تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



نفس عميق | الأمير كمال فرج


أتمنى أحيانا لو توقف الزمن برهة، .. تتوقف فيها القطارات والطائرات والشاحنات وحركة الشوارع، تعلق الهيئات والمؤسسات أعمالها، وتحتجب الصحف عن الصدور كما كان يحدث قديما في الأعياد الرسمية ، ويتوقف البث الأرضي والفضائي، وينتهي الجدل السياسي، والصخب اللعين .

 تماما على طريقة الفانتازيا أو الخيال العلمي، .. يحرك الرجل يديه لينزل من على الدرج، فتتوقف حركته على هذه الهيئة، وتتوقف السيارات السريعة والزحام .. ويسود الصمت ..، وأبقى أنا وحدى أتحرك بين الأشكال المجمدة .. لحظة واحدة، أتمكن خلالها من أخذ نفس عميق جدا، شهيق بحجم العمر، أملأ رئتي بهواء نقي كامل لأول مرة. ثم نعود للركض من جديد.

 الحياة تدور بسرعة.. والأيام تمر كقطار مسرع بلا محطات، والسنوات تمرق كالبرق لا تستطيع الإمساك بتلابيبها، هل تصدق أن عام 2000 الذي بشرنا الجميع بأنه سيكون فاتحة الرخاء الانساني .. جاء ومر، بل مرت عليه 10 سنوات كاملة، دون أن يحدث شيء؟.

 الحياة تدور بسرعة، والشعر الأبيض يتسلل في مساحات الرأس، .. الأحداث تتوالى كالمطر ، تحدث وتنتهي قبل أن تستوعب لماذا وكيف؟،.. وأعزاء يموتون بسرعة قبل أن تقول لهم " أحبكم" ، وتيار الحياة مثل "تسونامي" يأخذ الجميع في طريقه، .. الكل يركض.. ، الكل يلهث، نأكل بسرعة، ونتحرك في أروقة العمل بسرعة، ونحب أيضا بسرعة، ونكرة بنفس السرعة.

 السرعة أطاحت بكل شيء، فتراجع الأمن، وتوحش الخوف، وأصبحت "السعادة" كلمة غريبة نادرة، لا نقرأها إلا في العبارات المأثورة التي يتناقلها الأصدقاء المولعين بجمع الجمل والحكم التي تلعب دور الأفيون والمخدر العام، واختفت من قواميسنا مفردات مثل التأمل، والاسترخاء، والوحدة، وأوقات الفراغ والرضا، والصبر الذي كان مفتاح الفرج، والقناعة التي كانت "كنزا لا يفنى".

وأنت حائر بين كل ذلك، تحاول أن تقبض على اللحظة فلاتستطيع، تحاول أن تمسك الماء فلا تتمكن، تحاول فهم الدرس، فيعلو الجرس إيذانا بانتهاء الحصة، تحاول أن تجيب في ورقة الامتحان، فينزع المراقب الورقة بعد أن تكتب "بسم الله" بحجة أن الوقت قد انتهى..، وفي الوقت نفسه لابد أن تركض أنت أيضا مع الجميع، بنفس الإيقاع اللاهث المجنون، لأنك إذا توقفت لحظة.. لحظة واحدة .. سيدهسك الناس.

 ينتابني هذا الشعور كثيرا، .. شعور أن إيقاع الحياة أسرع من المطلوب، فهل هناك خلل في نظام التوقيت، هل هناك عطب أصاب سرعة دوران الأرض .. العلماء يقولون أن سرعة دوران الأرض في المنطقة الاستوائية مثلا تبلغ 1670 كم في الساعة، أي حوالي 465 متراً في الثانية، ثم تتباطأ مع خطوط العرض العليا ، حيث تصل إلى 312 متراً في الثانية عند درجة العرض 50، وتنعدم السرعة تماماً في القطبين.

 ومادامت حركة الأرض تزيد في مناطق، وتنقص في مناطق، وتنعدم في أماكن أخرى، هل سرعة إيقاع الأرض في المكان الذي أعيش فيه أسرع ..، وهل هذا هو سبب إيقاع الحياة المتسارع؟، وهل إيقاع الحياة في مناطق أخرى يكون أقل، وهكذا ينعدم الإيقاع ويسود الهدوء في هذه المناطق ؟.

 هل السبب الاحتباس الحراري، واتساع ثقب الأوزون الذي تسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض ؟، هل ترى تسبب ذلك في حالة من الذهق العام ـ أليس حرَّا؟ ـ فزاد من إيقاع الناس الراغبين في الهروب من الهجير، التواقين إلى مساحة ظل؟.

 ربما يدعم ذلك ما قرأته منذ سنوات دراسة تشير إلى وجود ارتباط ما بين ارتفاع درجة الحرارة والحالة النفسية للناس، وأذكر أن هذه الدراسة لمحت إلى ازدياد الشجار نتيجة لذلك، وهو أيضا احتمال قد يدعمه الحس الشعبي العادي، وبدون حذلقة، فالمعروف أن "الحرّ" يولد "الذهقان" و"الطفشان"، ويجعل الناس تثور لأتفه الأسباب، في الأتوبيس، وأمام طابونة الخبز، وأمام شبابك تسديد الفواتير وصرف المعاشات.

 هل السبب التقنية التي جعلت الإنسان مجرد ترس في آلة كبيرة، أم تراها الظروف المعيشية الخانقة التي جعلت القلق مرضا للعصر ، لم يهتم برصده الخبراء، فصار القلق هو المحرك الأساسي للناس، الغنى والفقير ، الكبير والصغير، الرجل والمرأة، .. الكل يتزاحم في شوارع الحياة المكتظة للحصول على مبتغاه.

 هل هي قلة الإيمان، وابتعاد الناس عن الرابط الإلهي، هذا الرابط القوي الذي يحمى ويقوي المرء ويدعمه، ويمنحه الأمن والسكينة والسلام النفسي والاجتماعي، ويحميه من الضياع في الفضاء الخارجي. إذا لم يكن هذا هو السبب، ولا ذاك، ولا تلك، فماذا هو السبب إذن ..

 أحتاج إلى لحظة .. مجرد لحظة لأخذ نفس عميق .. أملأ فيها رئتي بالهواء النقي، لأول مرة، أنظف روحي ونفسي، وأتذوق طعم الشهيق، وأقبض على طائر السعادة المراوغ المشاكس الجميل.



تاريخ الإضافة: 2014-04-15 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1068
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات