تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



ممنوع التصوير | الأمير كمال فرج


لماذا تتحسس الأنظمة العربية من كاميرا التصوير؟، لماذا ينزعج الناس من عيون العدسة ووميض الفلاش في كل مكان؟ ، ونرى ذلك في معظم الدول سواء في الدول المتقدمة التي تدعو للحرية المطلقة، أو تلك الدول المتأخرة المتخمة بالتقاليد والتي تولي الخصوصية منزلة خاصة، تتساوى أحيانا مع منزلة الشرف.

 وماهو الفرق بين الخصوصية والعمومية في مكان عام، يمتليء بالناس، ويعج بالمارة، سواء أكان ذلك شارعا أو مصلحة حكومية أو منطقة سياحية؟، ومن هو الذي يملك حصريا حقوق منع التصوير في المكان العام؟، وهل تجدي عبارة "ممنوع التصوير" في عصر "جوجل إيرث" القادر على تصويرك رغما عنك في الشارع والمول التجاري، وعلى أسطح المنازل، حتى في غرفة نومك؟.

 وهل يجدى منع التصوير في عصر الهاتف الجوال أبو كاميرا، وأبو كاميراتين، القادر على تصويرك دون أن تدري، فبمجرد وضع الهاتف على أذنك يمكن أخذ اللقطة في أي مكان، و"لا من شاف ولا من دري"، والبلوتوث، ناقل المعلومات والصور الجهنمي القادر على إيصال المعلومة والصورة إلى كل الناس في غمضة عين كالعفريت.

 منذ سنوات قليلة كانت وزارة التجارة السعودية تمنع بيع الجوال أبو كاميرا، وكان حمل هذا النوع من الهواتف يعتبر جريمة، ولكن هذا المنع انكسر تدريجيا بعد رواج الجوال أبو كاميرا ، ودخوله من الدول المجاورة، واعتبار الكثيرين وجود الكاميرا في الجوال شيء لاغنى عنه، وإدراك الناس في النهاية أن الجوال أبو كاميرا مثله مثل أي شيء يتوقف الأمر على كيفية استخدامه، كالسكين مثلا يمكن استخدامها في الأغراض المنزلية النافعة، ويمكن استخدامها في القتل.
 وكان "أبو كاميرا" يمثل هاجسا للجميع في أماكن العمل النسائية ومدارس البنات، ومدن الألعاب، ولازال حمل الطالبات أبو كاميرا في المدارس والجامعات مخالفة تنص عليها لائحة المخالفات الطلابية.

 ويحظر التصوير في المواقع العامة خاصة المواقع المخصصة للعائلات خوفا من استغلال بعض ضعاف النفوس التصوير لاختراق خصوصية الأسر، وقد يجد الشخص نفسه متورطا في مشكلة عويصة إذا بادر بمحاولة تصوير أطفاله وعائلته في مكان عام، اذا انحرفت الكاميرا قليلا وصورت عائلات يرتدين النقاب ولا يبين شيء منهن، وقد يجد نفسه متهما بأكبر تهمة يقرها المجتمع المحافظ وهي اختراق خصوصية العائلات. أضف إلى ذلك المرجعية الدينية التي يستند إليها البعض والذين يرون أن التصوير أساسا .. حرام.

 هذا عدا كاميرات المراقبة التي تنتشر في الكثير من الدول ولا يعلم عنها المواطن شيئا، ذكرت دراسة أعدتها المفوضية الأوروبية ان عدد كاميرات المراقبة ارتفع أربع مرات في السنوات الأخيرة في بريطانيا ليبلغ أربعة ملايين كاميرا. هذا بخلاف أجهزة التصوير السرية اللا أخلاقية والتي تشبه أدوات التجسس، والتي تبيعها بعض المواقع على الأنترنت، وتوصلها إليك في أي مكان حسب الطلب.

 ويلاحظ أن منع التصوير وإباحته يختلفان من دولة إلى أخرى، ليصبح أحد مقاييس الوعي الاجتماعي، ففي بعض الدول لا يجد المصور أي مشكلة في التصوير بالأماكن العامة، بل أنه أحيانا يسعد مواطنو هذا البلد بذلك، ويشاركونك بسعادة في صورة جماعية، ولكن في دول أخرى تتفاقم الحساسية تجاه التصوير لأسباب اجتماعية ودينية وسياسية، وقد يذهب المصور الذي يضبط وقد تجرأ على التقاط الصور بمكان عام وراء الشمس.

 والغريب أنه في بعض الحالات في المولات والشركات الكبرى يمنع التصوير بناء على الجهل، فيبرز من يفتي بمنع التصوير من تلقاء نفسه، فيخبرك بحزم أن التصوير هنا ممنوع، دون أن يدرى هل هناك منع أم لا. لأن هذا النموذج ترسخت داخله ثقافة القمع والمنع، فاعتقد أن كل شيء ممنوعا ومنه التصوير، وعندما تطلب الاستئذان من مديره يرحب بالتصوير، ولا يمانع في ذلك.

 ونحمد الله أن ليس لدينا كعرب ظاهرة "مصور الباباراتزي" ، والتي تنتشر في الغرب، وهم المصورون التابعون للصحف أو الوكالات الإعلامية والذين يقتاتون على مطاردة المشاهير والتقاط صورهم الخاصة لبيعها للصحف وكسب الملايين من الدولارات. وكثيرا ما يتبع هؤلاء المصورون وسائل غير أخلاقية لاختراق خصوصية المشاهير مثل مراقبة منازلهم والتجسس عليهم في حياتهم الخاصة، وكثيرا ما أوقعت كاميرات الباباراتزي المشاهير في حرج عندما ضبطتهم عيون الكاميرات متلبسين بالخيانة أو التخفي، أو إقامة علاقات عاطفية، أو السرقة من المحلات الكبرى، كما قامت الكاميرات الحديثة التي تلتقط رأس الدبوس بفضح تجاعيد الكثير من النجمات، كذلك الجروح والتفاصيل المكشوفة من الجسم، وأوقعت العديد من المشاهير في مواقف محرجة ومخجلة، وكانت كل صورة تتحول مباشرة إلى خبر فاضح تنشره الصحف، وقائمة الفضائح اتي كشفتها الكاميرا مليئة بالوقائع بدءا من تصوير العلاقة الحميمة بين مايكل جاكسون وزوجته ليزا بيريسلي، مرورا ببريتني سبيرز التي صورتها الكاميرا بدون ملابس داخلية.

 ربما يتحسس البعض من التصوير بسبب شعور فطري بأن الصورة ستفضح الشخصية، وتكشف سلبياتها للجميع، لذلك يخافون منها، ويخفون أعين الكاميرا بأياديهم، هل تذكرون رئيس البنك الدولي السابق ومهندس غزو العراق الأمريكي بول ولفوتيز الذي التقطت كاميرات المصورين صور له خلال زيارة لتركيا عندما خلع حذائه عند دخوله أحد المساجد، وصورته الكاميرات وهو يرتدي جوارب ممزقة، وكانت فضيحة.

 في عصر التقنية والثورة المعلوماتية أصبح العالم مكشوفا ببلدانه ومدنه وشوارعه، ولا مجال لإخفاء أي شيء، لقد أصبحت الأماكن العامة أكثر عمومية من ذي قبل، وأصبح ما يحدث في ميدان التحرير في مصر أو ميدان شارل ديجول في باريس أو قاعة الفنا بالمغرب يعرفه العالم بعد حدوثه بثوان، عبر الفضائيات ووكالات الأنباء وأجهزة البث المباشر التي ترصد دبة النملة. لذلك فإن القول بخصوصية الأماكن العامة كذبة كبرى، لقد انتهى عصر الخصوصية في الشارع العربي في عصر الفضاء المفتوح.

 وإذا احتج أحدهم على التصوير في الأماكن العامة بدعوى الحفاظ على خصوصية الأفراد، فإن ذلك يمكن الرد عليه، فما دمت ياأخي قد خرجت إلى الشارع العام، والتزمت بالقواعد المجتمعية في الظهور ـ فأنت بذلك أصبحت جزءا من عمومية المكان، فما يعرفه الناس عنك من خلال النظر في الشارع، ما هو الضرر من توثيقه في صورة ما؟، فكل ماهو متاح للنظر العام من حق الناس تصويره، ومادمت لا تفعل شيئا خاطئا فلماذا الخوف من الكاميرا ، يقول المثل "امشي عدل يحتار عدوك فيك".

 وإذا اعترض آخر بأن هناك مناطق أمنية وعسكرية يحظر فيها التصوير لأسباب أمنية، نقول، لك ذلك، رغم عدم إيماني أصلا بذلك وفقا لمبدأ أن كل ماهو عام مكشوف ومعروف، ومن يرغب في التجسس لن يحمل كاميرا يدوية، ويلتقط الصور هكذا بعبط علنا أمام الناس، فهناك كما قلنا وسائل خفية للتجسس لا يعرفها الجميع.

 من حق الجهات المختصة في هذه الحالة فقط تحديد الأماكن ذات الأبعاد الأمنية، وتعليق لافتات توضيحية في أماكن ظاهرة بلغة أو أكثر توضح فيها ذلك المنع وسببه.

 التصوير عين المجتمع الراصدة الناقدة، وهو أداة توثيق مهمة للواقع، وهو حق لكل إنسان، سواء أكان صحفيا أو مدرسا أو مندوبا للمبيعات، وهو أحد أنواع المعرفة الإنسانية كالقراءة والاستطلاع والدراسات والسياحة والعلاقات الإنسانية وليس من حق أحد منعه.. التصوير حق من حقوق الإنسان.
تاريخ الإضافة: 2014-04-15 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1147
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات