارسها كل فئات الشعب، وبعد أن كان العمل في وسائل الإعلام يتطلب الشهادات العليا، والواسطة، أصبح لا يتطلب سوى كاميرا أو هاتف جوال.

 يجب أن نعترف بالتغير الهائل الذي حدث، لقد خلقت عملية التحرير الفضائي التي حدثت إعلاما جديدا سريعا متوثبا ، تمثل في آلاف الفضائيات ، وملايين المواقع الألكترونية، وظواهر جديدة مثل التدوين والمنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي. ولعل من أهم التأثيرات ارتفاع سقف الحرية إلى مستويات غير مسبوقة.

 الإعلام الجديد لا يتفوق فقط بالحرية، وسرعة النشر ، ومواكبة الحدث فور وقوعه، ولكنه سيتميز أيضا بكونه الأكثر ربحية، والدليل على ذلك أن الربح الذي يحققه موقع ألكتروني واحد يفوق الربح الذي تحققه المطبوعة الورقية مئات المرات.

 هذا ليس كل شيء، هذه قمة جبل الجليد، لأن التغييرات الحقيقية لم يتم رصدها بعد، على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ولا شك أن القادم مذهل.

سنوات قليلة شهدنا فيها هذا التغيير الكبير، فما بالك بالتغيير الذي سيكون في المدى غير المنظور، أنا حقا متعاطف مع منسوبي وزارات الإعلام الذين سيفقدون وظائفهم، ولكن هذه هي الحقيقة، ومن الممكن أن يبدأوا من الآن للبحث عن وظائف أخرى،  ويتكيفون مع سوق العمل.

عامل مهم سوف يعجل بوفاة وزارات الإعلام، وهي المرض الذي تعاني منه القطاعات الرسمية التي تملكها الدول، وهو ما يسمى بـ "القطاع لعام" فقد عانى هذا القطاع منذ سنوات طويلة من الترهل والبيروقراطية والفساد الحكومي، ولعل هذه الأسباب تكالبت لتصيبه بهشاشة العظام، وتجعله مرادف دائم للتخلف سواء كان ذلك على مستوى الحرية أو مستوى الأداء.

 العامل الآخر هو أن الإعلام الحكومي لم يستوعب الدرس، ولم يستوعب التغير الهائل الذي حدث، ومازال يتشبث بالوهم القديم، مما جعله وحده يشد الحبل في اتجاه، بينما العالم كله يشد الحبل في  اتجاه آخر. العالم كله يجنح للحرية والانفتاح الفضائي، وهو يجنح إلى المنع والرقابة، تعشش في رأسه الفكرة القديمة فكرة الإعلام السلطوي الموجه.

 الدليل على ذلك أن القنوات الفضائية الخاصة بما تملك من حرية في اتخاذ القرار، والقدرة على الحركة والمراوغة والابتكار والتكيف مع المتغيرات واستقطاب الكفاءات تمكنت في سنوات قليلة من التألق، وحصد مراتب أولى في الاستفتاءات الجماهيرية،  وهو ما لم يتمكن من تحقيقه الإعلام الحكومي البدين عبر مئات السنين. ليصبح السباق بين الغزالة والفيل.

 الإعلامي الحكومي يلفظ أنفاسه، ودخل في حالة موت سريري، ورغم ذلك  يكابر ويحاول القول "أنا هنا" ، سقف الحرية الذي ارتفع رغما عنه ليس في صالحه، والأشكال الجديدة للإعلام الجديد التي ظهرت وتألقت أيضا ليست في صالحه، حتى أصبح كالسمكة الصغيرة المحاطة بمئات من ألأسماك وحيتان البحر العملاقة.

إذا لم تصدق قل لي ما هو الإعلام الحكومي العربي القوي القادر على الاستمرار والمنافسة، وسائل الإعلام الحكومية في غالب الأحيان دكاكين تبيع بضاعة واحدة، لا يشتريها الناس.

 في سنوات قليلة مقبلة سيتغير مفهوم الإعلام، وتتسيد  الصحافة الألكترونية، وستختفي القنوات الفضائية، ويحل بدلا منها البث الشعبي المفتوح من خلال مجموعة هائلة من المواقع والصحف الألكترونية، والقنوات والإذاعات على شبكة الإنترنت، وسوف يكون أول ضحايا الانقلاب الإعلامي الجديد القنوات الحكومية غير القادرة على الركض والهرب والسباق.

 الحل الوحيد أن تواكب هذه الديناصورات التطور، وأن تواكب مفاهيم الحرية والانفتاح والموضوعية والشفافية والتنافسية التي أطلقها الإعلام  التقني المفتوح، ولكن هذا لن يحدث، لأن الإعلام الحكومي تأسس على أساس خاطيء، وربط نفسه بزواج كاثوليكي بالأنظمة، كالشخص الذي ربط نفسه بقطعة حجر كبيرة ، ثم ألقاها في الماء.

 من الممكن أن نجد بعض الأنظمة تكابر، وترفض إغلاق وزارات الإعلام، باعتبارها أبواق إعلامية مهمة لها، لذلك يمكن أن تظل بعض الوزارات موجودة، ولكنها ستكون مجرد كيانات شكلية مفرغة، خالية من المضمون، كالأدوات التراثية القديمة التي يفخر بها البعض، لكنهم لا يستخدمونها أبدا، كقطعة الآثار لا يراها الناس إلا في المتاحف.

 ستنتهي ظاهرة وزارات الإعلام،  ليس في العالم العربي فقط، ولكن في ربوع العالم، وسوف تظل مقارها ـ مثل سجن الصخرة ـ يقتصر دوره على الترويج  السياحي، يتردد عليه السياح ليعرفوا جزءا من تاريخ الإنسان القمعي على كوكب الأرض، ورغم المزايا ورغم الأخطاء، سيستنشق الإنسان أخيرا نسائم الحرية.

تاريخ الإضافة: 2014-04-16 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1230
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات