تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الخاسر الأكبر | الأمير كمال فرج


أتمنى أن تضطلع مؤسسة بحثية عربية لدراسة موضوع جديد لم يتطرق إليه أحد،  وهو "حجم الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد العربي نتيجة عدم الاستعانة بالموهوبين وذوي القدرات الخاصة في المشاريع"، موضوع غريب .. نعم، ولكنه مهم لرصد نزيف المليارات التي يفقدها الاقتصاد سنويا بسبب إسناد المشاريع المختلفة،  سواء أكانت تجارية أو فنية أو خدمية أو غيرها إلى الكفاءات المتواضعة، وفي الوقت نفسه إهمال الاستعانة بذوي الكفاءات والقدرات الخاصة.

 أعتقد أن الرقم الذي ستكشف عنه الدراسة المرتقبة سيتعدى الترليونات، وذلك لتفشي فشل مشاريع كبرى في العالم العربي،  رغم ما رصد لتنفيذها من ملايين، وما حظيت به من دعم، والسبب هو افتقادها للكفاءات اللازمة،  الأمر يدعو أحيانا إلى الغيظ والإحباط، عندما يرى المرء مشاريع صغيرة تسلحت بالكفاءات فنجحت، وتحولت في سنوات قليلة إلى مشاريع كبيرة تدر الأرباح، وتكون إضافة إلى المجتمع والوطن،  بينما في المقابل نجد مشاريع كبيرة خصصت لها الميزانيات الضخمة، وجيش من المستشارين والسكرتارية والإنفاق الإعلاني الضخم، ولكنها فشلت الفشل الذريع. يتساوى الأمر إذا كان المشروع مجرد فتح بقالة صغيرة أو سفلتة شارع، أو إنشاء مصنع،  أو تأسيس مشروع استثماري كبير.

 لا أقصد هنا ظاهرة الفساد التي تتفشى في المجتمعات العربية، وتتعدد مظاهره، حتى أصبح يشبه القانون السري الخاص الذي يفرض قواعده على الأفراد والمجتمعات، ويتسبب جانب منه فقط وهو الفساد السياسي في خسائر سنوية تقدر بـ ‏1.6‏ تريليون دولار وفقا لتقرير للأمم المتحدة،  ولكني أقصد هنا خسائر من نوع آخر لم ترصده المؤسسات الدولية،  وهو ما يمكن أن نسميه "خسائر طرد المهارات".

 ولعل هذا المصطلح يوحي بحجم المشكلة، حيث يعتبر عدم الاستعانة بالمهارات في المشاريع سلبية ذات شقين الأول هو الاستعانة بالكفاءات الضعيفة، وما يتضمنه ذلك من منح الفرصة لكفاءات متواضعة لكي تنمو وتقوى وتتعاظم في المجتمع، وما ينطوي على ذلك من ضرر، والشق الآخر من المشكلة تكمن في عدم منح الفرصة الحقيقية لمن يستحقها، وفي ذلك تأثير نفسي لا يمكن تجاهله، وفي الحالتين يكون الخاسر بالدرجة الأولى هو المستثمر الذي يفقد أمواله عندما يتعثر المشروع، ويكون الخاسر الثاني الموهوب نفسه الذي لم يجد الفرصة للتعبير عن إبداعاته، وفي النهاية يكون المجتمع هو "الخاسر الأكبر"، مع الاعتذار لبرنامج الواقع التلفزيوني الشهير.

 وفي الأمر جانب أخلاقي مهم، ففضلا عن الخسائر المادية، هناك أيضا نوع غير منظور ومقدر من الخسائر، حيث يتسبب منح الفرصة لغير الموهوب ليس فقط في حرمان الموهوب من فرصته، ولكن يتسبب أيضا ـ ككتلة النار المشتعلة ـ في حريق كبير يمتد لفترة يعلم الله مداها، حيث يتسبب غير الكفء الذي منح فرصة أو منصب لا يستحقه في تخريب مستمر  ـ كالبكتريا العنقوديه الإنتهازية ـ ليس على مستوى الشركة التي عمل فيها، ولكن على مستوى الجهات اللاحقة التي سيعمل بها. حيث سيقوم هذا الشخص بالاستعانة بضعاف الموهبة، لتستمر المشكلة وتتفشى في قطاعات أخرى كالمرض الذي ينتقل ويتحول ويصيب أجيالا جديدة من الضحايا.

 سبب هذه المشكلة في رأيي هو افتقاد المستثمر العربي لآلية استقطاب الكفاءات في مختلف المجالات، وعدم وجود نظرية محددة للتوظيف تعني بالعنصر البشري الماهر الخلاق. حيث يقتصر الأمر في كثير من الأحيان على العفوية والارتجالية، حيث يتم إسناد المشاريع إلى عناصر عن طريق المعرفة الشخصية أو الصيت الإعلامي أو سابق الخبرة، أو مكاتب التوظيف، وكلها مصادر لا يمكن الوثوق بها، حيث يمكن تزييفها أو المبالغة فيها على الأقل، وتكون النتيجة تعثر المشاريع، وخسائر بالجملة، وتسريح موظفين، وتبدد أفكار عقدت عليها الآمال، وأخذت الكثير من الجهد والوقت والمال.

 الأمر يحتاج استحداث آلية جديدة للتوظيف توازي إدارة الجودة،  تعتمد على استقطاب الكفاءات، على ان لا تكون هذه الآلية آلية روتينية هامشية، ولكن تكون خطوة مركزية أساسية في تأسيس المشروع، على أن تخضع لاعتبارات مختلفة، ويخصص لتنفيذها الوقت الكافي، لأن اختيار الكفاءات والمهارات وذوي القدرات الخاصة هي كلمة السر في نجاح أي مشروع.

 لا أنصح بوضع قواعد إنشائية يتم إتباعها بدقة وتشدد، لأن القواعد أحيانا تكون طاردة للكفاءات عن عمد أحيانا، وعن عدم معرفة أحيانا أخرى، على أن يتحلى الشخص المكلف بعملية تأمين المهارات البشرية بالأمانة والخبرة والعلاقات وموهبة الاكتشاف، لأنه في كثير من الأحيان  يكون ذوى المهارات الخاصة موجودين خارج السياق الرسمي، ويا حبذا لو اشترك صاحب المشروع مع القائم بالتوظيف في هذه المهمة لنضمن بذلك المسؤولية وحسن الاختيار، والأجدى المزج بين الوثائق والخبرة ومنح الفرصة، والاكتشاف، وبعد النظر والنظرة الشخصية.

 أتمنى أن نتدارك الأمر بإيلاء موضوع "إبداع القوى البشرية" الاهتمام لوقف النزيف المستمر الذي يعاني منه المستثمر والمجتمع على حد سواء.




تاريخ الإضافة: 2014-04-14 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1156
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات